لقي قرار مجلس حقوق الإنسان، القاضي بتشكيل لجنة أممية للتقصي حول حقائق الجرائم والانتهاكات التي تم ارتكابها ضد المدنيين في السودان ودارفور، ترحيبا إقليميا، إلا أن عمل هيئة التحقيق الدولية معرض للعرقلة من قبل الجيش السوداني المناوئ للهيئات الأممية.
لومي – تتطابق إجازة قرار تشكيل لجنة تقصي الحقائق في السودان مع توصيات لقاء توغو التشاوري للمجتمع الدولي والإقليمي بضرورة إنشاء لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في الانتهاكات التي ارتكبت ضد المدنيين وضمان تنفيذ مبدأ عدم الإفلات من العقاب خصوصا الجرائم التي ارتكبت في دارفور.
وجدد المجتمعون في لقاء توغو التشاوري مطالبتهم للجنة تقصي الحقائق الأممية بالتقصي والتحقيق في مسببات الحرب التي اندلعت في 15 أبريل الماضي ومن قام بإشعال شرارتها ومن يرفض إيقافها ويدعو إلى استمراريتها ومن المستفيد من وراء ذلك، حتى “نضع نهاية للحروب في السودان وإلى الأبد من خلال معالجة أسباب الحروب وذلك لضمان عدم قيامها مجددا حتى نتفادى أثارها”.
وأكد مسؤول الإعلام باللجنة التنفيذية للقاء توغو التشاوري أيوب عثمان نهار استعداد اللجنة للعمل المشترك مع لجنة تقصي الحقائق الأممية وتقديم العون والمعلومات اللازمة حتى تتمكن من أداء مهامها على أكمل وجه وإظهار الحقائق على الأرض ومحاسبة المجرمين.
وفي إجابته عن كيفية رؤيته لأدوار الهيئات الأممية في الجرائم المرتكبة بإقليم دارفور وكذلك دور البعثة الأممية في إنهاء الحرب الدائرة الأن، قال عثمان نهار إن الهيئات الأممية يمكن أن تلعب دورا محوريا ورئيسيا للتحقيق في الجرائم المرتكبة في إقليم دارفور نظرا إلى “عدم رغبة الجيش وفلول النظام البائد غير الشرعية والقضاء السوداني في تحقيق العدالة وكذلك عدم قدرتها وفشلها في القيام بدورها في إجراء تحقيقات قضائية عادلة وشفافة”.
فرض عقوبات على قادة فلول النظام السابق وقادة الجيش السوداني أحد طرق التعامل مع أي محاولات لعرقلة عمل اللجنة
ويرجع عثمان نهار كل ذلك إلى الفساد الممنهج الذى ضرب كافة مؤسسات الدولة بما فيها القضاء و”سيطرة الجيش وفلول النظام البائد من الإسلاميين على مفاصل الدولة ولتورط قيادات عسكرية وسياسية بارزة في ارتكاب جرائم وانتهاكات ضد الشعب السوداني طيلة ثلاثة عقود من حكم الإخوان المسلمين”.
وأكد “لذلك ظللنا ندعو منذ بداية الحرب بضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في الجرائم المرتكبة ومن ثم تقديم كافة المجرمين إلى العدالة”.
ويرى مسؤول الإعلام باللجنة التنفيذية للقاء توغو التشاوري أن البعثة الأممية يمكن أن تلعب كذلك دورا محوريا في إنهاء الحرب الدائرة حاليا لكن ذلك يتطلب التحرك بجدية وممارسة الضغوط بحيث يكون ملزما التعاون معها، وذلك لعدم تعاون الجيش وفلول النظام السابق مع هذه البعثة ووضع العراقيل أمامها.
وآخر العراقيل التي وضعها الجيش السوداني طرده لرئيس البعثة الأممية إلى السودان فولكر بيرتس وذلك لدوره الهام عبر اللجنة الثلاثية في التوسط بين الفرقاء السودانيين من أجل التوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية التي توجت بتوقيع الاتفاق الإطاري المفضي إلى التحول المدني الديمقراطي وتسليم السلطة إلى المدنيين.
وقال عثمان نهار إن ذلك لم يعجب فلول النظام السابق وبسببها أشعلت حرب 15 أبريل.
