وزير التربية التونسي يشهر ورقة المحاسبة ضد تصعيد مدراء المدارس والمعلمين

وزير التربية التونسي يشهر ورقة المحاسبة ضد تصعيد مدراء المدارس والمعلمين

تونس – علقت السلطات التونسية دفع رواتب الآلاف من المعلمين وأقالت المئات من مدراء المدارس الابتدائية، في خطوة تحمل تصعيدا من وزارة التربية على احتجاجات لمدرسين رفضوا تسليم نتائج الامتحانات، للضغط على السلطات بهدف تحسين أوضاعهم المالية.

وأعلنت وزارة التربية، الاثنين، إعفاء 350 مدير مدرسة من مناصبهم، وحجز رواتب شهرية لـ17 ألف معلّم، على خلفية تسليم نتائج الامتحانات إلى الإدارة.

وأكدت الوزارة في بيان أن القرار جاء بعد عمليات فرز متواصلة خاصة بالمديرين والمعلمين، الذين واصلوا رفض معالجة تقييم الاختبارات.

ومن شأن هذه الخطوة التي اتخذتها الحكومة أن تزيد من حدة الصراع مع اتحاد الشغل وأن تؤجج التوتر في بلد يعاني من سوء الخدمات العامة وسط أزمة اقتصادية متفاقمة.

وفي نهاية كل عام دراسي، يتم مد التلاميذ بنتائج الاختبارات ومعدلاتهم النهائية، إلا أن العام الدراسي الحالي شهد رفض مدراء المدارس معالجة تقييم الاختبارات وعدم مد التلاميذ بنتائج اختباراتهم ومعدلاتهم.

وقال وزير التربية محمدعلي البوغديري إن “عدم حصول التلاميذ على نتائجهم كارثة وجريمة”.

وذكّر البوغديري بأن القانون هو الفيصل بين الحكومة ومن يتجاوز القانون، مضيفا “من يتخيل أن السلطة ضعيفة فهو واهم”.

في المقابل، قال إقبال العزابي، المسؤول بنقابة التعليم الابتدائي، في تصريح لإذاعة محلية إن “تصرفات الوزير الانتقامية الغاية منها تجويع المدرسين وضرب العمل النقابي.. هي ابتزاز وخطوة غير قانونية”.

وردا على قرار الحكومة، أعلنت نقابة التعليم أن المئات من المديرين بدؤوا في تقديم استقالاتهم. كما تعهدت النقابة بأن يكون العام الدراسي المقبل صعبا، في إشارة إلى تحركات احتجاجية متوقعة.

ويرى مراقبون أن السلطات التونسية تأخرت كثيرا في معالجة هذه الأزمة وتفادي تفاقمها منذ البداية، بينما يعتبر آخرون أنه كان عليها الشروع في تنفيذ قرار حجز رواتب المدرسين منذ بداية الاحتجاجات.

وتطالب النقابة بتنفيذ اتفاقات وُقّعت منذ عام 2019 تقضي بتمكين المدرّسين من التدرّج المهني، وبرمجة انتداب المعلمين النواب على مراحل. في المقابل، تقول وزارة التربية إنها غير قادرة على تلبية المطالب ذات التبعات المالية، وخصوصا في ظل أزمة اقتصادية كبيرة تقف الحكومة أمامها عاجزة، وأجبرتها على اتخاذ عدد من القرارات، من بينها تقليص موازنات العديد من الوزارات وعدم تفعيل الاتفاقات بصيغتها المادية وإيقاف الانتدابات تنفيذا لتوصيات صندوق النقد الدولي.

ولم يحصل قرابة مليون تلميذ في المرحلة الابتدائية على نتائج الامتحانات لهذا العام، بعد تمسّك جامعة التعليم الأساسي بضرورة تسويات لمطالب القطاع التي لم تلق قبولا من قبل وزارة التربية.

النقابة تطالب بتنفيذ اتفاقات وُقّعت منذ عام 2019 تقضي بتمكين المدرّسين من التدرّج المهني، وبرمجة انتداب المعلمين النواب على مراحل

وتخشى العائلات في تونس من أن يعمّق الصراع بين الوزارة والنقابة الأزمة المتفاقمة في البلد ويهدد بعام دراسي صعب آخر، بينما يعاني التونسيون بالفعل من ارتفاع معدلات التضخم وضعف الخدمات ونقص بعض السلع الغذائية.

وأكد البوغديري، مساء الخميس، أنّه تم إعفاء أكثر من 150 مديرا إلى حد الآن (من جملة 4500 مدير في تونس)، وهو عدد قابل للارتفاع وفق قوله، بسبب رفضهم معالجة الأعداد التي قام المعلمون بتنزيلها على الفضاء الرقمي.

وشدّد وزير التربية على أنّ “التفاوض مع الجامعة العامة للتعليم الأساسي والجامعة العامة للتعليم الثانوي، خلُص إلى الاستجابة لكل المطالب”، مستنكرا “استعمال آلية حجب الأعداد للضغط على الوزارة”، مؤكدا “سعيها إلى الحوار لإنجاح العودة المدرسية القادمة”.

ويؤكد مراقبون على تراجع المنظومة التربوية خاصة على مستوى المناهج ونقص في عدد المدرسين، إضافة إلى تدهور البنية التحتية وتداعيات المطالب النقابية على سير الدروس، ما جعل البلاد تحتل مراكز غير مطمئنة في التصنيفات الدولية للقطاع. وساهمت السياسات الخاطئة في تدني هذا القطاع، وسط تحذيرات الخبراء من تراجع جودة التعليم في تونس.

ومطلع يونيو الماضي، أكد البوغديري في تصريحات صحفية أن “الوزارة مع الحوار والتفاوض وتبادل وجهات النظر للخروج باتفاقيات ترتقي بوضع المدرسين والمدرسات، الذين يمرون بظروف صعبة ومقدرة شرائية ضعيفة”.

وشهدت السنة الدراسية الماضية منذ بدايتها في سبتمبر 2022، أزمة بين وزارة التربية ونقابة التعليم، تعثرت خلالها المفاوضات بين الجانبين.

العرب