اقرت رئاسة جمهورية العراق قانون الأختفاء القسري والذي صدر بعد مداولات عديدة ومناقشات مستمرة في مجلس النواب واجتماعات مجلس الوزراء،
تأتي أهمية صدور هذا القانون كونه يساهم في حماية الإنسان والحفاظ على حياته والتعبير عن ارائه وافكار بعيداً عن الممارسات والأساليب التعسفية والإضطهاد النفسي والتعذيب الجسدي والمتابعات الأمنية ومراعاة لمكانة الإنسان المجتمعية في التعبير وابداء الرأي.
ينص القانون الدولي على أن مفهوم الإختفاء القسري هو (الإحتجاز أو الإختطاف أو أي عمل يحرم الإنسان من حريته على يد جهة تابعة لسلطة أو أشخاص يتصرفون بدعمها أو إذائها ولا تعترف تلك الجهة بحرمان المختفي أو المختطف من حريته بل تنكر معرفة مصيره ومكان تواجده .) ،وبهذا يعتبر الإختفاء القسري الذي يستهدف المواطن على يد العديد من المليشيات والجماعات المسلحة جريمة ضد الإنسانية تتم بعدة مراحل عديدة من الإعتقال والإختطاف والإحتجاز والتعذيب ومن ثم قتل الضحية وإخفاء الجثة ويكون القتل سرياً وإخفاء القاتل والفاعل الأساسي وإنعدام الوقائع في تقديم الأدلة الميدانية عن وفاة الضحية.
وهذا ما يشكل حالة سلبية تؤثر على الحياة العامة وطبيعة وحركة المواطنين وخاصة أصحاب الرأي الناشطين السياسين الإعلاميين واعضاء منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان وحرية الفكر والرأي والصحافة الحرة الملتزمة.
أمام هذه الحالات والوقائع الإنسانية ودرءاً للذرائع والشبهات وإبعاد التهم والتقليل من أهمية هذه الجريمة الإنسانية والتستر على الفاعلين الحقيقين، جاء إصدار هذا القانون الذي ينسجم ويوافق ما وقعت عليه الحكومة العراقية عام 2010 بالتزامها بإتفاقية الحماية من الإختفاء القسري والتمسك بالمعايير الأساسية التي إحتوتها هذه الإتفاقية بالعمل على إصدار التشريعات والقوانيين الداعمة لعمل وفعالية هذه الإتفاقية وجاءت الأحداث المتتالية في المشهد العام في العراق لتؤكد الحاجة الإنسانية لإصدار قانوناً يتضمن جميع البنود الواردة في هذه الإتفاقية وتشكيل اللجان التحقيقية والبحث عن الجناة الميدانين المسؤولين عن إرتكاب هذه الجرائم الإنسانية وملاحقة الفاعلين ومحاسبتهم وإيقاع العقوبات القانونية بحقهم.
وحققت الرئاسة العراقية هدفاً اجتماعياً وفكرياً وانسانيأ السياسية وجاداً في عملها وفعالياتها على الميدان وإثبات وجودها وتفاعلها مع جميع الحقائق والفعاليات الميدانية والتفاعل الأحداث الجسام التي تطال الشعب العراقي وتتعلق بحياته وديمومة وجوده وإتخاذ القرارات المناسبة بل الرادعة التي تتعلق بالدفاع عن حرية وكرامة المواطن في العراق الذي أستبيحت كرامته في العديد من الأحداث التي عصفت بالمجتمع العراقي بل هددت حياته ووصلت الى حالة القتل والتعذيب والإقصاء والنيل منه ومن حقوقه المدنية بحيث أصبحت العدالة الإجتماعية مفقودة في العراق وحل محلها أدوات التعسف والظلم الإجتماعي والتعدي على حقوق المواطن وإرتهان حياته ومستقبل أبناءه بأدوات القتل والتعذيب والتخويف وزرع حالة الإحباط واليأس في نفوس الأخرين في محاولة لتغليب طابع الخوف والسطوة التي تقوم بها العديد من المليشيات والمجامبع المسلحة التي أصبحت تشكل هاجساً يقلق حياة الإنسان ،ولهذا نرى إستمرار حالة القلق والترقب التي تنتاب المواطن العراقي وخشيته على حياته وإستمرار بقاءه وعائلته في خضم الأحداث المتتالية التي عاشها أبناء الشعب العراقي، ومنعاً للأدوات المهيمنة وذات النفوذ والتحكم الميداني، جاء صدور القانون ليشكل انعطافة مهمة تساهم في تعزيز حالة الأمن والاستقرار المجتمعي ودعم حالة الثقة في نفوس المواطنين وتمتين علاقتهم مع السلطتين التشريعية والتنفيذية في القرارات الصادرة عنهما بما يحقق الغاية الأساسية في إسناد الحالة الفردية الأمنية التي تنتاب الإنسان الساعي إلى اطمئنان النفس وراحة البال وسكينة الروح.
