معضلة النفط حين يتجاوز سعره 100 دولار

معضلة النفط حين يتجاوز سعره 100 دولار

واشنطن – أدت تخفيضات الإنتاج التي فرضتها المملكة العربية السعودية وروسيا، وهما القوتان الرئيسيتان في أوبك+، إلى مواصلة أسعار النفط الخام في الارتفاع، وهو ما يقول محللون إنه يشكل معضلة.

وتقول المحللة هالي زاريمبا على موقع أويل برايس الأميركي إن التخفيضات الهادفة لرفع أسعار النفط كانت ناجحة، حيث قفزت أسعار البرميل بنسبة هائلة بلغت 30 في المئة منذ شهر يونيو.

وتضيف زاريمبا أن الأسعار اليوم تقترب أكثر من أيّ مرحلة سابقة من مستوى 100 دولار للبرميل ويمكن أن تتجاوز حتى هذا المبلغ الهائل إثر الإعلان الأخير لروسيا والسعودية عن خططهما التي تشمل تمديد تخفيضات الإنتاج الطوعية القائمة.

لطالما كان ارتفاع الأسعار خبرا جيدا لصناعة النفط، لكن الأمر قد يؤثر هذه المرة حتى على الشركات النفطية الكبرى

ولطالما كان ارتفاع أسعار النفط خبرا جيدا لصناعة النفط، حتى مع تسبّبه في أزمات تمسّ قطاعات أخرى. لكن الأمر قد يؤثر هذه المرة حتى على الشركات النفطية الكبرى.

وبينما يمكن أن يحقق ارتفاع أسعار النفط أرباحا كبيرة لقطاع النفط، إلا أن هناك خطا رفيعا بين المحفز والمثبط، حيث يمكن أن تؤدي الأسعار المرتفعة إلى انخفاض كبير في الطلب حين تواجه السوق صدمة.

وحين وصلت أسعار النفط إلى متوسط 110 دولارات للبرميل خلال شهري يونيو ويوليو 2022 على سبيل المثال، انخفض الطلب على البنزين في الولايات المتحدة بنسبة 4.1 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من 2021 عندما كان النفط يباع بسعر 70 دولارا للبرميل.

ومع بلوغ مستوى 110 دولارات، انخفض حجم فجوة الطلب على أساس سنوي، مما يؤكد العلاقة المتبادلة بين ارتفاع أسعار النفط وتحفظ المستهلكين.

وقد يكون هذا التأثير أقوى هذا العام، حيث أن مدخرات الأسر في الولايات المتحدة أقل، ومن المرجح أن تقلص ميزانياتها.

وأكّد معهد بنك أوف أميركا انخفاض متوسط مدخرات الأسر الأميركية التي تجني ما بين 50 ألف دولار إلى 100 ألف دولار سنويا بمقدار النصف.

وأصبح هذا الاتجاه النزولي المثير للقلق على وشك التفاقم بالنسبة إلى الملايين مع استئناف سداد القروض الطلابية في الشهر المقبل، وهو ما يمثل نحو 100 مليار دولار شهريا على المستوى الوطني.

ومن غير المفاجئ أن يسبب ارتفاع أسعار النفط القلق والانزعاج في بنك الاحتياطي الفيدرالي.

وكان ارتفاع أسعار النفط من محركات الركود الرئيسية في الولايات المتحدة في منتصف السبعينات، وفي مطلع الثمانينات والتسعينات، حيث سببت أسواق الطاقة وأسعارها ارتفاع التضخم مما قوض قوة المستهلكين الشرائية. وتتزايد لذلك المخاوف من الركود بالتزامن مع تزايد أسعار النفط الخام.

وذكرت منصة بلومبيرغ الأميركية للتداول والأسواق المالية هذا الأسبوع أن “صانعي السياسات سيكونون في حالة تأهب قصوى تحسبا لارتفاع توقعات التضخم بسبب البنزين على وجه الخصوص، حيث يخشون أن يسبب ذلك زيادة كبيرة في الأسعار”.

ونقلت بلومبيرغ عن مارك زاندي كبير الاقتصاديين في وكالة موديز أناليتكس قوله إن “ارتفاع أسعار النفط هو في قمة مخاوفي في هذه المرحلة. ستؤثر علينا تلك التي تزيد عن 100 دولار مهما كانت مدتها”. ومن المرجح ألا تكون صناعة النفط نفسها محمية من هذا التأثير.

وتواجه حالة المدخرات واقتصاديات الأسر في الولايات المتحدة مخاطر بالفعل، كما سيكون التأثير الذي سيعانيه المستهلك محسوسا في البلدان النامية كالعادة.

وخلافا للاتجاهات التاريخية، استمر ارتفاع قيمة الدولار إلى جانب أسعار النفط، مما فرض ضغطا مؤلما على الاقتصادات ذات العملات الأضعف التي اضطرت إلى شراء النفط المقوم بالدولار. وسيكون تأثير هذا خطيرا على الاقتصاد العالمي وأسواق الطاقة، حيث تضم هذه البلدان النامية أسواق الهند والصين العملاقة.

وبينما لا تختلف تسعيرة الـ100 دولار كثيرا عن 99 دولارا للبرميل على سبيل المثال، إلا أن الثلاثة أرقام تحمل تأثيرا نفسيا كبيرا على المستهلكين وعلى سوق الطاقة ككل.

وسيُحدث عبور هذا الخط بالتالي موجات صدمات غير متناسبة في السوق العالمية الهشة التي تعاني من ضائقة مالية. ويجب أن تستعد صناعة الطاقة لهذا في الأشهر المقبلة.

ولا يتوقع معظم الخبراء أن يتواصل السعر المكون من ثلاثة أرقام لفترة طويلة، ولكن من المرجح أن يتواصل تأثير الضرر لأبعد من ذلك.

العرب