يرجح أن يقوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع المقبل بزيارة إلى العراق، هي الأولى له منذ سنوات، ويأمل من خلالها تحقيق مكاسب مهمة أسوة بجولته الخليجية الناجحة. ويرى مراقبون أن فرص تحقيق أردوغان لمكاسب خلال الزيارة المنتظرة تبدو متاحة لاسيما وأن لديه أكثر من ورقة للضغط بها على بغداد.
بغداد – يراهن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على الزيارة المنتظرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد لبحث فرص التوصل إلى توافقات بشأن جملة من الملفات الحيوية بالنسبة إلى بغداد وأهمها ملفا المياه وصادرات نفط إقليم كردستان، المتعثرة منذ مارس الماضي.
والزيارة المنتظرة لأردوغان إلى العراق هي الأولى له منذ سنوات، وترجح أوساط أن تجري الأسبوع المقبل، بعد جولة خليجية ناجحة للرئيس التركي.
وكانت الحكومة العراقية كشفت الثلاثاء عن زيارة الرئيس التركي إلى بغداد، وذلك خلال لقاء جمع رئيس الوزراء العراقي مع السفير التركي علي رضا كوناي، دون أن تحدد موعدها.
وبحسب بيان صدر عن مكتب السوداني فقد جرى خلال اللقاء “استعراض أوجه التعاون بين العراق وتركيا وسبل تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها، بما يخدم مصلحة الشعبين الصديقين”.
وشهد اللقاء البحث في الزيارة المرتقبة للرئيس أردوغان إلى العراق، وإقامة منتدى العمل الاقتصادي المشترك بين البلدين في محافظة البصرة (جنوب العراق)، فضلاً عن التداول بشأن مساهمة تركيا في مشروع طريق التنمية إلى جانب بقية دول الجوار، وملف المياه المشتركة وخطط إقامة مركز قياس مشترك على الحدود العراقية – التركية.
محمد شياع السوداني سيحاول إقناع رجب طيب أردوغان بضرورة زيادة تدفقات المياه من نهري دجلة والفرات
وأكد السوداني، خلال اللقاء، دعمه للتوجه الاقتصادي والتجاري بين البلدين، بما يطور مستوى الشراكة والترابط الاقتصادي والاستثمار، وضرورة تفعيل اللجان المشتركة لمتابعة تنفيذ مذكرات التفاهم والاتفاقيات الثنائية بين البلدين الجارين.
ويرى مراقبون أن زيارة أردوغان إلى بغداد تكتسي أهمية كبرى بالنسبة إلى العراق لاسيما في علاقة بالأمن المائي حيث يواجه البلد أزمة مياه غير مسبوقة، وسط تحذيرات من أن المخزون المائي بات مهددا بالنضوب خلال أشهر قليلة.
ويشير المراقبون إلى أن السوداني سيحاول إقناع أردوغان خلال الزيارة بضرورة زيادة تدفقات المياه من نهري دجلة والفرات، وأيضا إيقاف مشروع سد الجزرة أو الجزيرة، الذي يمثل مشروعا قاتلا بالنسبة إلى العراقيين.
ويقع سد الجزرة في ولاية شرناق جنوب شرق تركيا، على بُعد 35 كيلومترا من الحدود العراقية، وهو أحد السدود المخطط لها ضمن مشروع جنوب شرق الأناضول التركي، ويبلغ ارتفاعه 46 مترا وعرض قاعدته 190 مترا، وعرض قمته 15 مترا، وسيولد طاقةً تبلغ 240 ميغاواط.
وكانت وزارة الموارد المائية العراقية حذرت في وقت سابق من أن سد الجزرة سيقلل من تدفقات المياه الواصلة إلى العراق بنسبة 56 في المئة، كما أن ما سيصل منها سيكون بنوعية رديئة.
ويعتقد المراقبون أن الرئيس التركي سيحاول استغلال حاجة العراق من المياه لسحب تنازلات من الحكومة العراقية لاسيما في علاقة بالنفط.
وأوقفت تركيا في مارس الماضي استقبال صادرات نفط إقليم كردستان، على إثر صدور قرار من محكمة دولية يقضي بفرض غرامات مالية بحق أنقرة على خلفية سماحها بتصدير نفط الإقليم عبر ميناء جيهان دون موافقة الحكومة المركزية.
وتماطل تركيا في استئناف استقبال صادرات الإقليم من النفط على الرغم من حصول اتفاق بين أربيل وبغداد، ويعتقد محللون أن أنقرة تحاول الضغط على بغداد من أجل التوصل إلى اتفاق ثنائي حول الغرامة المفترض على الجانب التركي دفعها، والتي كانت حددتها محكمة التحكيم الدولية بباريس بمليار ونصف مليار دولار.
ويعتقد المراقبون أن تركيا تسعى أيضا إلى الضغط على الجانب العراقي من أجل الحصول على أسعار تفاضلية فيما يتعلق بإمداداتها من النفط، كما هو الحال حينما تعاملت مع سلطات إقليم كردستان خلال السنوات الماضية.
ويشير المراقبون إلى أن أردوغان الخبير بلعبة المقايضات لن يتوانى عن توظيف أزمة المياه في العراق من أجل الحصول على مكاسب في علاقة بملف النفط، أو في غيره من الملفات.
وكان أردوغان صرح خلال لقائه رئيس الوزراء العراقي بأنقرة في مارس الماضي، أن تركيا على دراية بمشكلة شح المياه المتفاقمة التي يواجهها العراق، قائلا إن معدلات تساقط الأمطار في تركيا هي في أدنى مستوى خلال الـ62 عاما الأخيرة، وإن البلاد تمر بفترة جفاف فاقمها تغير المناخ. وأعلن أردوغان حينها عن زيادة كمية المياه المتدفقة من نهر دجلة لمدة شهر واحد “من أجل رفع ضائقة العراق”، لكن ذلك ليس له تأثير كبير على حل الأزمة المتفاقمة.
ويرى متابعون أن تركيا ستظل تستخدم ورقة المياه كأحد أدوات الضغط على العراق، مشيرين إلى أن بغداد تملك أكثر من وسيلة لإجبار أنقرة وأيضا طهران على منحها حصتها من المياه، ومنها اللجوء إلى التحكيم الدولي، لكن الأمر يحتاج إلى إرادة سياسية هي ليست متاحة في ظل منظومة الحكم الحالية.
العرب