مسقط – لفتت الفيضانات المفاجئة الناجمة عن الأمطار الموسمية الغزيرة في باكستان وعمان والإمارات وجنوب شرق إيران، خلال صيف 2022، الأنظار إلى التغيرات المناخية الكبرى في بحر العرب، وضرورة أن تكون دول الخليج مستعدة لمثل هذه الطوارئ في ضوء توقّع حدوث تقلبات مناخية أوسع زمنيا وأكثر حدة.
ويلعب بحر العرب دورا رئيسيا في هبوب الرياح الموسمية في جنوب آسيا وأفريقيا، وهو مصدر للرطوبة. وارتفعت درجات الحرارة وضغط البخار في شمال بحر العرب بشكل مطرد منذ الثمانينات، وسجّلت درجات حرارة سطح البحر ارتفاعا مشابها منذ 2003. وتختلط هذه الظواهر لتشكل معا وصفة لكارثة مناخية.
ويشار إلى أن للكتلة الهوائية المتوسطة الأكثر دفئا فوق البحر قدرة متنامية على الاحتفاظ بالمياه، لذلك يستغرق تشبعها وقتا أطول، وهو ما يباعد بين فترات هطول الأمطار التي تكون كارثية حين تحلّ.
ويرى الكاتب أوريستيس مورفين في تقرير لمعهد الشرق الأوسط أنه يجب أن تكون البنية التحتية قادرة على التقاط المياه السطحية وإبعادها ومعالجتها وفق تغيرات المناخ الجديدة، التي قد تكون أسرع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أي مكان آخر.
وحث مورفين على توجيه عملية إعادة تأهيل البنية التحتية الموجودة مسبقا بالإضافة إلى المستلزمات المحدثة لإنشاء بنية تحتية جديدة، مشددا على وجوب إجراء إحصائيات سليمة وتحليل حديث لتكرّر الفيضانات.
وتحتاج المنطقة إلى دراسة الحلول المبتكرة لتخزين المياه المتأتية من هذه الظواهر الطبيعية ونقلها ومعالجتها.
ولا تحتاج البلدان الأصغر حجما، أو ذات المناظر الطبيعية الأكثر تجانسا (مثل البحرين وقطر)، إلا إلى التركيز على التكيف مع نوع معين من الأحداث الخطيرة التي تواجهها في أغلب الأحيان.
لكن تكييف البنية التحتية ممكن في بلدان منطقة بحر العرب ذات الجغرافيا المتنوعة، مثل عمان، للاستفادة من هطول الأمطار الغزيرة العرضية أو حتى في حالات تساقط الثلوج الغزيرة النادرة والاختلاف في توقيت وصول المياه.
وتكون الأمطار الموسمية محلية إلى حد كبير، وبعض البلدان المطلة على بحر العرب، مثل عمان، في وضع فريد للاستفادة من الرياح الموسمية الصيفية ومن تبعاتها.
وتشهد منطقة صلالة في جنوب عمان، بين شهري يونيو وسبتمبر، أمطارا جنوبية غربية تتشكل على طول الساحل الجنوبي، حيث يتجه الهواء الدافئ والرطب من بحر العرب نحو شبه القارة الهندية. ومع اقتراب نهاية فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي، يسهم هذا النمط في ارتفاع درجات الحرارة في شرق أفريقيا، ما يؤدي إلى هبوب الرياح من خليج عمان التي تساهم في هطول الأمطار، وأحيانا تتساقط الثلوج على جبال الحجر.
في المقابل قد تؤثر الأعاصير على مناطق واسعة، وهو ما أصبح شائعا بشكل متزايد في بحر العرب، مما يؤدي إلى هطول الأمطار الغزيرة وهبوب العواصف والرياح العاتية.
وتساءل مورفين: إذا أمكن تصميم المباني والطرق لتتحمل تأثيرات الأحداث المناخية القاسية، فلماذا لا نعيد تصور البيئة لتتوافق مع البنية التحتية الملائمة لإمدادات الطاقة والمياه والاستفادة من المكاسب غير المتوقعة؟
ومن المهم معرفة أن المخطط الأساسي لتحويل مثل هذه الأحداث من أعباء إلى مكاسب غير متوقعة موجود بالفعل ولكن على نطاق ضيّق.
وعلى مستوى المدن وعلى الصعيد الإقليمي خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعمل الكثير من المرافق على تحفيز الامتثال لمعايير السلامة والبيئة قبل الموافقة على البنية التحتية الجديدة.
ويتطلب توسيع نطاق هذا النهج قفزة مماثلة في التخطيط والتنظيم. ومن المهم أن تتطور خيارات تمويل مثل هذه المشاريع إلى جانب التهديدات المتزايدة التي يشكلها تغير المناخ.
العرب