حرب التشويش الإعلامي تصل مديات جديدة وتستهدف الإمارات

حرب التشويش الإعلامي تصل مديات جديدة وتستهدف الإمارات

أبوظبي – يصاحب التصعيد بين حماس وإسرائيل عادة تشويش إعلامي من جهات تريد استثماره لاستهداف دول بعينها، لها معها خلاف حول مواضيع أخرى وفشلت في النيل منها، مثلما يجري حاليا مع الإمارات من خلال مزاعم “حول وصول سرب من الطائرات العسكرية الأميركية إلى قاعدة الظفرة الجوية في دولة الإمارات لتقديم الدعم إلى إسرائيل”.

وأكدت وزارة الدفاع الإماراتية في بيان لها الثلاثاء أن “هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأن تواجد الطائرات الأميركية في قاعدة الظفرة يجري وفق جداول زمنية محددة مسبقاً منذ عدة شهور في إطار التعاون العسكري بين دولة الإمارات والولايات المتحدة ولا يرتبط إطلاقا بالتطورات الحاصلة في المنطقة حاليا”.

ويرى مراقبون أن التشويش الإعلامي على الإمارات، سواء في شكل إشاعات أو “تقارير إعلامية”، كله يصب في صالح المجموعات الإسلامية المتشددة التي تريد تصفية الحساب مع أبوظبي بسبب موقفها الثابت ضد التطرف وتوظيف الدين لأجندات سياسية وتبنيها لمقاربة تقوم على التسامح والتعايش والحوار بين الأديان.

ولعبت الإمارات دورا مؤثرا في إفشال خطط المجموعات المتشددة وسعيها للسيطرة على السلطة من بوابة “الربيع العربي” سواء في شمال أفريقيا أو اليمن.

وفي مواجهة ثبات الموقف الإماراتي، يلجأ المتشددون إلى التشويش والتشويه عبر إطلاق الإشاعات على نطاق واسع، ويلعبون على عواطف الناس في الملفات الحساسة مثل القضية الفلسطينية لمحاولة استهداف الإمارات.

ويستفيد المتشددون من شبكة علاقات بنتها الجمعيات الإسلامية في الغرب لتسريب الإشاعات ونشرها في قالب سبق صحفي يتحول إلى ورقة ضغط، وكأن الإعلام الغربي منزّه عن الخطأ ولا يتورط بعضه في تنفيذ خططهم خدمة لأجندات أوسع.

◙ يتم التلبيس على دور الإمارات في الملف الفلسطيني لغاية التشويش بالرغم من أنها لعبت دورا كبيرا في دعم الفلسطينيين بما في ذلك قطاع غزة

ونقلوا حملاتهم وخططهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي مستفيدين من غياب ضوابط واضحة لمواجهة خطاب الاستهداف والتحريض دون أدلة ضد خصومهم، ووجدوا في التصعيد بين حماس وإسرائيل فرصة لتمرير اتهاماتهم خاصة أن جمهور مواقع التواصل تسيطر عليه العاطفة والحماس ويمكن خداعه ولو لبعض الوقت.

لكن الإشاعة هذه المرة مهزوزة وفاشلة لأن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى قاعدة الظفرة للانطلاق منها لدعم إسرائيل إذا أرادت ذلك، فلديها حاملة طائرات موجودة بالمتوسط حاليا وفيها ما يكفي من طائرات وصواريخ وذخائر.

فلماذا إذاً الزج بالإمارات وليس غيرها؟ ولماذا قاعدة الظفرة وليس أيّ قاعدة أميركية أخرى في الخليج؟

يتم التلبيس على دور الإمارات في الملف الفلسطيني لغاية التشويش بالرغم من أنها لعبت دورا كبيرا في دعم الفلسطينيين بما في ذلك قطاع غزة.

وفي الأيام الماضية كانت الإمارات محور حراك دبلوماسي للبحث عن سبل وقف التصعيد و”أهمية ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين”، وهو الهدف الأول بالنسبة إلى أبوظبي، ويقوم على تحييد المدنيين عن الصراع العسكري المباشر بين حماس وإسرائيل.

واستقبل رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتصالات من الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان محورها التحرك لوقف التصعيد وسبل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين. وتظهر الاتصالات أهمية الإمارات ودورها في الملف الفلسطيني، وقدرتها على التحرك.

◙ المتشددون يستفيدون من شبكة علاقات بنتها الجمعيات الإسلامية في الغرب لتسريب الإشاعات ونشرها في قالب سبق صحفي يتحول إلى ورقة ضغط

وأعلنت وكالة أنباء الإمارات (وام) الثلاثاء أن الشيخ محمد بن زايد وجه بتقديم مساعدات عاجلة إلى الفلسطينيين بمبلغ 20 مليون دولار، في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يمرون بها.

وأضافت “يأتي هذا الدعم من خلال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في إطار مواقف دولة الإمارات الأخوية ونهجها تجاه دعم الأشقاء في مختلف الظروف ومد يد العون لهم والذي يعد من ثوابت دولة الإمارات”.

لكن توجيه الدعم لقطاع غزة لا يعني أن الإمارات تدعم ما قامت به حماس من هجوم عسكري كبير على إسرائيل ولا أسرها للعشرات من الجنود والمدنيين الإسرائيليين. ويرى المراقبون أن الإمارات تحتكم لثوابتها في إصدار موقفها من التصعيد، وأنها تحمّل كل طرف مسؤولية ما قام به.

واعتبرت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان لها أن هجمات حماس “ضد المدن والقرى الإسرائيلية القريبة من قطاع غزة، بما في ذلك إطلاق آلاف الصواريخ على التجمعات السكانية، تشكل تصعيدًا خطيرا وجسيمًا”، مشددةً على “ضرورة أن ينعم المدنيون من كلا الجانبين بالحماية الكاملة”.

ولا يعرف لماذا التركيز على موقف الإمارات دون سواه مع أن موقف الجامعة العربية يصب في التوجه ذاته من خلال إدانة “قتل المدنيين من الجانبين” ووقّعت عليه أغلب الدول العربية من الخليج إلى شمال أفريقيا.

العرب