“عدوّ آخر” للولايات المتحدة يطرق باب السعودية

“عدوّ آخر” للولايات المتحدة يطرق باب السعودية

تشكل زيارة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى السعودية والتي لم تحدد مدتها، رسالة جديدة للولايات المتحدة بأنه ليس هناك ما يدعو الرياض إلى تبني سياسات عدائية ضد كل من لا يلقى قبولا لدى واشنطن، وأنها ماضية في تنويع علاقاتها بما يخدم مصالحها العليا.

جدة (السعودية) – استقبلت السعودية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في خطوة تؤكد مجددا على أن المحظورات التي تفرضها الولايات المتحدة ليست هي نفسها لدى المملكة، التي تعمل على توسيع نطاق علاقاتها الدبلوماسية خارج حدود التحالفات التقليدية.

ووصل مادورو مساء الأحد إلى مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر قادما من تركيا حيث حضر مراسم تنصيب نظيره التركي رجب طيب أردوغان لولاية رئاسية جديدة.

وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) إن الأمير بدر بن سلطان بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكة ومسؤولين آخرين كانوا في استقبال مادورو في مطار جدة.

ولم تكشف الوكالة السعودية عن تفاصيل إضافية حول الزيارة ومدتها، لكن مادورو كتب في تغريدة عبر حسابه على تويتر “نحن في المملكة العربية السعودية لمواصلة أجندة العمل الدولية المثمرة لدينا، والتي تتقدم في تعزيز العلاقات الثنائية والأخوة والاحترام بين فنزويلا والعالم”.

ومادورو هو آخر عدو للولايات المتحدة يزور السعودية في وقت تعيد فيه المملكة بناء تحالفاتها وفق ما تقتضيه مصالحها العليا، ودون انتظار مباركة حليفتها القديمة واشنطن.

وأعادت الرياض العلاقات مع طهران ودمشق مؤخرا، وقد استقبلت القيادة السعودية بحفاوة الرئيس السوري بشار الأسد خلال القمة العربية التي عقدت في جدة الشهر الماضي.

وبالتوازي مع ذلك عملت المملكة على تعزيز تعاونها مع الصين وروسيا، في نهج يثير قلق الولايات المتحدة التي لا تملك الكثير من أدوات التأثير لوقفه.

ولم تذكر وكالة الأنباء السعودية سبب زيارة مادورو، لكن فنزويلا العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) سعت في الماضي للتنسيق مع المملكة حول تراجع أسعار النفط والعقوبات الأميركية.

وتأتي زيارة مادورو قبل يوم من وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المملكة لإجراء محادثات مع القيادة السعودية.

زيارة مادورو تأتي قبل يوم من وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المملكة لإجراء محادثات مع القيادة السعودية

وبحسب وسائل إعلام فنزويلية، فإن مادورو الذي يزور المملكة برفقة زوجته ووزيري الخارجية والاتصالات ومسؤولين آخرين، سيعقد اجتماعات مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وقال الفريق الصحفي الرئاسي على تويتر إن “زيارة الرئيس الفنزويلي إلى السعودية تندرج في إطار أجندة عمل تهدف إلى تعزيز التحالفات السياسية والدبلوماسية والطاقة”.

ويرى مراقبون أن السعودية ماضية قدما في تبني سياسة مستقلة عن توجهات حليفتها الولايات المتحدة، التي تجد نفسها اليوم مضطرة إلى مجاراة المملكة، بعد أن أدركت أن التهديد لن يقود إلى أي تغيير بل العكس تماما.

ويرى المراقبون أنه لا يوجد ما يدعو السعودية إلى التعامل مع فنزويلا بعدائية تريد واشنطن أن تفرضها على حلفائها.

ومن المرجح أن تركز زيارة مادورو إلى المملكة على تعزيز التنسيق في ملف الطاقة، بحكم أن البلدين هما أبرز المنتجين للنفط ضمن منظمة أوبك.

السعودية ماضية قدما في تبني سياسة مستقلة عن توجهات حليفتها الولايات المتحدة، التي تجد نفسها اليوم مضطرة إلى مجاراة المملكة

وتأتي زيارة الرئيس الفنزويلي بعد ساعات من اجتماع لتحالف أوبك+ أعلنت خلاله الدول المنضوية ضمنه على التزامها بالتخفيضات التي جرى إقرارها في وقت سابق حتى العام 2024.

واللافت أن السعودية قررت اتخاذ خطوة لتخفيض جديد يقدر بمليون برميل لمدة شهر قابل للتجديد، في إجراء وصفته بالاحتياطي لدعم استقرار السوق.

ويرى مراقبون أن تعزيز العلاقات بين السعودية وفنزويلا من شأنه أن يعزز سيطرة المملكة على سوق النفط العالمية، لكن ذلك بالطبع سيكون مصدر قلق للحليفة الولايات المتحدة اقتصاديا وأيضا سياسيا، حيث ترى واشنطن بأن الرياض تلعب بشكل ما دورا في تأهيل ودعم أنظمة تعتبرها “منبوذة”.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس صرح للصحافيين مطلع العام الجاري بأن “نهجنا تجاه مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا”.

ولطالما كانت العلاقة بين مادورو والإدارات الأميركية متوترة، واتخذت منعطفا جديدا في العام 2019 حينما أعلن زعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو “أحقيته” بتولي الرئاسة في البلاد.

واعترف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بغوايدو رئيسا لفنزويلا، وكذلك الدول الأوروبية. وطالبوا بإجراء انتخابات “حرة” في البلاد، بعد أن أدى مادورو اليمين الدستورية لفترة رئاسية جديدة مدتها ست سنوات.

ورغم قرار إدارة جو بايدن تخفيض البعض من العقوبات على كاراكاس، لكنها تتمسك بقرار عدم الاعتراف بمادورو رئيسا.

العرب