وأكد أن “سلطة الجيش وفلول النظام البائد الحالية غير الشرعية تفتقر إلى الإرادة السياسية ولا ترغب في إنهاء الحرب لذلك يجب على المجتمع الدولي التحرك بوتيرة أسرع وجدية أكثر”.
وفي سؤاله عن إمكانية أن يؤدى قرار مجلس حقوق الإنسان بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في تطورات الصراع بالسودان في الوصول إلى نتائج إيجابية بشأن ما حدث في إقليم دارفور بعد اندلاع الحرب، قال عثمان نهار إن قرار مجلس حقوق الإنسان بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الجرائم المرتكبة خطوة إيجابية وإن أتت متأخرة بعض الشي.
وأضاف أن اللجنة يمكن أن تساعد في الوصول إلى نتائج إيجابية من خلال جمع المعلومات وتقصى الحقائق لتحديد الأطراف التي ارتكبت الانتهاكات وذلك من خلال تذكير كافة الأطراف بأن هنالك من يراقب الوضع وذلك لضمان تنفيذ مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وأن كل الجرائم تحت الرصد والمتابعة تمهيدا لتقديم مرتكبيها إلى العدالة.
وفي إجابته عن إمكانية طمس معالم الجرائم أشار عثمان نهار إلى أن الأمر مرتبط بعدة عوامل تتمثل في تجريف المقابر الجماعية للضحايا بواسطة التغييرات البيئية أو بمحاولة طمس معالم الجرائم بواسطة الحكومة سواء بتغيب الشهود ومحاولة التخلص منهم أو التخلص من المقابر نفسها.
وأشار إلى أن التأخير في إنشاء لجان التحقيق يمكن أن يؤدى إلى طمس جزء كبير من معالم الجرائم ولكن حتى الآن لا يزال هنالك جزء كبير من معالم الجرائم والشهود متوفرة ومتاحة في الوقت الراهن.
وحول سبل تعامل اللجنة مع تعنت الجيش السوداني المعادي لأدوار الهيئات الأممية، قال عثمان نهار إن رفض الجيش السوداني لأدوار الهيئات الأممية ليس جديدا ولا يزال أمر تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية معطّلا منذ 2009، ويرفض قرار تشكيل لجنة تقصي الحقائق من قبل مجلس حقوق الإنسان لأنه متورط في ارتكاب جرائم وانتهاكات ضد المدنيين .
وتكمن الطريقة الوحيدة للتعامل مع تعنت الجيش في فرض عقوبات على الطرف الثالث وهو الإخوان المسلمون الذين يتحكمون في مفاصل السلطة وفي القرار السياسي، وكذلك ممارسة ضغوط دبلوماسية وفرض عقوبات على قادة فلول النظام السابق وقادة الجيش بحيث يكون ملزما عليهم التعامل مع اللجنة.
وعدد مسؤول الإعلام باللجنة التنفيذية للقاء توغو التشاوري الجرائم التي ارتكبتها قوات الجيش السوداني في إقليم دارفور طيلة عقدين.
وظل الجيش السوداني يرتكب جرائم وانتهاكات خطيرة طيلة عقدين من الزمان مما حدا بالمحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر قبض ضد الرئيس المعزول عمر البشير وآخرين لم يتم تسليمهم إلى المحكمة حتى اللحظة، وذلك لتورطهم في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي وجرائم إبادة جماعية ضد شعب دارفور.
وتمثلت الجرائم في قتل أكثر من 300 ألف من النساء والأطفال والشيوخ والشباب، وحرق الآلاف من القرى عبر القصف العشوائي بواسطة الطيران الحربي فضلا عن قيام أفراد الجيش السوداني باغتصاب أكثر من 200 فتاة في قرية تابت بشمال دارفور في أكتوبر 2016 تم توثيقها ونشرها بواسطة منظمة العفو الدولية، وكذلك تشريد أكثر من 5 ملايين شخص في مخيمات اللجوء والنزوح وملاحقتهم وقتلهم داخل هذه المخيمات، بالإضافة إلى إثارة النعرات العنصرية وخطاب الكراهية وتبنى سياسات الفقر والحرمان من التعليم والاستعلاء العرقي والثقافي والإقصاء والتهميش.
العرب