قناة السويس تعزز المواءمة بين الحزام والطريق ورؤية مصر 2030

قناة السويس تعزز المواءمة بين الحزام والطريق ورؤية مصر 2030

القاهرة – يلعب موقع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس دورا فعالا في قلب مبادرة الحزام والطريق الصينية، بما يضمن شراكة إستراتيجية دائمة بين الجانبين، لتعزيز مفهوم دور الممرات الاقتصادية والموانئ في التنمية ما يعود بالنفع على جميع الأطراف.

وتقول الباحثة نادية الهلمي في تحليل على موقع موديرن دبلوماسي إن هذا يقودنا إلى نقطة أساسية وهي أهمية التكامل بين الموانئ والمناطق الصناعية مثل قناة السويس باعتبارها نموذجا للتعاون الدولي، ما يفتح آفاقا لا نهاية لها أمام الاستثمارات المتنوعة.

وتعد قناة السويس بوابة رئيسية لدخول المنتجات الصينية إلى الأسواق الأفريقية والأوروبية والعربية والأميركية، نظرا لموقعها الإستراتيجي على البحرين الأحمر والمتوسط.

ويخدم ذلك مبادرة الحزام والطريق الصينية، وسيظهر ذلك بشكل كبير بعد الانتهاء من أعمال تطوير ميناء السخنة بالسويس، والذي سيصبح أحد الموانئ المحورية في البحر الأحمر ونقطة ارتكاز لخدمة التجارة الدولية ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية.

وتعتبر قناة السويس المحطة الرئيسية والممر البحري الرئيسي للمسار البحري لمبادرة الحزام والطريق، والتي تركز على ربط قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، بالإضافة إلى الرابط البري بين الصين وباكستان وأوروبا.

قناة السويس تعد بوابة رئيسية لدخول المنتجات الصينية إلى الأسواق الأفريقية والأوروبية والعربية والأميركية، نظرا لموقعها الإستراتيجي على البحرين الأحمر والمتوسط

ويمتد الطريق البحري لمبادرة الحزام والطريق الصينية من جنوب الصين إلى مضيق مول، المحيط الهندي، القرن الأفريقي، مضيق باب المندب، وصولا إلى قناة السويس.

ولهذا السبب تسعى دولة الصين في ظل نظام العولمة والنظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي تحاول تعزيزه بما يخدم مصالح الدول الأفريقية والنامية بشكل رئيسي، إلى إطلاق العديد من المبادرات العالمية وأهمها “مبادرة الحزام والطريق”، التي تتيح لها التعاون مع شركائها الإستراتيجيين.

وفي هذا الإطار وقعت الصين رسميا وثيقة تعاون مع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والمشاركة في إنشاء العديد من الصناعات ومشروعات البنية التحتية بالتعاون بين الصين ومصر عبر ممر قناة السويس.

ولا يهدف إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية فقط إلى الشق المادي المتعلق بالاستثمارات والمشاريع، بل يهدف أيضا إلى بناء القيم الإنسانية، حيث تهدف المبادرة إلى بناء عالم أفضل يتقاسم تلك القيم ويسعى إلى بناء علاقات دولية مبنية على السلام وتحقيق التنمية الشاملة لكافة القطاعات، والعمل على إحلال السلام بدلا من العنف.

وتلعب قناة السويس المصرية دورا رئيسيا في زيادة التعاون في مجالات التبادل التجاري، وتوطين الصناعة، ونقل التكنولوجيا والطاقة الصينية إلى مصر، حيث إن الهدف الرئيسي لمبادرة الحزام والطريق الصينية هو دعم الاقتصاد والتجارة البينية بين الدول، وتسهيل التجارة، ومد خطوط الاتصالات، كما تشمل المبادرة مد خطوط الكابلات والاتصالات والإنترنت والرقمنة البحرية.

قناة السويس تعتبر المحطة الرئيسية والممر البحري الرئيسي للمسار البحري لمبادرة الحزام والطريق

وتمثل مصر رقما مهما للغاية ولها ثقلها في المبادرة، مع الأخذ في الاعتبار قناة السويس، وأهمية الموقع الجغرافي، حيث تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب.

وتعتمد مبادرة الحزام والطريق الصينية في المقام الأول على مفهوم الممرات الاقتصادية للتنمية، باعتبار أن قناة السويس هي أهم وأبرز ممر ملاحي دولي يربط القارات الثلاث التي تنتمي إليها دول المبادرة بالمنطقة الاقتصادية المحيطة بقناة السويس بشكل مباشر. وقد تم التخطيط له وفق رؤية مستقبلية تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد المختلفة للتطور المستقبلي المتوقع في حركة النقل البحري ومعدلات التجارة الدولية. وهنا، يمكن لمصر والصين التعاون في مبادرة الحزام والطريق الصينية بعدة طرق.

وتختلف مبادرة الحزام والطريق عن الكتل الاقتصادية الأخرى من حيث أنها الأولى من نوعها التي تربط التجارة بالتنمية.

وتعد مصر أيضا شريكا مهما في بناء الحزام والطريق. ويحرص الجانب الصيني على تعزيز المواءمة بين مبادرة الحزام والطريق ورؤية مصر 2030.

