القاهرة تراهن على تمويل خليجي لتطوير أراض ومبان حكومية

القاهرة تراهن على تمويل خليجي لتطوير أراض ومبان حكومية

رفعت مصر من رهانها على تعزيز مشروعات تطوير الأراضي والمباني الحكومية بالاستعانة بشركات خليجية لسرعة إنجاز المهمة بعد انتقال العمل الحكومي رسميا إلى العاصمة الإدارية الجديدة في شرق القاهرة، وسط حرص من السلطات على إفساح المجال بصورة أكبر للقطاع الخاص المحلي والأجنبي للمشاركة في التطوير.

القاهرة – تسعى الحكومة المصرية إلى جذب المزيد من رؤوس الأموال الخليجية الباحثة عن مقاصد استثمارية من خلال إسناد أعمال ترميم وتدشين مشروعات جديدة لكيانات خاصة كبيرة وذات ملاءة مالية قوية، أملاً في زيادة تدفق العملات الأجنبية.

وتكمن أهمية التعاون مع شركات خليجية في أن السلطات المصرية تتعامل معها بنظام حق الانتفاع، حيث تقوم الأولى بعمليات تطوير مقابل الانتفاع بما قامت به من مشروعات بأساليبها المتنوعة، وتتمثل استفادة القاهرة بما تتحصل عليه من رسوم.

وتحصل مصر على سيولة دولارية خلال بدء عمليات التطوير عبر التدفقات التي تحولها شركات الخليج لبدء أعمال التنفيذ، وقد تعتمد بعض الشركات التي لها فروع في مصر على تنفيذ جزء من المشروعات من خزائنها في القاهرة.

وشرعت الحكومة في المضي لإعادة تطوير مقر الحزب الوطني المنحل بعد أن نقل رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ملكية الأرض إلى اثنين من المطورين اللذين شرعا في بدء المشروع لإعادة تطوير أرض المنطقة التي تتطلب استثمارات بنحو 5 مليارات دولار، حسب تصريحات رسمية، والمدعوم من رأس المال الخليجي.

وقالت مصادر اقتصادية لـ”العرب” إن الحكومة ستحصل على 25 في المئة من العوائد السنوية لكل المشروعات المزمع تدشينها على هذه الأرض بالدولار، والتي تم إسنادها لمطورين وفقًا لدراسات أعدتها الحكومة بحيث لا تؤثر على حركة المرور أو المتحف المصري المجاور لأرض الحزب الوطني في منطقة ميدان التحرير بوسط القاهرة.

ومن المتوقع تحويل المقر القديم للحزب الوطني إلى مبنى سكني فندقي وتجاري وإداري كجزء من مشاريع بارزة تهدف إلى تطوير المباني القديمة وسط القاهرة وجعل المنطقة أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية.

وجاءت الخطوة بعد إخفاق صندوق مصر السيادي في إرساء تطوير هذه الأرض على أحد التحالفات أو الشركات العام الماضي، إذ دعت الحكومة مستثمري القطاع الخاص لتقديم عروض للمشروع عبر مناقصة أوائل العام الماضي، وكان ينبغي الإعلان عن نتيجة المشروع قبل نهاية العام، لكن ذلك لم يحدث.

ويقوم الصندوق الفرعي للسياحة التابع لصندوق مصر السيادي بنقل قطعة الأرض التي تبلغ مساحتها 16.6 ألف متر مربع إلى شركتي نايلوس للخدمات الفندقية والتجارية ونايلوس للخدمات السكنية وتضم مساهمين من الإمارات في هيكل الملكية.

ومن الواضح أن المشروع مشترك بين صندوق مصر السيادي ومستثمرين خليجيين، ولدى الشركتان بمجلس الإدارة اثنان من مديري الصندوق الفرعي، هما الرئيس التنفيذي السابق للاستثمار بصندوق مصر السيادي عبدالله الإبياري وإيهاب رزق، بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي عمرو إلهامي.

وكان ثمة اهتمام من مستثمري الخليج بهذا المشروع، وتلقى الصندوق السيادي بمصر عروضا لتطويرها من أربع شركات لتنفيذها العام الماضي، منها الشركة السعودية – المصرية للتعمير بالتحالف مع شركة الشعفار للمقاولات العامة التي تتخذ من دبي مقرًا لها، إلى جانب عدد من الشركات الأخرى الخليجية والمحلية.

وتقدمت شركتا التطوير العقاري إعمار العقارية وإيجل هيلز بطلبات للحكومة المصرية لبناء وإعادة ترميم عدد من المباني الحكومية في القاهرة، وفق تصريحات إعلامية لمؤسس شركة إعمار رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار.

