مقتدى الصدر: نواجه حربا عقائدية بدعم من أياد خارجية

مقتدى الصدر: نواجه حربا عقائدية بدعم من أياد خارجية

كشف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، للمرة الأولى عن وجود أياد خارجية خلف ظهور ما يسمى بجماعة أهل القضية، في تأكيد لتسريبات سابقة من داخل التيار تتحدث عن وقوف إيران خلف ظهور هذه المجموعة، بغرض التشكيك في عقيدة التيار، وخلق فتنة داخله.

بغداد – تحدث زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن حرب عقائدية يتعرض لها تياره، متهما منشقين وفاسدين بالتورط فيها بدعم من أطراف خارجية، موجها رسالة إلى أتباعه للخيار بين القبول به كقائد إصلاحي غير مجتهد ولا معصوم أو “الفراق إلى يوم الدين”. وجاء ذلك خلال زيارة قام بها الصدر إلى مرقد والده (محمد صادق الصدر) وشقيقيه، في محافظة النجف، تزامنا مع الذكرى الخامسة والعشرين لاغتيالهم.

وهذه المرة الأولى التي يشير فيها الصدر إلى وقوف أياد خارجية خلف بروز أفكار منحرفة داخل التيار، وكان مقربون من الصدر لمّحوا في وقت سابق إلى دور لإيران في ظهور ما يسمى بجماعة “أصحاب القضية”، الذين يروجون إلى أن الصدر هو المهدي المنتظر.

وقال الصدر إن “هذه الزيارة للسيد الوالد أصالة عن نفسي ونيابة عن المؤمنين الذين حرموا من الزيارة بسبب ذوي العقائد المنحرفة”، مبينا أن “كل من ادعى بأني الإمام المهدي فهو عدو الله وعدو آل الصدر وعدوي على وجه الخصوص، بل وكل من خذلني بإبعاد هذه الشبهة عني ولم يقاطعهم فهو ليس مني في شيء، إلا إذا تاب وأصلح واتقى، والله يحب المتقين، ولا توبة للمدعين”.

وتابع الصدر “لمن يدعي بأنني المصلح الأمين أقول لا تشوهوا وجه الإصلاح والمصلحين، فما أريد أن أكون جبارا في الأرض، وما أريد أن أكون من المفسدين ولا مع الفاسدين، لا في داخل التيار ولا خارجه، وما أكثر فسادا أن يدعي الفرد الإمامة، وما أكثر فسادا أن تدعوا لي ذلك، فإن رضيتم بي قائدا إصلاحيا غير مجتهد ولا معصوم ولا إمام فأهلا بكم، وإلا فهذا فراق بيني وبينكم إلى يوم الدين”.

ولفت الصدر “ثم أريد أن أنوه بأن الحرب السياسية مع الفاسدين قد تحولت إلى حرب عقائدية، فهذا ديدن الفاسدين والمنشقين وتدعمهم أياد خارجية”. وكان زعيم التيار الصدري ألغى في مارس الماضي مراسم الزيارة السنوية في ذكرى وفاة والده المرجع محمد صادق الصدر، على خلفية ظهور جماعة توصف بـ”أصحاب القضية” وتعتقد بأن مقتدى الصدر هو الإمام المهدي، الإمام الثاني عشر لدى المسلمين الشيعة.

وقال الصدر، في تسجيل صوتي حينها، إنّ الهدف من قراره “البراءة من الشواذ وذوي العقائد المنحرفة ممن يدعون أنني الإمام المهدي، فأنا مقتدى بن محمد الصدر، وأنا خادم لشع نعلي الإمام المهدي، ولا أدعي ذلك وما كان لي أن أدعي ذلك، أو أن يدعي لي ذلك أحد”. واتهم الصدر من وصفهم بـ”الميليشيات الوقحة” بدعم “أصحاب القضية”، وعدهم “منافقين”. وشدد على أنّ “أفضل عقوبة لهؤلاء هو حرمان الجميع من مراسم العزاء في ذكرى استشهاد الوالد لهذا العام، ليكون من آل الصدر والمخلصين لنا إعلانا للبراءة منهم ومن وجودهم بيننا”.

ووجه الصدر بـ”إيقاف كل مظاهر العزاء هذا العام في النجف، وإغلاق مرقد المرجع الصدر لمدة خمسة أيام”، مطالبا أتباعه بـ”الطاعة وعدم الحضور لأداء العزاء”، وحثهم على “منع أصحاب القضية من زيارة قبره مستقبلا”.

