واشنطن- رغم الإعلان عن اتفاق حاسم لرفع سقف الديون الفدرالية خلال عطلة نهاية الأسبوع بين الرئيس الديمقراطي جو بايدن وكيفن مكارثي الجمهوري رئيس مجلس النواب، يواجه المشرعون أوقاتا عصيبة في التعامل مع مشروع القرار بعد عودتهم اليوم الثلاثاء إلى واشنطن عقب انقضاء عطلة عيد الذكرى.
وأمام المشرعين في مجلس النواب ومن بعده مجلس الشيوخ 5 أيام فقط قبل الخامس من يونيو/حزيران، وهو أحدث موعد حددته وزيرة الخزانة جانيت يلين، ليكون موعدا نهائيا لبدء تخلف الحكومة الأميركية عن سداد التزاماتها المالية.
ويدفع الاتفاق الجديد، الذي جاء في 99 صفحة، بتعليق حد الاقتراض لمدة عامين، والحد من الإنفاق الحكومي خلال تلك الفترة. ومن شأنه أن يخفض الإنفاقَ على الأولويات المحلية التي يفضلها الديمقراطيون، بينما يعزز الإنفاقَ العسكري بنحو 3%. كما أنه يوسّع نطاق القيود المفروضة على تقديم المساعدات الغذائية الفدرالية لحث المستفيدين على العثور على وظائف.
ويواجه بايدن ومكارثي معارضة داخلية قوية سواء من التيار التقدمي بالحزب الديمقراطي الذي يرفض أي تخفيض للإنفاق في برامج الرعاية الاجتماعية، أو من التيار اليميني المتشدد في الحزب الجمهوري الذي يرى أن الاتفاق لم يذهب بعيدا بما يكفي للحد من الإنفاق الفدرالي.
وبعيدا عن هذه الخلافات، تطفو على السطح نقاط وعقبات إجرائية سواء داخل مجلس النواب، أو مجلس الشيوخ، قد تُعقّد السعي لتجنب تخلف غير مسبوق عن السداد بحلول الاثنين المقبل.
وترفع الصفقة حد الدين الحالي البالغ 31.4 تريليون دولار حتى عام 2025 مع وضع حد أقصى للإنفاق التقديري غير الدفاعي عند 704 مليارات دولار للسنة المالية 2024. وقاوم الحزب الجمهوري المطلب الديمقراطي بالتكافؤ بين الإنفاق الدفاعي والرعاية الاجتماعية. وتزيد الصفقة الإنفاق الدفاعي بنحو 3% في السنة المالية 2024 وترفعه إلى 895 مليار دولار في السنة المالية 2025. ويرى التيار المتشدد بالحزب الجمهوري أن هذا أقل من معدل زيادة نسب التضخم ولا يقترب من المستوى المطلوب لمواجهة التهديدات العالمية المتزايدة خاصة من الصين. وفي الجانب الآخر عبّر أعضاء التيار التقدمي الديمقراطي عن رفضهم لتنازلات بايدن وعلى رأسها التضحية بالإعانات الاجتماعية والغذائية للعاطلين عن العمل من كبار السن. ودفع ذلك لتعهد عدد من أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين برفض التصويت لمشروع القرار.
عقبات إجرائية
وبعد التوصل للاتفاق الجديد، أمضى بايدن ومكارثي معظم عطلة نهاية الأسبوع في الترويج للاتفاق بين مشرعي حزبيهما. وفي كلا المجلسين، يمكن للمعارضين لمشروع القانون أن يبطئوا تمريره، مما يهدد بعرقلة الجهود الرامية إلى تجنب تخلف الحكومة الأميركية عن سداد ديونها للمرة الأولى في تاريخها.
وقال بعض المحافظين في مجلسي النواب والشيوخ إنهم يعارضون الصفقة لأنها لا تذهب بعيدا بما يكفي للحد من الإنفاق الفدرالي، في حين أن بعض التقدميين يتهمون بايدن بالرضوخ لتقييد الإنفاق بصورة كبيرة.
وقال مكارثي في مؤتمر صحفي الأحد الماضي إنه يتوقع أن يدعم أكثر من 95% من الجمهوريين في مجلس النواب مشروع القانون، ومن المتوقع أن يبدأ مجلس النواب في مراجعة مشروع القانون غدا الأربعاء قبل بدء إجراءات التصويت عليه.
جدير بالذكر أن مكارثي خلال محاولته ليصبح رئيسا لمجلس النواب في يناير/كانون الثاني الماضي، قدم سلسلة من التنازلات الإجرائية للنواب المتشددين التي تُعقّد الآن من قدرته على تمرير الاتفاق. ولن يعرض مجلس النواب مشروع القانون للتصويت عليه حتى غد الأربعاء، وهو جزء من اتفاق أبرمه مكارثي لمنح المشرعين 72 ساعة لقراءة النص قبل التصويت على مشروع القانون.
وحتى قبل أن يصل إلى لحظة التصويت عليه من كل أعضاء مجلس النواب، سيحتاج مشروع القانون إلى المرور عبر “لجنة القواعد” بالمجلس، وكان مكارثي قد عين 3 محافظين متشددين في اللجنة، كجزء من صفقة انتخابه ليصبح رئيسا للمجلس، ولا يُعرف بعد كيف سيصوت هؤلاء، ولذلك يعوّل مكارثي على دعم الأعضاء الديمقراطيين لمشروع القانون.
وذكر النائب الديمقراطي رو خانا، وهو أحد أعضاء التيار التقدمي بالحزب، أن “أغلبية كبيرة” من الديمقراطيين في مجلس النواب “في حالة تغير مستمر لموقفها” حول ما إذا كانوا سيدعمون الصفقة أو لا.
وإذا وافق غدا مجلس النواب على مشروع القانون المقترح، فسيواجه جدولا زمنيا مضغوطا في مجلس الشيوخ حيث قد يستغرق تمريره أياما، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الجمهوريين في مجلس النواب قد استخدموا الفرصة الوحيدة التي أتيحت لهم لاختصار العقبات الإجرائية الطويلة لمجلس الشيوخ. وتخضع معظم مشاريع قوانين مجلس الشيوخ لتصويتين، تصويت يوافق فيه مجلس الشيوخ على وقف النقاش، ومن ثم الانتقال إلى الإقرار النهائي بالتصويت على مشروع القانون.
ويتطلب الانتقال للتصويت النهائي أغلبية 60 صوتا، ويمكن أن تُضاف عدة أيام في حال وجود معارضة في ظل الانقسام الحاد في المجلس الذي يتشكل من 51 عضوا ديمقراطيا مقابل 49 جمهوريا.
ويرى بعض الخبراء أنه حتى لو تخلفت الحكومة عن دفع بعض الفواتير في الوقت المحدد في الخامس من يونيو/حزيران بسبب العراقيل داخل الكونغرس، فلن يكون هناك عواقب واسعة النطاق، حيث ستتعامل الأسواق مع هذا التخلف كتأخير إجرائي وليس إخفاقا جوهريا من قبل الحكومة الأميركية عن الوفاء بالتزاماتها.
المصدر : الجزيرة