الحرب على داعش: معركة تضامنية أم صراع وجود

الحرب على داعش: معركة تضامنية أم صراع وجود

_68238_vol3

اختلطت أوراق الحرب السورية التي اقتربت من إنهاء عامها الخامس في خارطة غريبة، لا تخلو من المفاجآت التي تتوالى واحدة تلو الأخرى، وتحول مسارها عن الهدف الرئيسي الذي قامت من أجله.

وشهدت الأيام الأخيرة الإعلان عن “مواقف رسمية” لعدد من الدول الكبرى في مشاركتها في الحرب على أكثر التنظيمات “خطورة” على المستوى الدولي.

عدد من المحللين السياسيين والمراقبين اعتبروا أنها حرب “وجود”، كما هو الحال بالنسبة إلى التدخل الروسي، والبعض الآخر وصف انضمام بعض الدول بـ“المجاملة”، وعلى وجه الخصوص الإعلان البريطاني والألماني الذي أعقب الهجمات التي تعرضت لها “الشقيقة” الأوروبية، فرنسا في الثالث عشر من الشهر الماضي.

وأكد حسن المومني الخبير في النزاعات الدولية “أن التحالف الدولي جاء في البداية كردة فعل أميركية لتأثير داعش على العراق، ثم تغير نتيجة عمليات ذبح الكثير من الرهائن، وهو ما شكل دافعية عند الأميركيين وغيرهم”.

وأضاف المومني قائلا “إن الموقف التركي تجاه داعش تطور بشكل طبيعي نظرا لطبيعة الأزمة، وقربها منها وما تشكله من خطورة على أمنها”، مشيرا إلى “أن داعش هو نتاج لحالة الفوضى الحاصلة في الإقليم والتحول على الصعيد العالمي في موازين القوى”.

التحالف الدولي جاء في البداية كردة فعل أميركية لتأثير داعش على العراق، ثم تغير نتيجة عمليات ذبح الكثير من الرهائن

وعن الموقف الروسي، بين المومني “أن بوتين منذ توليه رئاسة بلاده وهو يسعى لاستعادة مكانة روسيا الدولية، فالموقف مدفوع برغبة في استعادة نفوذها وإعادة دورها التاريخي”.

وأوضح الخبير الأردني “أن انضمام بريطانيا وألمانيا مؤخرا هو عملية تضامنية لما جرى مع باريس ولدعم السعي الفرنسي، الذي أصبح القضاء على داعش أولويته بعد تفجيرات الشهر الماضي”.

ومن جهته أرجع عامر السبايلة المحلل السياسي “أن تصاعد الأحداث على الأرض هو الذي فرض الإستراتيجية الحالية، فتنظيم داعش لم يكن يشكل خطرا على الجميع، ولكن ما آلت إليه الأمور الآن غيرت التعامل مع المسألة، لا سيما استهدافه لأوروبا الذي أدى إلى تحول مواقف فرنسا والدول الأوروبية، وهذا ما سينتقل لاحقا إلى الكثير من الدول”.

ورفض السبايلة فكرة الحديث عن أن التحالفات الدولية هدفها تقسيم الشرق الأوسط من جديد، مبينا “أنه (الشرق الأوسط) مقسم سيكولوجيا، والعالم أصر على أن يراه من زاوية إثنية ودينية، دون أن يكون الموضوع بمثابة خطة يتم تنفيذها بحذافيرها بقدر ما هو ركون عربي في هذا الجانب”.

من جهته، ربط مأمون أبو نوار المحلل العسكري والطيار الحربي، بقاء “داعش” ببقاء النظام السوري وروسيا وإيران، بقوله “ما دام النظام السوري وروسيا وإيران وبقية حلفائهم موجودين فإن داعش باقٍ، ولن يزول هذا التنظيم إلا إذا انهار النظام السوري، وما يحدث في سوريا من تحالفات هو حرب وجود”.

وأكد أبو نوار “أن روسيا تدعم الأكراد على الحدود التركية لتنقل الفوضى إلى الداخل التركي لإبعاد أنقرة عن سوريا بشكل كلي، ولهذا فإن ما تحدثت عنه تركيا وكيري عن إقامة المنطقة الآمنة مهم جدا، لأنها ستكون نواة للائتلاف وتمنع الهجرة عن أوروبا أيضا”.

الأزمة دخلت منعطفا جديدا، عقب بدء روسيا بمهاجمة مدن وبلدات ومواقع في سوريا، منذ نهاية سبتمبر الماضي

أما فايز الدويري الخبير العسكري فلم يشكك في مدى خطورة داعش على الأمن والسلم العالمي، لكنه شدد على أن هذا التنظيم أصبح وسيلة لتحقيق غايات الدول والحفاظ على مصالحها، مشيرا إلى أنه لو توفرت الرغبة الحقيقية في القضاء عليه لفعلت القوات المنخرطة في القتال ضده ذلك في غضون ستة أشهر فقط منذ احتلاله للموصل في يوليو من العام الماضي.

ودعا ممدوح العبادي الوزير الأردني الأسبق، إلى ضرورة إيجاد حلول وتفاهمات متبادلة بين جميع الدول لتجنب الخطر الكبير الذي يكتنف هذه المرحلة، لأنه إذا لم تحسم الأمور فإن شرها سيشمل كل الدول.

ومنذ منتصف مارس 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 44 عاما من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ودفع سوريا إلى دوامة من العنف، جسّدتها معارك دموية بين قوات النظام والمعارضة، لا تزال مستمرة حتى اليوم وسقط خلالها الآلاف من القتلى، بحسب إحصائيات أممية.

لكن هذه الأزمة دخلت منعطفا جديدا، عقب بدء روسيا بمهاجمة مدن وبلدات ومواقع في سوريا، منذ نهاية سبتمبر الماضي، وتقول موسكو إن هذا التدخل “يستهدف مواقع تنظيم داعش”، الأمر الذي تنفيه كل من واشنطن، وعواصم غربية، وقوى المعارضة السورية التي تقول إن أكثر من 90 بالمئة من الأهداف التي يضربها الطيران الروسي لا يوجد التنظيم المتطرف فيها، وإنما تستهدف المعارضة، ومواقع للجيش للحر.

صحيفة العرب اللندنية