توجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الأحد، إلى العاصمة السورية دمشق، في زيارة رسمية هي الأولى لرئيس وزراء عراقي منذ 2010 لمناقشة ملفات أمنية واقتصادية ومائية ظلت عالقة منذ الثورة في سوريا وأثرت سلبا على بغداد.
بغداد – يسعى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من خلال زيارة رسمية غير محددة المدة إلى سوريا بدأها الأحد إلى الاستثمار في قطار التطبيع العربي مع سوريا لحل مشاكل حدودية وأمنية عالقة مع الجارة سوريا، ما قد يخفف من أزمات العراق الذي تضرر اقتصاديا وأمنيا من الانفلات على الحدود.
وبحث رئيس الوزراء العراقي مع الرئيس السوري بشار الأسد “تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات بما فيها التبادل التجاري والنقل والصناعة، والتنسيق الدائم في مختلف القضايا السياسية، إضافة إلى الجهود المشتركة في محاربة الإرهاب”.
وأعلن السوداني أنه جرى الاتفاق مع الجانب السوري على إيجاد آليات تنسيق لمواجهة تهريب المخدرات.
الكثير من المشاكل ما زالت عالقة خصوصا ما يتعلق بملف تهريب الممنوعات وتفلت الحدود وملف مياه نهر الفرات
وأفاد المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بأن المباحثات تضمنت “آفاق توسعة التبادل في مجالات الاقتصاد والنقل والتجارة والسياحة، والمياه ومواجهة آثار التغير المناخي”، فضلا عن “التنسيق الأمني المشترك في مجال محاربة الإرهاب وتدعيم أمن البلدين”.
واعتبر الأسد، وفق بيان الرئاسة، أن زيارة السوداني “فرصة لبناء علاقة مؤسسية وتحقيق قفزة كبيرة في التعاون الثنائي بين البلدين”.
ويتشارك البلدان حدودا بطول 600 كلم في مناطق غالبيتها صحراوية، يشكّل ملف أمنها قضية أساسية بينهما، لاسيما في ما يتعلق بنشاط تنظيم الدولة الإسلامية، وتهريب المخدرات.
وتجمع البلدين فضلا عن قضية أمن الحدود، ملفات أخرى مثل المياه، حيث يتشاركان مجرى نهر الفرات الذي ينبع من تركيا. وتشكو الدولتان تراجع تدفق مياهه وتحملان أنقرة جزءا من المسؤولية.
وتدعم الحكومة العراقية برئاسة السوداني، والتحالف الحاكم في البلاد “الإطار التنسيقي”، الذي يجمع الكتل والأحزاب القريبة والموالية لإيران، عودة النظام السوري إلى محيطه العربي، لكن بالمقابل فإن الكثير من المشاكل ما زالت عالقة بين العراق ونظام الأسد، خصوصا ما يتعلق بملف تهريب الممنوعات وتفلت الحدود من الجانب السوري، وملف مياه نهر الفرات والفارق الكبير بين حصة العراق المخصصة له من تركيا وما يصل إليه فعلياً من داخل سوريا، بعد لجوء نظام الأسد إلى تقليل إطلاقات الفرات عبر سد الطبقة، قبل دخوله العراق.
وتربط العراق وسوريا علاقات اقتصادية وعسكرية وسياسية وثيقة بإيران ذات الثقل بالمنطقة، وأبقت دمشق وبغداد على علاقاتهما منذ اندلاع الحرب السورية، حتى مع سحب دول عربية أخرى لسفرائها وإغلاق سفاراتها في سوريا.
وقال فرهاد علاءالدين، مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الخارجية، إن السوداني يعتزم تناول مكافحة تدفق المخدرات، وخاصة حبوب الكبتاغون، ومنع تسلل متشددي تنظيم داعش عبر حدودهما المشتركة.
وقال إن رئيس الوزراء سيناقش أيضا التعاون التجاري والاقتصادي وسبل إعادة فتح خط أنابيب لتصدير النفط في البحر المتوسط، وهو ما قد يساعد العراق على تنويع مسارات صادراته.
وتأتي زيارة السوداني في وقت تعيد دول أخرى، من بينها السعودية، بناء العلاقات مع دمشق بعد سنوات من التوتر.
وتم تعليق عضوية سوريا بجامعة الدول العربية في 2011 بسبب قمع الأسد للاحتجاجات، في حين دعمت عدة دول خليجية المعارضة المسلحة لحكمه.
ولكن الأسد استعاد السيطرة على معظم سوريا بدعم عسكري واقتصادي من روسيا وإيران، وأعيدت دمشق إلى جامعة الدول العربية في مايو، وتسعى دول بالمنطقة إلى الحوار معه لإنهاء تهريب المخدرات وإعادة الملايين من اللاجئين السوريين.
وشارك العراق العام الحالي في اجتماعات تشاورية مع دول الخليج إضافة إلى مصر والأردن، هيأت الأرضية لعودة دمشق إلى الحضن العربي.
وفي مايو، أعلنت جامعة الدول العربية استعادة دمشق مقعدها بعد نحو 12 عاما على تعليق عضويتها.
واستأنفت السعودية علاقتها مع دمشق. وتوّجت مشاركة الأسد في مايو في القمة العربية في مدينة جدّة كسر عزلة دمشق الإقليمية.
وتتطلع الدول العربية اليوم إلى أداء دور رئيسي في التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع في سوريا.
ووافقت سوريا بشكل رسمي على المساعدة في وقف تهريب المخدرات عبر حدودها مع الأردن والعراق.
ووضعت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي مسؤولين كبارا وأقارب للأسد على قوائم عقوبات في الأشهر الأخيرة على خلفية علاقات بتجارة المخدرات، لكن النظام السوري ينفي تورطه في هذه التجارة التي ذكرت بعض التقارير أنها تدر عليه أكثر من 5 مليارات دولار سنويا.
العرب