كما أمر بتجميد تياره لمدة عام كامل، إلى حين تطهيره من هؤلاء، طارحا في وقت لاحق وثيقة موقعة ببصمة الدم تلزم أتباعه بالقطع مع الأفكار المنحرفة. ولم تؤد خطوات الصدر إلى القضاء على هذه الجماعة التي ظهرت عناصر تحسب عليها في تسجيل فيديو الأسبوع الجاري مشددة على أن الصدر هو المهدي المنتظر.

وقام أحد العناصر بقراءة بيان موجه لـ”أصحاب القضية” قال فيه “ستكون هناك خطوتان نصرة للمصلح الأمين، الخطوة الأولى: يجب أن نكون يدا واحدة ونقف على دار المصلح الأمين (ويقصد مقتدى الصدر) ونبايعه ونهتف باسمه (يا مهدي الأمم جئناك لنبايعك بأرواحنا وأجسادنا وأموالنا وأهلنا وبكل شيء ونطالب بكسر عزلته والرجوع إلينا لقيم دولته وهي دولة العهد الإلهي)”.

وأضاف المتحدث في التسجيل القصير الذي بث على منصات إلكترونية “أما الخطوة الثانية وبعد مبايعة المصلح الأمين سنتجه إلى عاصمة الفساد والمفسدين بغداد للانقلاب على دولة بني العباس التي يترأسها الطاغية محمد شياع السوداني سفياني العصر، ونزيح دولة الفساد والإفساد، ونرجعها إلى صاحب الحق، وهو المصلح الأمين”، متابعا “ولا تكون دولة ولا قيادة إلا بيد المصلح الأمين”.

ويرى مراقبون أن ظهور تسجيل فيديو جديد للجماعة على الرغم من إعلان الصدر مرارا وتكرارا البراءة منها، يشي بأن من يقفون خلفها قوى لديها مصلحة في التشكيك في عقيدة التيار وضربه من الداخل.

وكان التيار الصدري خاض عقب الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر 2021، مواجهة حامية مع القوى الموالية لإيران، على خلفية تشبثه بتشكيل حكومة أغلبية، وكادت أن تتحول هذه المواجهة إلى صدام مسلح، لولا قرار الصدر التراجع وإعلان الانسحاب من العملية السياسية.

◙ على الرغم من انسحاب الصدر من العملية السياسية، لكن خصومه ومن خلفهم إيران ظلوا متوجسين من عودته

ويقول المراقبون إن على الرغم من انسحاب التيار والتخلي عن تجسيد فوزه في الانتخابات، لكن خصومه السياسيين ومن خلفهم إيران ظلوا متوجسين من عودته إلى الساحة، ولا يستبعد المراقبون أن يكون ظهور “أصحاب القضية”، يندرج في سياق محاولة لضرب التيار من الداخل والتشكيك في عقيدته.

وقال حيدر جليل الجابري، مدير المكتب الخاص للصدر، في تغريدة على حسابه على تويتر إن “هدفهم تشويه سمعة الخط الصدري والنيل منه وإظهاره بأنه فاسد عقائديا، إضافة إلى إشعال نار الفتنة والخلاف الداخلي بين أبناء التيار الصدري وإشغاله بمشاكل جانبية لغرض تفتيته وإضعافه”.

وعلى مر الفترات الماضية ظهرت العديد من الجماعات المهدوية، على غرار جماعة جند السماء التي ادعى قائدها أنه المهدي المنتظر، وخطط لاحتلال مرقد الإمام علي بن أبي طالب بالنجف، وقتل أو اختطاف المراجع الشيعية البارزة في يوم عاشوراء الذي كان يصادف يوم الثلاثاء الثلاثين من يناير 2007، قبل أن تجري تصفيته على يد القوات العراقية، في التاسع والعشرين من يناير من نفس العام.

واعتبر محمد نعناع، الباحث في الشأن السياسي العراقي، أن جماعة “أصحاب القضية” هي مشروع سياسي ضد زعيم التيار الصدري “ولا يمكن إطلاق عليهم وصف مجموعة عقائدية”. وقال نعناع في تصريحات لصحيفة “المدى” المحلية “مثلما عاد الصدر بعد أن أنهى حلم المالكي بالولاية الثالثة بعد 2014 قد يعود الآن إذا تهيأت له الظروف، لذلك يذكون (خصومه) حركة أصحاب القضية التي تتسرب معلومات عن أنهم في النهاية قد يقومون بتصفية زعيم التيار الصدري إذا بقي مصرا على موقفه من رفض هذه الجماعة”.

وتحدث نعناع عن بعض التيارات الشيعية التي ترى أن خطر الصدر لن ينتهي “إلا بالقضاء عليه نهائيا وقتله”، مشيرا إلى أن “الوقت الحالي قد يكون مناسبا لإثارة الفوضى والتخلص من الصدر إلى الأبد”.

العرب