وتستهدف إعمار زيادة عدد غرفها الفندقية في مصر إلى ثلاثة آلاف غرفة، مع التركيز على الساحل الشمالي على البحر المتوسط، حيث تجاوزت معدلات النمو في السنوات القليلة الماضية التوقعات المتفائلة للشركة.

وقال عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين عبدالله الغزالي لـ”العرب” إن خطوة الحكومة إيجابية وفكرة من خارج الصندوق، حيث رفعت الحكومة عن كاهلها عبء التطوير وإمكانية الحصول على عملات صعبة.

وتعد الخطة التي تسير عليها القاهرة نحو تطوير الأصول المملوكة للدولة إيجابية، خاصة أن المباني المستهدفة أصبحت هياكل خرسانية بعد انتقال الوزارات إلى مباشرة العمل من مقراتها الجديدة في العاصمة الإدارية، ولذلك تسعى الدولة للحصول على أقصى استفادة وعائد من ورائها.

وتقوم السلطات بنقل ملكية هذه الكيانات إلى صندوق مصر السيادي لاستغلالها بشكل أمثل، لأن لديه حاليًا أصولا كبيرة في منطقة وسط القاهرة، منها أرض الحزب الوطني ومبنى وزارة الداخلية، وعدد من الوزارات القريبة منها. علاوة على مبنى مجمع التحرير الذي يتم تطويره بما يتناسب مع جاذبية المنطقة القريبة منه للأنشطة السياحية والإدارية، وبعضها قريب من نهر النيل.

وأضاف الغزالي في تصريح لـ”العرب” أن من يقوم بالتطوير بعض المستثمرين الخليجيين، بالبناء وتحديث هياكل المباني، لكن هذا لا يعني أن الحكومة قامت ببيع هذه المباني، لأن التعامل يتم بنظام الشراكة، أو مقابل حق الانتفاع، وهذا يؤكد أن ملكية الأراضي والمباني لا تزال في حوزة الدولة.

ويعتزم صندوق مصر السيادي طرح مبنى وزارة المالية بوسط القاهرة أمام المستثمرين شهر سبتمبر المقبل، بهدف تحويله إلى مبنى متعدد الاستخدامات ومركز للشركات الناشئة، ويتم تجهيز بقية الوزارات تباعًا، وجميعها ذات مواقع مهمة وجذابة للاستثمارات، مثل مقري وزارتي الخارجية والموارد المائية والري.

وأوضح عضو جمعية رجال الأعمال المصريين أحمد الزيات لـ”العرب” أن السلطات المصرية تعتزم استثمار أصول غير مستغلة إلى جانب بعض المباني التاريخية والرهان على الحوافز التي تقدمها للقطاع الخاص، وسيكون للاستثمارات الخليجية نصيب وافر مع ارتفاع أسعار النفط، والذي يرفع من قيمة الفوائض المالية لبلدان الخليج.

وأشار إلى أن الاستثمارات لن تقتصر على المستثمرين الأفراد والشركات، بل تمتد إلى بعض الصناديق السيادية الخليجية، ما يعزز من تدفق الشراكات واتفاقيات التعاون التي يبرمها الصندوق المصري، لافتًا إلى أن خطة الحكومة تشمل التعاون مع كيانات عالمية أيضًا.

وخطت القاهرة خطوات إيجابية مؤخرا لإنجاز عدد من المشروعات المهمة في منطقة وسط القاهرة لتطوير المباني القديمة وتجديد الشكل الحضاري لمناطق مختلفة.

وتهدف من وراء مشروع التطوير تحويل معظم المناطق إلى أماكن جاذبة استثماريا، ويأتي التركيز على القاهرة كونها العاصمة ومركز الثقل التاريخي والثقافي، وتم تنفيذ عدة مشروعات، أبرزها نقل الكثير من المناطق العشوائية وتطوير المنطقة المعروفة بمثلث ماسبيرو، القريبة من مقر الإذاعة والتلفزيون الرسمي.

وتعطل طرح المشروعات العام الماضي بسبب إعادة النظر في الدراسات المالية التي أجريت سابقًا على مشروعات لم تعد مجدية أو قابلة للتطبيق نتيجة تغير المشهد الاقتصادي، لأن الأسعار تغيّرت بشكل جذري بعد انخفاض الجنيه بشكل قياسي ووجود نقص حاد في العملات الأجنبية بالبلاد.

العرب