إشارات متناقضة: إيران تنأى بنفسها عن استهداف القوات الأميركية

إشارات متناقضة: إيران تنأى بنفسها عن استهداف القوات الأميركية

طهران – قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إن الجماعات التي تهاجم القوات الأميركية في سوريا والعراق تتصرف بشكل مستقل ولا تتلقى أوامر أو توجيهات من طهران.

يأتي ذلك في ظل تصريحات إيرانية مختلفة بما في ذلك لوزير الخارجية تحذر من أن استمرار الدعم الأميركي لإسرائيل قد يطال الولايات المتحدة نفسها، وهو ما يفهم منه استهداف المصالح الأميركية وتمركز قواتها في المنطقة، وخاصة في سوريا والعراق.

وصرح عبداللهيان في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ “إنهم لا يتلقون أي أوامر، أو توجيهات منا. الجانب الأميركي يزعم أن هذه الجماعات مرتبطة بإيران. ولكن هذه الجماعات قررت بنفسها بشكل مستقل”.

وتأتي تصريحات عبداللهيان بعد أقل من يوم من إعلان الولايات المتحدة أنها نفذت ضربات عسكرية على منشأتين سوريتين مرتبطتين بالحرس الثوري الإيراني في شرق سوريا كانتا تستخدمان لشن هجمات على القوات الأميركية في المنطقة. وكان عبداللهيان قال الخميس في الأمم المتحدة إنه إذا لم تتوقف هجمات إسرائيل على حماس في قطاع غزة، فإن الولايات المتحدة “لن تسلم من هذه النار”.

وذكر في اجتماع حول الشرق الأوسط في الجمعية العامة للمنظمة الدولية “أقول بصراحة للساسة الأميركيين الذين يديرون الآن الإبادة الجماعية في فلسطين إننا لا نرحب بتوسيع نطاق الحرب في المنطقة. لكن إذا استمرت الإبادة الجماعية في غزة فلن يسلموا من هذه النار”.

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في بيان نشرته وزارة الدفاع على موقعها الإلكتروني “كانت هذه الضربات المصممة بشكل خاص للدفاع عن النفس تهدف فقط إلى حماية الأفراد الأميركيين والدفاع عنهم في العراق وسوريا”.

وشدد على أنها منفصلة عن الحرب في غزة، بحسب ما نقلت شبكة سي.إن.إن. وقال مسؤولون أميركيون إنهم لا يمتلكون دليلا على أن إيران أمرت صراحة بتنفيذ الهجمات، ولكنهم حملوها المسؤولية لأنها تدعم تلك الجماعات.

وأعلن البيت الأبيض الجمعة أن الضربات الأميركية التي نفذت في سوريا استهدفت مخزونات ذخيرة مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، معتبرا أن العملية سيكون لها تأثير كبير على القدرات الهجومية للمجموعات القريبة من طهران في المنطقة.

وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض إن الضربات “استهدفت مباشرة منشآت تخزين ومستودعات ذخيرة نعلم أنها ستستخدم لدعم هذه الميليشيات، خصوصا في سوريا”. وأضاف “الهدف الرئيسي كان تعطيل” القدرات العملياتية للحرس الثوري الإيراني ومجموعات موالية لطهران تابعة له “وكذلك الردع، لتجنب هجمات مستقبلية”.

ومنذ 17 أكتوبر تعرضت القوات الأميركية وحلفاؤها في سوريا والعراق لما لا يقل عن 14 هجوما، وفق ما أعلن البنتاغون، مضيفا أن 21 جنديا أصيبوا بجروح طفيفة. كذلك، أسقطت القوات الأميركية طائرة مسيّرة هجومية الجمعة قرب قاعدة عين الأسد التي تنتشر فيها في غرب العراق، وفق ما قاله مسؤول عسكري أميركي.

وبعث الرئيس الأميركي جو بايدن رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يحذره فيها من أن أي هجوم على القوات الأميركية يهدد بتوسيع نطاق الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس.

واتهم خامنئي، وهو أعلى سلطة في إيران، الولايات المتحدة الأربعاء بأنها “هي من تدير الجريمة في غزة”، حيث تشن إسرائيل عمليات قصف ضد حماس منذ الهجوم الذي نفذته الحركة الإسلامية في السابع من أكتوبر. ويرتبط ازدياد الهجمات مؤخرا بالحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس التي بدأت عندما شنّت الحركة هجوما عبر الحدود من غزة في السابع من أكتوبر.

وهددت مجموعات مسلّحة مقرّبة من إيران بمهاجمة المصالح الأميركية على خلفية دعم واشنطن لإسرائيل، فيما شددت إحداها – كتائب حزب الله (أحد أبرز فصائل الحشد الشعبي) – على ضرورة مغادرة القوات الأميركية البلاد وإلا فـ”سيذوقون نار جهنّم في الدنيا قبل الآخرة”.

وتبّنت معظم تلك الهجمات، إن لم يكن جميعها، مجموعة تطلق على نفسها اسم “المقاومة الإسلامية في العراق”. ولا تعد المجموعة واحدة من الفصائل المسلحة المعروفة التي تنشط في المنطقة ولم تعلن ارتباطها أو تلقيها الدعم من أي حكومة محددة.

لكن تبنيها هجمات على القوات الأميركية ظهر على قنوات تلغرام التي تستخدمها فصائل مسلحة موالية لإيران، فيما أكد البنتاغون أن المنظمات التي “تشن هذه الهجمات مدعومة من الحرس الثوري والنظام الإيرانيين”. وفي الأثناء، أفاد البيت الأبيض بأن إيران “تسهّل بشكل نشط” الهجمات على القوات الأميركية في الشرق الأوسط.

◙ جو بايدن وجه رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني يحذره فيها من أن أي هجوم على القوات الأميركية يهدد بتوسيع نطاق الحرب بين إسرائيل وحماس

وقال مايكل نايتس من معهد واشنطن إن “‘المقاومة الإسلامية في العراق’ هو اسم يبحث عن الأضواء، وليست مجموعة”. وأضاف أنها نتاج قرار مختلف المجموعات المدعومة من إيران في العراق “بأن تتبنى خلال فترة هذا النزاع في غزة جميع هجماتها”.

وكان تأثير الهجمات محدودا نسبيا حتى الآن، لكن احتمال التصعيد كبير. وهناك احتمال كبير بأن يتدهور الوضع خصوصا في حال تسببت مسيّرة أو صاروخ بمقتل عناصر أميركيين. وقال البنتاغون “ما نشهده هو احتمال تصعيد أكبر ضد القوات والعناصر الأميركيين في أنحاء المنطقة في الأمد القريب جدا من قبل القوات العميلة لإيران وفي نهاية المطاف من إيران”.

ويتواجد حوالي 2500 جندي أميركي في العراق وحوالي 900 في سوريا في إطار الجهود الرامية إلى منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية الذي كان يسيطر على مناطق واسعة في البلدين قبل طرده منها من قبل قوات برية محلية مدعومة بضربات جوية للتحالف الدولي في نزاع استمر سنوات.

وتنتشر قوات أميركية وعناصر أخرى من التحالف الدولي ضد الجهاديين في قواعد في سوريا والعراق استُهدفت بهجمات، لكن المواقع تابعة في نهاية المطاف لقوات محلية لا دولية.

وتقوم القوات الأميركية في العراق بدور تدريبي واستشاري بعد الانتهاء الرسمي لمهمة التحالف القتالية في ديسمبر 2021، بينما تنفّذ القوات المتمركزة في سوريا ضربات متكررة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

العرب