وتدعم الصين الجانب المصري في دفع وتيرة التصنيع وتعزيز القدرات العلمية والتكنولوجية ورفع مستوى التنمية، بالإضافة إلى تعميق التعاون في مجال الأمن وإنفاذ القانون بين البلدين، بما يحفظ الأمن المشترك لهما.

مصر تمثل رقما مهما للغاية ولها ثقلها في المبادرة، مع الأخذ في الاعتبار قناة السويس، وأهمية الموقع الجغرافي، حيث تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب

كما يحرص الجانب الصيني على تعزيز التنسيق والتعاون مع الجانب المصري في الشؤون الدولية للعمل معا لدعم وتنفيذ التعددية، ونبذ النزعة الأحادية والتنمر، وضمان الاتجاه الصحيح لإصلاحات الحوكمة العالمية.

ويلعب الجانب المصري دورا فعالا في إطار منتدى التعاون الصيني – العربي ومنتدى التعاون الصيني – الأفريقي.

وتشمل قائمة الشركات الصينية المستثمرة في مصر شركة سينو ثروة للحفر، وشركة شمال العالمية للبترول، وتيدا للاستثمار، وجوشي مصر لصناعة الفيبرجلاس، وهواوي تكنولوجي، وكونكو تكنولوجي بالإضافة إلى عدد كبير من المشروعات التي تنفذها بعض الشركات الصينية بنظام التعاقد المباشر.

ومن أبرز المشروعات الصينية الجاري تنفيذها: مشروع حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة، منطقة تيدا السويس للمصريين الصينيين. التعاون الاقتصادي ومشروع القطار الكهربائي بمدينة العاشر من رمضان. بالإضافة إلى تمويل “Exim Bank of China” تنفيذ مشروع السكك الحديدية لربط القاهرة بالعاصمة الإدارية الجديدة بتكلفة تزيد عن المليار ونصف المليار دولار.

ولذلك تسعى الصين إلى توسيع استثماراتها في منطقة قناة السويس، خاصة باعتبارها محورا هاما للتنمية. كما تمثل المنطقة حلقة وصل مهمة وتلعب دورا بارزا في مبادرة الحزام والطريق الصينية، خاصة في ظل تنفيذ خطة التنمية الطموحة الرامية إلى إقامة مشروعات تنموية في محور قناة السويس، بما في ذلك الخدمات اللوجستية بما يمثل فرصة جيدة للتعاون بين الجانبين في العديد من المجالات، خاصة التكنولوجيا والبنية التحتية في ما يقرب من 6 موانئ ومنطقتين متكاملتين، بالإضافة إلى دور محور قناة السويس في تعزيز التعاون الاقتصادي الصيني – المصري، وجعل مصر نقطة انطلاق للأسواق العربية والأفريقية، وذلك بحكم عضوية مصر في اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى والتجمع الاقتصادي لدول شرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا).

ويحظى محور قناة السويس بأهمية خاصة ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية، خاصة في ظل الخدمات التي تقدمها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لدعم حركة التجارة العالمية عبر موانئها، وأبرزها خدمات تموين السفن بالوقود الأخضر، بالإضافة إلى دور الشركات الصينية في موانئ المنطقة وقناة السويس، مثل: “Hutchison وCOSCO وCMA Alliance” المسؤولة عن إدارة وتشغيل أحد الأرصفة بميناء العين السخنة بمحور قناة السويس، مع استثمارات تقدر بأكثر من 600 مليون دولار، في إطار الدور الفعال الذي تلعبه قناة السويس في جذب الاستثمارات الصينية في قطاعات الخدمات المالية واللوجستيات والموانئ.

ولذلك، تم تعزيز التعاون بين العديد من المقاطعات والمدن الصينية والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في هذا السياق.

وتهدف شركة “تي.إي.دي.أي” الصينية إلى الترويج لمنطقتها الصناعية في العين السخنة، بالإضافة إلى فرص الاستثمار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس أمام الشركات الصينية المختلفة، وتعزيز التعاون مع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في مصر باعتبارها حليفا اقتصاديا ذا أهمية كبيرة لتركيا.

ومن أجل تعزيز التعاون الصيني – المصري في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية، تسعى الصين إلى توسيع قاعدة التعاون مع مصر، بحيث تكون نقطة انطلاق للتعاون الصيني – الأفريقي، والمشاركة الصينية في تعزيز التعاون الصيني – الأفريقي والتنمية الاقتصادية والاستقرار السياسي لدول القارة، خاصة في ظل نظام العولمة المادية وعجز الشعوب التي لا تزال في بداية عملية التطوير لمواكبة الحركة العالمية والانتقال السريع نحو العولمة، ولذلك تستهدف مبادرة الحزام والطريق الصينية الدول النامية من أجل العمل على تعزيز تعاونها الاقتصادي ورفع مستوى المعيشة لشعوب تلك المناطق.

وترى الهلمي أن كل مقومات النجاح متوافرة لمبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث انطلقت من مفهوم تنموي شامل يتناول الاقتصادات الناشئة، وتهدف إلى تعزيز التعاون مع العديد من المؤسسات المالية الدولية، فضلا عن المؤسسات الاقتصادية والتكتلات والمنظمات، مثل آسيان، بريكس، الاتحاد الأوروبي، منظمة التجارة العالمية، وغيرها.

العرب