الأجيال الإيرانية الجديدة تدير الظهر لثورة رجال الدين

الأجيال الإيرانية الجديدة تدير الظهر لثورة رجال الدين

_68346_iran3

أعلن حفيد آية الله الخميني، الذي قاد ثورة رجال الدين في إيران سنة 1979، ترشحه لانتخابات مجلس الخبراء المقررة في فبراير القادم.

وقال علي الخميني أحد أفراد عائلته إن “حسن الخميني، وبعد الدعوات الملحة لمختلف الأوساط وبعدما تشاور مع شخصيات مختلفة، قرر أن يترشح لانتخابات مجلس الخبراء”.

ولحسن الخميني، نجل أحمد الخميني، مستقبل واعد في إيران، لأنه حفيد إمام الثورة، ودرس في الحوزة الدينية في قم، وتولى التدريس فيها أيضا، واختار أن يظل بعيدا عن الأضواء.

ورغم ذلك لم يكن حسن متوافقا مع الولي الفقيه علي خامنئي، وهذا ما يعرقل ترشيحه لذلك المنصب، حتى قيل إنه من مؤيدي الإصلاحيين، ناهيك عن بعض أفراد أسرة الخميني الذين لم يتأخروا في نقد النظام من الخارج، مثل حسين ابن نجل الخميني مصطفى، الذي قُتل ووالده كان بالنجف.

ويميل حسن، وفق مقربين منه، إلى التيار الإصلاحي في مواجهة التيار المتشدد الذي بدأ يفقد ثقة الأجيال الجديدة خاصة بعد الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد بسبب الحصار واهتمام الدولة بـ”تصدير الثورة” أكثر من اهتمامها بالوضع المعيشي للناس.

وتتزامن الانتخابات لاختيار الأعضاء الـ86 في مجلس الخبراء مع انتخابات مجلس الشورى، علما أن جميع أعضائه من رجال الدين وهم مكلفون بتعيين المرشد الأعلى الإيراني والإشراف على عمله.

وحسن الخميني (43 عاما) رجل دين قريب من الإصلاحيين وخصوصا الرئيس الأسبق محمد خاتمي.

وفي الأشهر الأخيرة، حثته أوساط إصلاحية على خوض المعترك السياسي لتعزيز مكانة معسكرهم أمام المحافظين.

لكن المرشحين لعضوية مجلسي الخبراء والشورى ينبغي أن ينالوا أولا موافقة مجلس صيانة الدستور المكلف بالإشراف على كل الانتخابات العامة والذي يضم محافظين.

ولم يشذ حفيد الخميني عن القاعدة، فأبناء هاشمي رفسنجاني، الرئيس الإيراني الأسبق ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، انحازوا للتيار الإصلاحي الذي يقوده مير حسين موسوي الموضوع تحت الإقامة الجبرية بسبب اعتراضه على تزوير انتخابات 2009 التي فاز بها أحمدي نجاد المدعوم من قبل المحافظين.

وقال خبراء إن ميل أبناء وأحفاد الجيل المؤسس للثورة من رجال الدين إلى التحرر يعكس رغبة عارمة في إيران للتخلص من سيطرة الأفكار المتشددة على حياة الناس، وخاصة الزج بالبلاد في قضايا إقليمية تستنفد قدرات البلاد المالية.

وعلى غرار والده يعمل أحمد الخميني الصغير على جذب شريحة مهمة من الشباب لدعم موسوي ورفسنجاني بحملة على إنستغرام، وفق ما أشار إلى ذلك أحد صحف منخصص في تغطية الشأن الإيراني.

ووصل عدد متابعي أحمد، الذي يروج لحملة ترشح والده أيضا، على صفحته في الموقع 149 ألف متابع، وهو يقوم من خلال هذه الشعبية برسم استراتيجية تواصل جديدة عن أبناء المقربين للسلطة عبر جملة من الرسائل الرمزية، الأمر الذي يعكس فعلا تحولات في تصور الشباب للعمل السياسي والأيديولوجيا الإسلامية التي تحكم إيران.

ويمكن توقع الصورة التي ستكون عليها السياسة في إيران في المستقبل القريب، فكل الأنظار تتجه إلى الجيل الجديد من الناخبين من الأعمار التي تتراوح بين 18 و25 عاما، وهو الجيل الذي ينتمي إليه أحمد الخميني الذي أصبح صانعا للرأي العام عبر استغلاله للفضاءات الافتراضية للترويج لفكر أبيه.

وتؤكد التقارير أن هذا الجيل فريد من نوعه في إيران، فهو الجيل الذي شهد الأجواء الملهمة التي سبقت الانتخابات الرئاسية لعام 2009، فضلا عن الاحتجاجات التي أعقبت ذلك في الشوارع، والتي دعت إلى التغيير.

ويقول رامين جهان بيجلو، وهو زائر في قسم النور للدراسات الإسلامية بجامعة يورك في تورنتو، إن الشباب الإيراني الحالي أقل أيديولوجية من الذين سبقوهم.

وأضاف “أعتقد أن تراجع الماركسية والنماذج الإسلامية لعب دورا هاما في إعداد جيل جديد من المثقفين يحملون فكرا تعدديا وما بعد الأيديولوجي في إيران”.

وعجزت السلطات الإيرانية عن إيجاد الوسائل الكفيلة بوقف التأثير الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي على عقول الشباب الإيراني الذي صار متعلقا بالنمط الغربي في السلوك، وخاصة في آليات تفكيره المتحررة من ضوابط التشدد التي جاءت بها ثورة 1979.

صحيفة العرب اللندنية