يأتي القانون استجابة للعديد من المناشدات التي قامت بها منظمة (هيومن رايتس ووتش) وطالبت الحكومة العراقية بضرورة الاهتمام بمتابعة قضايا المغيبين قسرياَ واعداد قوائم بأسمائهم والاتصال بذويهم وعوائلهم وفق قواعد القانون الدولي والقوانين والاتفاقيات الخاصة بالاختفاء القسري حيث يعرف التغيب أنه (توقيف شخص ما على يد مسؤولين في الدولة أو وكلائها أو على يد أشخاص أو مجموعات تعمل بإذن من السلطات أو دعمها أو قبولها غير المعلن وعدم الاعتراف بالتوقيف أو الأفصاح عن مكان الشخص أو حالته ) .
يحقق هذا التعريف القانوني صورة التوجه الانساني والحرص الحكومي على الايفاء بوعودها تجاه حالات الاختفاء القسري وحث المؤسسات والأجهزة الرسمية التابعة لها بالعمل على متابعة ورصد هذه الافعال والبحث عن الجناة الحقيقين وأخذ جميع التدابير والخطوات الكفيلة بكشف طبيعة هذه الأعمال العدوانية التي تتنافى والقيم والأعراف الدينية والقوانين المرعية ومتابعة الجناة والكشف عنهم .
تستمر الصورة المأساوية والأزمة الاجتماعية وتستعيد أهميتها دائما كونها تهم المجتمع الدولي والمنظمات الانسانية، وبسبب الأحداث الدامية المؤلمة التي راح ضحيتها الآلآف من أبناء الشعب العراقي بعد الاحتلال الأمريكي وعدم وجود حلول جذرية تواجه فيها هذه الأزمة الاجتماعية في حالات التغيب والإختفاء القسري والعمل على إنفاذ القرارات وإصدارالقوانين التي تراعي حرمة الإنسان والحفاظ على حياته و اتسمت ببطئ الحركة والارادة المشلولة في مواجهة الفاعلين والمسلحين الذين ساهموافي توسيع دائرة الإختفاء القسري للمواطنين العراقيين واشاعة حالة الخوف والذعر بين الأوساط الاجتماعية والقوى المدنية وصولا الى تحقيق الأهداف والتوجهات الميدانية للمشروع السياسي الذي تتبناه الفصائل المسلحة بتوسيع دائرة وجودها ونفوذها وسيطرتها على مقدرات المجتمع.
ساهمت الأصوات والأقلام الصادقة والهيئات والمنظمات الانسانية والجهود الفعالة المجتمعية في تحقيق المطالبة بإصدار قانون الاختفاء القسري وبحلول جذرية واتباع أساليب منهجية للوصول الى نتائج ايجابية وحلاً للأزمة الاجتماعية التي تحيط بالمجتمع العراقي والعوائل المتضررة من غياب أبنائها في موضوع مهم يتعلق ب( التغيب القسري) ، هذه الأزمة الانسانية لا زالت محل بحث ومتابعة حثيثة كونها تشكل نقطة أساسية وحيوية وتمثل حالة انسانية تحدد مسارات الحياة الحرة الكريمة للمواطن العراقي في الاهتمام بحقوقه المدنية والدفاع عن وجوده الأدمي.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية