استنجاد حماس والجهاد لم يحرك نصرالله

استنجاد حماس والجهاد لم يحرك نصرالله

بيروت- لم تتبع اللقاء الذي جمع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بقياديين في حركتي الجهاد وحماس أي خطوات تصعيدية من لبنان باتجاه إسرائيل، وهو ما يكشف عن أن استنجاد حماس والجهاد بنصرالله لم يغير مواقف الحزب القائمة على الاشتباك المحدود والمدروس لمنع خروج الجبهة مع إسرائيل عن السيطرة.

وجاءت مفردات بيان حزب الله، الذي كشف عن اللقاء الثلاثي، باردة ولا توحي بأيّ تصعيد، ما يؤكد أن نصرالله أحبط مساعي حماس في الاستنجاد به لتخفيف الضغط عنها بتحريك الجبهة مع إسرائيل، وتعكس أن الحزب لا يريد التصعيد وهو يميل إلى وقف الحرب ويفضّل القبول بالخسائر التي تلحق بحماس على مغامرة غير محسوبة.

ولم يحدد البيان زمان ومكان اللقاء الذي جمع نصرالله بالأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد نخالة ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري.

وجرى خلال اللقاء، وفق البيان، “تقييم للمواقف المتخذة دولياً وإقليمياً وما يجب على أطراف محور المقاومة القيام به في هذه المرحلة الحساسة لتحقيق انتصار حقيقي للمقاومة في غزة وفلسطين ووقف العدوان الغادر والوحشي”.

إلى حد الآن تكتفي بيانات حزب الله بتقديم أرقام قتلى الحزب. كما تلتزم تصريحات قيادته بالهدوء واعتماد كلمات محسوبة

وتمّ الاتفاق “على مواصلة التنسيق والمتابعة الدائمة للتطورات بشكل يومي ودائم”.

ويرى مراقبون أن حسابات حزب الله تختلف عن حسابات حماس، فالأول لديه أجندة أكبر مرتبطة بإيران، وهي من تحدد خطوات الحزب بالتحرك من عدمه، وتضع سقفا لأنشطته، ولا يبدو أنها ترغب في التدخل بأيّ شكل من الأشكال في مجريات التصعيد الحالية، على عكس حماس التي نفذت عملية عسكرية قوية من دون أن تتحسب لنتائجها على قطاع غزة، كما لم تضع في الحسبان أن يتخلف حزب الله عن نجدتها في وقت تحصل فيه إسرائيل على دعم سياسي وعسكري واسع من الغرب، وخاصة من الولايات المتحدة.

ولا يزال التصعيد عند الحدود اللبنانية ملتزماً بقواعد الاشتباك السارية بين حزب الله وإسرائيل منذ 16 عاماً، ويقوم على تبادل القصف بأسلحة تقليدية من دون إلحاق أضرار كبرى بالقوات المقابلة، خاصة من جانب إسرائيل.

وإلى حد الآن تكتفي بيانات حزب الله بتقديم أرقام قتلى الحزب الذين تجاوزوا الأربعين إلى حد يوم الأربعاء. كما تلتزم تصريحات قيادة الحزب بالهدوء واعتماد كلمات محسوبة بدقة مثلما جاء على لسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم الذي قال إن “الحزب في قلب معركة المقاومة للدفاع عن غزَّة”، وهو تصريح فضفاض يمكن أن يصدر عن مناصرين على مواقع التواصل أو في بيانات لأحزاب محدودة التأثير في المنطقة، وليس عن حزب الله.

ويحبط تخلي الحزب عن حماس في قلب المعركة رهان حركات وأحزاب وشخصيات إسلامية وقومية ويسارية في المنطقة دأبت على الترويج للحزب وأمينه العام كقائد للمقاومة ضد إسرائيل.

ومن الواضح أن الحزب ليس في وضع ملائم للدخول في مغامرة مع إسرائيل خاصة أنها لا تصب في حسابه الخاص بل لصالح حركة حماس. كما أن الحزب ليس في وضع مريح وما زال يعاني من مخلفات تدخله العسكري في سوريا الذي أفقده الكثير من عناصر قوته التقليدية من مقاتلين وأسلحة ومسّ من مصداقيته في البيئة الشيعية ما قلل من فرص استقطابه لعناصر جديدة.

ويشير المراقبون إلى أن الحزب يتعامل مع التحذيرات الإسرائيلية والأميركية بحذر وجدية كبيرين، ولا يريد أن يختبر صبر الإسرائيليين الذين ينفذون هجوما غير مسبوق على غزة لإعادة الاعتبار لصورة إسرائيل وجيشها بعد أن هزها هجوم حماس في السابع من أكتوبر.

وتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه “إذا دخل حزب الله الحرب سيؤدي ذلك إلى دمار لا يمكن تخيله للحزب ولبنان”. وقال “سنضربه بقوة لا يمكن تخيلها وسيكون أثرها على الدولة اللبنانية مدمرا”.

وفي جولة له على الحدود مع لبنان، أضاف نتنياهو “لست متأكداً بعد من نية حزب الله بشأن دخول الحرب”.

الحزب يتعامل مع التحذيرات الإسرائيلية والأميركية بحذر وجدية كبيرين، ولا يريد أن يختبر صبر الإسرائيليين

ويبدو أن حزب الله بات يدرك أن إسرائيل جادة في القضاء على حماس وأنها يمكن أن تشن حربا على أكثر من واجهة، وأن تأخرها في تنفيذ الاجتياح البري ليست له علاقة بأيّ تردد أو مخاوف وأنه يرتبط بالتنسيق مع الولايات المتحدة.

وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأربعاء، نقلا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن إسرائيل وافقت على إرجاء الهجوم البري على غزة حتى يتسنى لواشنطن إرسال دفاعات صاروخية إلى المنطقة سريعا.

ووجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء تحذيرا إلى إيران، مؤكدا أن الولايات المتحدة سترد “بشكل حاسم” على أيّ هجوم تشنه طهران أو “وكلاؤها”، مع استمرار الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.

وقال بلينكن خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي إن “الولايات المتحدة لا تسعى إلى نزاع مع إيران. لا نريد لهذه الحرب أن تتسع. ولكن إذا هاجمت إيران أو وكلاؤها القوات الأميركية في أي مكان (…) فسندافع عن مواطنينا، سندافع عن أمننا، بشكل سريع وحاسم”. وأرسلت الولايات المتحدة سفنا حربية وطائرات مقاتلة، بما في ذلك حاملتا طائرات، إلى المنطقة لردع إيران والجماعات المدعومة منها.

وقال البنتاغون إنه لم يرصد صدور أمر مباشر من أعلى المستويات في إيران بتنفيذ الهجمات. لكن المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي قال “من الواضح أن إيران تسهّل ذلك”.

العرب