طرابلس – أعلنت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها عن إطلاق المرحلة الثانية من عمليتها الأمنية التي بدأت الخميس الماضي في مدينة الزاوية، في وقت أغلق مسلحون إمدادات الوقود بالمدينة احتجاجا على القصف.
وهذا التصعيد من جانب حكومة عبدالحميد الدبيبة والجماعات المسلحة، يثير مخاوف من انزلاق منطقة غرب ليبيا إلى حرب جديدة وانهيار الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة ودول إقليمية لإجراء الانتخابات وتحقيق تقدم سياسي.
وأشادت وزارة الدفاع في حكومة الدبيبة بنجاعة العمليات الأمنية التي بدأت الخميس الماضي باستهداف عدة مواقع غرب طرابلس وصفتها بأوكار عصابات تهريب الوقود والبشر والمخدرات، رغم الاتهامات التي وجهت لها بأنها تهدف إلى تصفية حسابات سياسية وليس لمكافحة التهريب.
ولم ترشح حتى الآن معلومات عن نتائجها من حيث الضحايا البشرية والخسائر المادية.
وقالت الوزارة في منشور عبر صفحة مكتب الإعلام الحربي على فيسبوك، إن “المرحلة الأولى من عملياتها انطلقت باستهداف عدد من الأهداف المحددة، بكل دقة عالية أثبت فيها أفراد القوات المسلحة الجوية والأجهزة الاستخباراتية جدارتهم العالية وكفاءتهم”.
وبحسب الوزارة، فقد نتج عن العملية “تدمير سبعة قوارب معدة للاتجار بالبشر، وستة مخازن لتجار المخدرات والأسلحة والمعدات التي تستخدمها العصابات الإجرامية، وتسعة صهاريج تستخدم لتهريب الوقود إلى الخارج”.
وأكدت الوزارة دقة عملياتها، وإتباعها كل الإجراءات الاحترازية لحماية المدنيين، معلنة إطلاق مرحلة أخرى من العملية.
وجددت الوزارة دعوتها لكل المواطنين بالتعاون التام مع القوات المسلحة، والابتعاد عن أي مواقع مشبوهة للعصابات الإجرامية، مشيرة إلى أن سلامة المواطنين وممتلكاتهم هي غايتها.
وأفادت الوزارة بأنها سوف تنشر للرأي العام في الوقت المناسب بيانا موثقا بالفيديو للضربات الجوية في مرحلتها الأولى، مؤكدة استمرار العملية الأمنية حتى تحقيق أهدافها المرجوة.
ومساء الاثنين، أغلقت مجموعات مسلحة، مساء الاثنين، خطوط نقل الوقود والغاز الواقعة قرب مصفاة الزاوية لتكرير النفط، مما سيؤثر على إمدادات الكهرباء غرب البلاد.
جاء هذا التحرّك احتجاجا على القصف الجوي الذي تعرضت له عدة مواقع بمدينة الزاوية، ضمن العملية العسكرية التي أطلقتها حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها لاستهداف ما وصفتها بأوكار عصابات تهريب الوقود والبشر والمخدرات، وأدى إلى مقتل مدنيين وخسائر مادية فادحة بالبنية التحتية.
وفور إقفال خطوط نقل الوقود عن محطات طرابلس، حذر الناطق باسم الشركة العامة للكهرباء وئام التائب عبر حسابه على فيسبوك من “أن استمرار إقفال خطوط نقل الوقود المغذي للمحطات سيؤدي إلى فقدان الإنتاج بعد بلوغه أرقاماً قياسية لأول مرة في تاريخ الشركة.
وأضاف التائب في تصريحات لاحقة أنّ الإمدادات انقطعت عن كافة محطات توليد الكهرباء على الساحل الليبي، وقال “لن تُستثنى أي مدينة من انقطاع التيار الكهربائي في حال استمرار توقف تدفق الوقود من مصفاة الزاوية”، داعياً كافة الأطراف لتجنيب الكهرباء مغبة التجاذبات السياسية والعسكرية.
وفي الأثناء، يستمر إغلاق الطريق الساحلي الرابط بين العاصمة طرابلس والحدود التونسية، لليوم الثاني على التوالي من قبل المجموعات المسلّحة التي هدّدت حكومة الدبيبة برّد قاس على الهجمات التي تتعرّض لها مدينة الزاوية.
