واشنطن تدفع نحو توسيع قاعدة شركاء التسوية في اليمن

واشنطن تدفع نحو توسيع قاعدة شركاء التسوية في اليمن

الرياض/ نيويورك – تسعى الولايات المتحدة إلى توسيع دائرة الأطراف المشاركة في التسوية التي تجري في اليمن، وألا تقتصر على أطراف دون أخرى، وهو ما كشف عنه اللقاء الثلاثي الذي عقد على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بين وزراء خارجية الولايات المتحدة والسعودية والإمارات.

ويرى مراقبون أن واشنطن تريد ألا يقتصر مسار التسوية الحالية على اللقاءات السعودية – الحوثية، وأن تلعب الإمارات دورا أكثر فاعلية في هذا المسار نظرا إلى شبكة علاقاتها القوية داخل الساحة اليمنية وفي الإقليم، وهو ما من شأنه أن ينعكس إيجابا على التسوية الشاملة التي تستجيب لمطالب مختلف الفاعلين على الأرض بشكل يفضي إلى حل دائم وليس إلى تسوية مؤقتة ترتبط بمصالح ظرفية أو بتوازنات يمكن أن تتغير في أي وقت.

وبنت الإمارات من خلال مشاركتها في التحالف العربي شبكة علاقات متنوعة عسكريا وأمنيا واجتماعيا في مناطق مهمة من اليمن، وخاصة في الجنوب، وساهمت بشكل حاسم في تحرير العاصمة المؤقتة عدن، ويؤهلها هذا الثقل لأن تمهد لمشاركة الجنوبيين في التسوية الشاملة التي تبحث عنها الأمم المتحدة لوقف الحرب في اليمن، ويجعل مشاركتها ضمانة لنجاح التفاهمات متعددة الأوجه بين الفرقاء اليمنيين.

وبعثت مشاركة رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي ضمن الوفد الرئاسي اليمني في نيويورك إشارة إلى دور الإمارات في التسوية مثل ما تريده واشنطن، حيث يكون الوفد اليمني ممثلا لمختلف الفاعلين، وفي الوقت نفسه إبراز الثقل الذي يمثله الجنوبيون في أي سلام مستقبلي، وخاصة أنه لا يمكن البحث عن تسوية بإغفال دور ووزن الانتقالي الجنوبي الذي يتمركز في عدن ولديه ثقل شعبي في محافظات الجنوب يجعل من أي مسعى لاستثنائه من التسوية أمرا عبثيا.

وبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في نيويورك مع نظيريه الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد والسعودي الأمير فيصل بن فرحان “الحاجة الملحة إلى حلّ دائم للصراع في اليمن، وأولويات أخرى”، وفق ما كتبه الوزير الأميركي على منصة إكس. وأضاف “التنسيق مع شركائنا بشأن اليمن والتحديات الإقليمية أمر بالغ الأهمية لتحقيق السلام والاستقرار”.

وذكرت وكالة أنباء الإمارات أن وزراء خارجية الإمارات والسعودية والولايات المتحدة أكدوا على “أهمية التعاون الوثيق بين الدول الثلاث ومجلس القيادة الرئاسي في اليمن لتعزيز جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة”.

وتعرف واشنطن أنها لا تستطيع الضغط على الحوثي لتقديم تنازلات بهدف إنجاح تسوية شاملة، لذلك تعمل على توسيع دائرة المشاركين المباشرين في مسار التفاوض حتى لا ينتهي الأمر إلى تفاهمات ثنائية سعودية – حوثية يحقق فيها كل طرف مطالبه المباشرة ويحصل على ما يريد على حساب حقوق أطراف يمنية أخرى.

ورغم المؤشرات الإيجابية التي أبانت عنها المفاوضات بين الحوثيين والسعودية بوساطة عمانية يرى المراقبون أن توسيع قائمة الشركاء سيكون ضمانة لإنجاح هذه المحادثات وتحويلها من البعد الثنائي إلى مدى أوسع أكثر جدوى لليمنيين والإقليم معا.

ثقل الإمارات في الجنوب يؤهلها لتمهيد مشاركة الانتقالي الجنوبي في التسوية الشاملة التي تبحث عنها الأمم المتحدة

ووصف مسؤولون سعوديون وحوثيون المحادثات التي أجروها في الرياض على مدى خمسة أيام بـ”الجدية والإيجابية”، معربين عن تفاؤلهم بإمكانية التوصل إلى خارطة طريق لوضع حرب اليمن على سكّة الحل، رغم عدم الخروج باتفاق واضح.

وعاد الوفد الحوثي مساء الثلاثاء إلى صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين منذ تسع سنوات، بعد زيارة علنية إلى السعودية.

وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إنها ترحب “بالنتائج الإيجابية للنقاشات الجادة بشأن التوصل إلى خارطة طريق لدعم مسار السلام في اليمن”.

وقال وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان على منصة إكس إنه التقى الوفد الحوثي وأكد خلال اللقاء “وقوف المملكة مع اليمن وشعبه الشقيق، وحرصها على تشجيع الأطراف اليمنية للجلوس على طاولة الحوار”. وأضاف “نتطلَّع إلى أن تحقّق النقاشات الجادة أهدافها، وأن تجتمع الأطراف اليمنية على الكلمة ووحدة الصف”.

وقال الحوثيون من جهتهم إن المحادثات مع المسؤولين السعوديين التي جرت بوساطة عُمانية كانت إيجابية. وكشف محمد عبدالسلام، عضو الوفد والمتحدث الرسمي باسم حركة أنصار الله، أن الوفد “أجرى فور وصوله إلى الرياض لقاءات مكثفة مع الجانب السعودي”.

وتمّت خلال هذه اللقاءات، بحسب عبدالسلام، مناقشة “بعض الخيارات والبدائل لتجاوز قضايا الخلاف التي وقفت عندها الجولة السابقة”، في إشارة إلى زيارة وفد سعودي لصنعاء في أبريل الماضي، مضيفا “سنرفعها إلى القيادة للتشاور”.

وقال عضو المكتب السياسي للحركة علي القحوم إن جولة جديدة من المحادثات ستجري في وقت لم يحدّده، بعدما “اتسمت المفاوضات” في السعودية “بالجدية والإيجابية والتفاؤل في تجاوز التعثّر والعقد في الملفات الإنسانية وصرف الرواتب والمعالجات الإنسانية”.

ورحّبت كذلك وزارة الخارجية الأميركية في بيان بالمحادثات، مؤكدة أن وضع خارطة الطريق لإنهاء الصراع “من خلال عملية سياسية بقيادة يمنية وبرعاية الأمم المتحدة له أهمية قصوى بالنسبة إلى الولايات المتحدة”.

وأبلغ مسؤول في الحكومة اليمنية، مطّلع على فحوى المحادثات بين الحوثيين والسعودية، وكالة فرانس برس بأنّ المحادثات تركّزت على مسألة تسديد رواتب موظفي حكومة الحوثيين غير المعترف بها عن طريق السلطة وتدشين وجهات جديدة من مطار صنعاء الذي ظلّ مغلقا لسنوات قبل أن يسمح التحالف في العام الماضي بفتح أجوائه لطائرات تقوم برحلات إلى الأردن ومصر.

وكان من المتوقع كذلك أن يناقش الحوثيون مع المسؤولين السعوديين “الصيغة النهائية” لوقف شامل ودائم لإطلاق النار، على أن يباشر أطراف النزاع بعد ذلك التفاوض مباشرة للتوصل إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة وبدعم من السعودية وعُمان.

العرب