الرباط – تحاول جهات داخلية وخارجية في إسبانيا استغلال ورقة سبتة ومليلية للتأثير على متانة العلاقات المغربية – الإسبانية، فبعد إثارة الجدل حول تبعيتهما لإسبانيا تروج وسائل إعلام إلى وجود خلافات بين الرباط ومدريد بسبب المدينتين وهو ما نفته الحكومة الإسبانية.
وقال خوسي مانويل ألباريس، وزير الخارجية الإسباني، الثلاثاء، إن “خارطة الطريق الجديدة التي تم الاتفاق عليها بين مدريد والرباط خلال الاجتماع رفيع المستوى المنعقد في المغرب يومي الأول والثاني من فبراير الماضي، يتم الالتزام بها بشكل جيد من كلا البلدين، الشيء الذي يدحض التأخير المزعوم في فتح الجمارك في سبتة ومليلية المحتلتين”.
وبحسب وكالة “أوروبا بريس” الإسبانية، فإن ألباريس كان يتحدث في ندوة صحفية أعقبت اجتماعا وزاريا انعقد صباح الثلاثاء، خصصه للرد على ما تداولته تقارير إعلامية إسبانية في الآونة الأخيرة، والتي روجت لكون العلاقات بين إسبانيا والمغرب ليست على ما يرام، بسبب عدم التزام المغرب بعدد من الاتفاقيات الموقعة خلال الاجتماع رفيع المستوى المذكور، من بينها فتح المعابر الجمركية في كل من سبتة ومليلية المحتلتين في وجه نشاط نقل البضائع.
ونفى ألباريس ما تم تداوله، مؤكدا أن “المفاوضات جارية مع المغرب بشأن فتح المعابر الجمركية في كل من سبتة ومليلية المحتلتين”، مشددا على أن “فتح المعابر الجمركية هو آلية معقدة تحتاج إلى اتخاذ بعض الإجراءات”.
وتم تنظيم عملية تجريبية جديدة في كل من معبري سبتة ومليلية، لنقل البضائع مع المغرب، هي الثالثة من نوعها في ما يخص نقل البضائع من سبتة ومليلية إلى المغرب، والأولى من نوعها في ما يخص نقل البضائع من المغرب إلى المدينتين.
ويعتقد الباحث بجامعة ألميريا بإسبانيا الحسن بلعربي أن “التعامل الحكيم مع قضية معبري سبتة ومليلية يدفع نحو تعميق التقارب بين البلدين، الذي سيعود بالأثر الكبير على ملفات مهمة من الناحية الدبلوماسية والاستثمارية والتجارية والأمنية والاجتماعية والسياسية”، مشددا على أن “المغرب وإسبانيا محكوم عليهما بالانسجام والتعاون لأنهما دولتان محوريتان”.
وعبر في تصريح لـ”العرب” عن تفاؤله من الإرداة السياسية القوية للرباط ومدريد لحل كل المشاكل، رغم أن وجود أطراف داخلية وخارجية تعمل على إعاقة هذا التقارب وعلى رأسها الجزائر وبوليساريو، التي كانت تريد إدامة الأزمة بين مدريد والرباط وتفاقمها.
وأكدت الناطقة الرسمية باسم الحكومة الإسبانية إيزابيل رودريغيز، الاثنين، أن “المغرب لا يعرقل فتح المعابر الجمركية ببابي سبتة ومليلية”، مؤكدة أن “المفاوضات والتنسيق الثنائي بين الطرفين لفتح المعبرين يجريان بشكل جيد وأن هناك تقدّما يتم إحرازه في هذا المجال”.
وأضافت رودريغيز في حوار مع إذاعة إسبانية “المفاوضات معقّدة بالنظر إلى العديد من الإجراءات التي يجب اتخاذها قبل الفتح النهائي للمعبرين في وجه نشاط نقل البضائع، لكن بالرغم من ذلك تحرز المفاوضات بين البلدين تقدما إيجابيا”.
واعتبر محمد الطيار، الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، أن “المغرب يطرح قضية معبري سبتة ومليلية المحتلتين في إطار حرصه على توفير الأمن والحد من محاولات استعمال الثغرين للهجرة غير النظامية إلى الضفة الأخرى”.
وقال لـ”العرب” إن “الحكومة الإسبانية حريصة على المضي قدما في الاتفاقات المبرمة مع الرباط، وهي ضد مطالب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الذين يتبنون موقفا عدائيا تجاه المغرب”.
وكانت سبتة ومليلية المحتلتان موضوع استغلال إعلامي وسياسي انتخابي تتنافس حوله أحزاب إسبانية كثيرة، خصوصا اليمينية، والتي طالبت في أكثر من مرة إدخالهما ضمن معاهدة إسبانيا مع حلف الشمال الأطلسي “الناتو”.
وفي محاولة للتشويش الإعلامي على التفاهمات بين مدريد والرباط، أشارت صحيفة “إلباييس” إلى أن بعد عام من العلاقات الجيدة بين البلدين، يبدو أن خلافا جديدا قد طفا على السطح بعد تقديم شكوى رسمية إلى الرباط لتصنيفها سبتة ومليلية “مدينتين مغربيتين” في وثيقة أُرسلت إلى المفوضية الأوروبية.
واحتجت الرباط في وقت سابق في بروكسل على التصريحات المتكررة لنائب رئيس المفوضية الأوروبية المسؤول عن الهجرة مارغريتيس شيناس، والتي تدافع عن كون سبتة ومليلية هما حدود إسبانيا والاتحاد الأوروبي، حيث أرفقت الرباط المذكرة بملحق فصلت فيه “التصريحات العدائية الرئيسية لشيناس حول المملكة ومدينتي سبتة ومليلية المغربيتين منذ مايو 2021″، وبحسب وسائل إعلام إسبانية، أشارت الرباط في رسالتها الاحتجاجية إلى سبتة ومليلية على أنهما “مغربيتان”، بينما اعتبرهما شيناس “حدود الاتحاد الأوروبي”.
ووصف ألباريس، خلال مؤتمر صحفي عقده عقب انعقاد المجلس الحكومي، تصريحات نائب رئيس المفوضية الأوروبية المكلف بالهجرة مارغريتيس شيناس بـ”الانزلاق”، وقال ردا على سؤال حول رسالة المغرب الاحتجاجية على شيناس، ومذكرة مدريد التي احتجت على رسالة الرباط، “كان لا بد من الوقوف على الانزلاق الذي تم”، مؤكدا في ذات الوقت على أن المغرب في “شراكة حقيقية وكبيرة جدا مع الجارة إسبانيا مبنية على الثقة”.
كما دافع وزير خارجية إسبانيا عن مسار العملية التي اتفقت عليها مدريد والرباط منذ أبريل من سنة 2022، مبرزا أن “خارطة الطريق الكاملة التي تم الاتفاق عليها مع المغرب يتم الالتزام بها”، في إشارة إلى الإعلان المشترك الذي تلا اجتماع العاهل المغربي الملك محمد السادس برئيس الوزراء بيدرو سانشيز.
العرب