ونفذت القوات الموالية لحكومة طرابلس، منذ الخميس الماضي غارات جوية على مواقع تابعة لميليشيات مسلحة معارضة لها في مدينة الزاوية وأخرى في مدن صرمان والعجيلات، غرب طرابلس، في خطوة أثارت انتقادات واسعة وأشعلت خلافات واسعة بين أقطاب السلطة بالبلاد، حيث اتهم معارضو الدبيبة، بمحاولة تصفية خصومه تحت غطاء محاربة الجريمة ومكافحة التهريب.
والاثنين، قال البرلمان الليبي في جلسة عامة، إن القصف الجوي الذي تعرضت له مدينة الزاوية هو بغرض تصفية حسابات سياسية وليس لمكافحة التهريب، مشيرا إلى أنه سيخاطب المنظمات الأممية ومحكمة الجنايات الدولية والبرلمان التركي بشأن هذه الأحداث.
وفي وقت سابق الجمعة، طالب رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، المجلس الرئاسي بسحب صلاحيات الطيران المسير وقيادته من الدبيبة، متهماً إياه باستغلاله لغايات سياسية.
وأكد المشري في بيان، رفضه توظيف الدبيبة بصفته وزير الدفاع، لسلاح الطيران المسير “لتصفية حسابات سياسية ضد أطراف مختلفة معه سياسيا بحجة نبيلة كمكافحة الجريمة”.
كما أعربت الولايات المتحدة عبر سفارتها عن قلقها من استخدام أسلحة في مناطق مدنية وإمكانية حدوث المزيد من العنف، مطالبة القادة الليبيين ببذل كل ما في وسعهم لتهدئة الوضع واتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لحماية أرواح المدنيين.
وأكدت السفارة البريطانية، في بيان، متابعة بلادها للوضع في الزاوية عن كثب، وشددت على أنّ “استخدام الأسلحة التي تعرّض أرواح المدنيين للخطر أمر غير مقبول”، داعيةً جميع المعنيين إلى “عدم التصعيد، وتجنب أي أعمال تهدد حياة الناس اليومية بشكل أكبر”.
وقال عضو مجلس النواب في الزاوية علي أبوزريبة، لقناة تلفزيونية محلية، إن “طائرات مسيّرة تركية استهدفت منزله بمدينة الزاوية” الخميس، في عملية عسكرية أطلقتها حكومة الوحدة الوطنية في المدينة.
واتهم أبوزريبة “رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة الفريق أول محمد الحداد باستهداف منزله”، وقال إن “أوكار المخدرات معروفة في الزاوية، واستهداف منزلي كان مقصودًا”.
بدوره عبر المرشح للرئاسة الليبية سليمان البيوضي عن رفضه للقصف الذي قامت به الطائرات المسيرة التركية واستهدف مواقع في مدينة الزاوية، معتبرا أنه ينذر بإشعال فتيل الحرب في ليبيا.
وقال البيوضي إن “ما قاله عضو مجلس النواب علي أبوزريبة بخصوص قصف الطيران المسير، يؤكد ما أدرجته (…)، وبالنظر إلى ردود الأفعال في المنطقة الغربية عموما والزاوية خصوصا، يؤكد أن هناك محاولة علنية لإشعال فتيل الحرب في ليبيا، وتأكيد بأن الدبيبة لم يعد شخصية جامعة بل أضحى خطرا حقيقيا على استقرار ليبيا”.
وأضاف في تدوينة على صفحته بفيسبوك أن “حالة التجييش والتشنج تتطلب موقفا واضحا من قيادات مصراتة السياسية والأمنية ضد بعض المحسوبين عليها ممن يحاولون توريط المدينة في حرب متسلسلة تبدأ من الزاوية وغرب البلاد لتمر نحو الجنوب والهلال النفطي، تحقيقا لرغبات إقليمية وسعيا لحماية مكاسب سياسية واقتصادية (لأفراد وعائلات)”.
ورغم المواقف الرافضة للعملية من عدة أطراف ليبية، لا يزال المجلس الرئاسي في طرابلس، ورئاسة الأركان بالجيش في طرابلس، يلتزمان الصمت حيال العملية.
وتقع الزاوية على بعد 40 كيلومترا غرب طرابلس، وهي ثالث أكبر مدن الغرب الليبي من حيث المساحة والسكان، وتقع فيها أكبر مصفاة نفط ليبية، وتنشط فيها منذ عام 2011 عدة عصابات تختص بتهريب الوقود المدعوم، والمهاجرين غير الشرعيين، وتجارة المخدرات.
العرب