ديالى ساحة منافسة ساخنة في الانتخابات المحلية المقبلة

ديالى ساحة منافسة ساخنة في الانتخابات المحلية المقبلة

تشكل الانتخابات المحلية في ديالى أهمية استثنائية، في ظل صراع النفوذ الدائر على المحافظة، التي ترتبط بحدود مشتركة مع إيران وأيضا مع إقليم كردستان الذي يحظى بحكم ذاتي في شمال البلاد، وهذا ما يفسر الاستعدادات المبكرة للقوى السياسية لضمان مقاعد داخل مجلسها.

بغداد – بدأت القوى السياسية في العراق الاستعدادات للانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل، حيث يشكل الاستحقاق أهمية كبيرة في إعادة رسم خارطة توزع مراكز القوى داخل المحافظات للسنوات المقبلة.

ومن المرجح أن تكون محافظة ديالى الواقعة شرق العاصمة بغداد أحد أكثر ساحات التنافس سخونة بحكم موقعها الجغرافي وتنوعها الطائفي الذي جعلها ضحية صراعات لا تنتهي منذ الاحتلال الأميركي للبلاد في العام 2003.

وتمتلك محافظة ديالى ذات الغالبية السنية حدودا طويلة مع إيران، كما أنها ترتبط بحدود مشتركة مع المحافظات الثلاث لإقليم كردستان.

ويرى متابعون أن قوى عديدة بدأت مبكرا التحضير لخوض الانتخابات في ديالى، وإلى جانب الأطراف السنية، يستعد الإطار التنسيقي للنزول بثقله في الاستحقاق بالمحافظة، كذلك الشأن بالنسبة إلى الأكراد الذين يقاومون محاولات تحييدهم على الرغم من وجود مناطق بأكملها تقع في الشمال المحافظة ذات غالبية كردية.

ورفض الحزب الديمقراطي الكردستاني الأربعاء المحاولات الجارية لاستبعاده وتغييبه عن الانتخابات المحلية في ديالى وسط تأخر عودة مقراته ومكاتبه السياسية، والذي تقف خلفه قوى شيعية متنفذة تعمل على إنهاء أيّ تأثير للحزب داخل المحافظة المجاورة للإقليم، والتي تضم مناطق متنازع عليها.

وقال مسؤول مكتب التنظيمات في الحزب الديمقراطي الكردستاني في ديالى (المركز 15) شيركو توفيق في تصريحات صحفية “سنخوض انتخابات مجالس المحافظات في ديالى مهما كانت الظروف والأسباب حتى وإن لم تعد مقراتنا ومكاتبنا السياسية إلى سابق عهدها قبل أحداث أكتوبر 2017”.

الحزب الديمقراطي يواجه رفضا قاطعا من ميليشيات شيعية تتصدرها بدر وعصائب أهل الحق لإعادة فتح مقراته في ديالى

واضطر الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه مسعود بارزاني إلى إخلاء مقاره في المناطق المتنازع عليها المشمولة بالمادة 140 من الدستور بعد الحملة العسكرية التي شنتها القوات العراقية مدعومة بميليشيات الحشد الشعبي عقب استفتاء الاستقلال الذي أجراه الإقليم في سبتمبر من عام 2017، بما في ذلك مناطق متنازع عليها في ديالى على غرار قضاء خانقين.

وكان الحزب الديمقراطي نجح خلال حكومة مصطفى الكاظمي في استعادة مقراته في بعض المحافظات على غرار نينوى (مدينة مخمور) وكركوك، لكنه اصطدم برفض قاطع من قبل ميليشيات شيعية تتصدرها منظمة بدر وعصائب أهل الحق لإعادة فتح مكاتبه ومقراته في ديالى.

وقد حرص الحزب الديمقراطي على أن يكون ملف الإدارة المشتركة للمناطق المتنازع عليها بما يشمل ديالى على طاولة المحادثات مع الحكومة الحالية التي يرأسها محمد شياع السوداني، لكن لم يحقق أيّ تقدم في هذا الخصوص.

ويرى متابعون أن رئيس الوزراء الحالي لا يملك القدرة على تحقيق اختراق في ملف المناطق المتنازع عليها، لسبب بسيط وهو أن قراره رهين المظلة السياسية التي ينتمي إليها (الإطار التنسيقي)، وطالما هناك فيتو من قبلها فإن السوداني لا يستطيع مقاربة هذا الموضوع.

ويستدل هؤلاء على ذلك بعجز السوداني عن الوفاء بتعهداته في جعل ديالى محافظة خالية من السلاح، وبالقضاء على الجريمة المنظمة التي تقف خلفها الميليشيات الشيعية.

السوداني لا يملك القدرة على تحقيق اختراق في ملف المناطق المتنازع عليها، لسبب بسيط وهو أن قراره رهين المظلة السياسية التي ينتمي إليها

وأكد مسؤول مكتب التنظيمات في الحزب الديمقراطي أن “المساعي والتفاهمات مع الحكومة الاتحادية مستمرة لعودة مقراتنا إلى ديالى والمناطق المتنازع عليها ولن نتخلف عن الانتخابات ولن نترك الساحة السياسية لغيرنا”، مشيرا إلى أن “مقر الحزب الديمقراطي في بغداد يشرف ويتابع بشكل مباشر على جميع الأنشطة السياسية والتطورات الأخرى”.

وقال توفيق إن “خوض الانتخابات المحلية في ديالى بقائمة موحدة أو بالتحالف مع قوى أخرى لم يحسم حتى الآن ونحن نرحب بأيّ تحالف مع القوى الأخرى بما يلائم تطلعاتنا وأهدافنا ومصلحة المواطنين بشكل خاص”، لافتا إلى أن أبواب الحزب مفتوحة لجميع القوى السياسية.

وإلى جانب الحزب الديمقراطي الذي يبدو مصرا على المشاركة في الاستحقاق الانتخابي في ديالى بالرغم من كل المعوقات، فإن هناك الطرف السني الذي يأمل في أن ينجح في بسط سيطرته على مجلس المحافظة.

ويقول مراقبون إن الصراع سيكون على أشده بين الفرقاء السنة، على هذه الساحة، مع بروز منافسين أقوياء لتحالف السيادة، وهم يعدون قريبين من الميليشيات الشيعية المسيطرة على المحافظة.

وقال “التيار السياسي الشبابي”، إن تحالف السيادة فقد عنوان “ممثل السنة“ في محافظة ديالى، ملمحا إلى قرب ولادة تحالف سياسي كبير سيشارك في الاستحقاق.

انتخابات مجالس المحافظات تشكل أهمية كبيرة تناهز أهمية الانتخابات التشريعية بالنسبة إلى القوى السياسية

وأوضح أمين عام التيار سيف الدهلكي في حديث صحفي الثلاثاء إننا “نتعامل منذ أربعة أشهر على أن تحالف السيادة انتهى في ديالى، مشيرا إلى أن أربعا من قيادات التحالف ستنضم الى تحالف أكبر وأشمل للقوى السنية في ديالى استعدادا لخوض الانتخابات القادمة.

ولفت الدهلكي إلى وجود “ثلاثة أسباب وراء إخفاقات السيادة في ديالى أبرزها احتكار القرار وعدم انفتاح القيادات العليا في بغداد على ملفاتها الحساسة”، لافتا إلى أنه “حتى الدعم العشائري للسيادة انحسر بنسبة تصل الى 70 في المئة”.

وأكد الأمين العام للتيار السياسي أن “السيادة سيكون أبرز الخاسرين في أي انتخابات قادمة”.

ويشهد تحالف “السيادة”، الذي يمثل المكون السني في السلطة القائمة، خلافات بين أقطابه الأمر الذي بات يثير شكوكا في إمكانية استمراره.

ويرى مراقبون أن التصدع الذي يشهده التحالف السني بالتأكيد سيكون له أثره السلبي علي مشاركته في الانتخابات المحلية ليس فقط في ديالى بل وأيضا في باقي المحافظات السنة، وفي مقدمتها الأنبار الواقعة غرب العراق.

ويقول المراقبون إن القوى الشيعية تبدو حتى الآن الأكثر تنظيما واستعدادا للانتخابات المحلية في ديالى أو في غيرها من المحافظات، لافتين إلى أنه من المنتظر أن تخوض الميليشيات المسلحة بشكل موحد الاستحقاق ضمن تحالف الفتح، أما باقي القوى فستشارك في الاستحقاق بشكل فردي أو ضمن تحالفات ثنائية، كما حصل في الانتخابات التشريعية.

وصوّت مجلس النواب العراقي في مارس الماضي على تحديد يوم السادس من نوفمبر 2023 موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات. وتشمل هذه الانتخابات 15 محافظة من أصل 18 محافظة، إذ أن هناك ثلاث محافظات ضمن إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي.

وتشكل انتخابات مجالس المحافظات أهمية كبيرة تناهز أهمية الانتخابات التشريعية بالنسبة إلى القوى السياسية، ذلك أن هذه المجالس هي التي تتولى اختيار المحافظ ونائبيه وإعداد موازنة المحافظة في ضوء ما تخصّصه الحكومة المركزية لها من اعتمادات مالية، ولتلك المجالس الحق في إقالة المحافظين ورؤساء الدوائر، ويجري اختيار تلك المجالس بناء على حجم التركيبة السكانية لكل محافظة.

العرب