مع تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تستعد الدول العربية لعقد قمة غير عادية في السعودية السبت المقبل، لبحث العدوان الإسرائيلي. وأكد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، أمس الأربعاء، أن المملكة ستستضيف قمتين للدول العربية والإسلامية خلال الأيام المقبلة لبحث الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وأعلن وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح اليوم الأربعاء أن المملكة ستستضيف قمتين للدول العربية والإسلامية خلال الأيام المقبلة لبحث الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حيث تشغل الحرب الدائرة في غزة اذهان حكام المنطقة خاصة في مصر والأردن ولبنان وكذلك دول الخليج.
وقال في منتدى “بلومبيرغ للاقتصاد الجديد” في سنغافورة: “سنرى هذا الأسبوع وفي الأيام القليلة المقبلة، السعودية تعقد قمة عربية طارئة في الرياض، وقمة إسلامية”.
وتأتي القمة العربية المنتظرة في ظل تحديات كبرى، بعد مرور أكثر من شهر على المجازر الإسرائيلية بحق السكان المدنيين الفلسطينيين، التي وصلت إلى حد الإبادة الجماعية، مع تصاعد الحديث عن ترحيل سكان غزة إلى مناطق أخرى.
الكل ينظر الآن إلى الرياض والمواقف الذي ستتخذها الدول العربية في القمة، ومنهم أهل غزة الذين يتطلعون إلى موقف عربي يفرض وقفاً للعمليات الإسرائيلية وانفراجة لأزمتهم الإنسانية، ومعهم الرأي العام العربي عامة يتابع الأحداث بقلق واضطراب، ويتساءل: هل سيتخذ القادة مواقف محددة؟ وهناك استطلاعات رأي عربية حديثة تعكس للأسف أن العالم العربي أصبح أقل ثقة في العمل العربي المشترك، حتى عندما تعقد الاجتماعات على مستوى القمة.
الساحة الغربية والدولية، حكومات وشعوباً، ستتابع القمة أيضاً بقدر من القلق، متطلعة إلى معرفة رد الفعل العربي الرسمي على تلك الأحداث الدموية الإسرائيلية، ومدى الحاجة إلى تطوير المواقف الغربية بعد ما شهدناه من انحياز غربي لإسرائيل تجاوز كل الحدود برفض تأييد وقف إطلاق النار، على رغم ممارسات إسرائيل الفجة والمخالفة لكل قواعد القانون الدولي والإنساني.
هناك أيضاً متابعة دبلوماسية وتحليلية من الحكومات والمحللين، وشغف باقتراحات ومواقف عربية للخروج من المأزق الحالي، وآمال في استعداد بعض الحكومات للقيام بمزيد من الأدوار في الساحة الغزية لإحداث انفراجة سياسية حول المختطفين، وتجنب توسيع رقعة النزاع إقليمياً، وتولي مسؤولية إدارة قطاع غزة إذا جرى التوصل إلى وقف إطلاق نار، باعتبار أن إسرائيل ستجعل أي وقف للعمليات العسكرية مرهونا بعدم تولي “حماس” زمام الأمور في القطاع مرة أخرى.
كما تتابع إسرائيل الإعداد للقمة ولكن من دون انزعاج وقلق حقيقي، حيث إن الغالبية مؤيدة للتعامل العسكري مع غزة، حتى ممن يتحفظ على سياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية، ومن نقاط الاهتمام والمتابعة لهؤلاء سنعرف هل يقرر مزيد من الدول تخفيض علاقاتها مع إسرائيل من عدمه.
وحول ما هو مطلوب من القادة والزعماء العرب، قال نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع، في حديث لـ”العربي الجديد” إن “المطلوب من الزعماء المجتمعين في القمة العربية المرتقبة، هو استخدام قدراتهم لوقف الحرب، ووقف التطبيع بكل ما يعنيه من سحب سفراء ووقف خطوط الطيران والتجارة والسلع والتعاون الأمني”.
وأضاف أنه “على الرغم من سهولة الإجراءات التي يمكن اتخاذها في هذا الصدد، إلا أن العرب لديهم شعور تاريخي بالعجز، وبعضهم لديه شعور تاريخي بالخوف، وهناك حالة تلكؤ وتحجج بأن هذه ليست معركتي، بل حماس هي التي صنعتها. ولكن لا أحد يفكر في الأسباب التي دفعت حماس لفعل ذلك”، معتبراً أن “أول الطريق لفشل القمة هو إلقاء اللوم على حماس”.
وتابع ربيع: “المشكلة أنهم يتعاملون مع إسرائيل على اعتبار أنها دولة، ولكن لو تعاملوا معها على أنها مشروع استعماري استيطاني ستكون لديهم القدرة على التعامل مع الموقف”. ورأى أن “أكثر الوسائل فاعلية هو موضوع قطع إمدادات النفط، ولكنه موضوع بعيد عن التحقق إلى حد كبير، ولكن إذا فقط نفذوا ما ذكرناه من وقف التطبيع، فسيعتبر ذلك إنجازاً تاريخياً لا يوصف”.
نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، مختار الغباشي، رأى أن الدول العربية لديها الكثير لتفعله في مواجهة إسرائيل. وقال في حديث لـ”العربي الجديد”: “العرب بيدهم 5.4 تريليونات دولار، ودائع واستثمارات في الولايات المتحدة والعالم الغربي، وكذلك 252.6 مليار دولار، سندات دين وأصول خزانة، اشترتها 11 دولة عربية من وزارة المالية الأميركية، ويكفي رد سندات الدين”.
وتابع الغباشي: “العرب بيدهم أيضاً سلاح النفط، وراجع كيف أن الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون في عمق 1200 كيلومتر في المنطقة الشرقية بالسعودية، رفع سعر برميل النفط أكثر من 3 دولارات، وعندها هبّ العالم الغربي والولايات المتحدة إلى السعودية لإصلاح العطل، كي تستطيع المملكة الحفاظ على حجم إنتاجها الذي يتعدى 11 مليون برميل في اليوم”.
وشدد الغباشي على أن العرب “يمتلكون علاقات بالولايات المتحدة والعالم الغربي، تشمل العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية وغيره، مما يجعل العالم الغربي يستمع إليهم بانتباه”. وأضاف أن “سحب السفراء واستدعاءهم، وتجميد العلاقات، وإلغاء الصفقات، كلها أمور يمكن للعالم العربي الذي يمتلك من المقدرات، أن يفعلها”.
لكنه قال في الوقت ذاته إن “موقف العالم العربي، يتسم بالخذلان والصمت المريب، الذي لا تكسره بيانات الشجب والإدانة والتنديد، فكل هذا الكلام لن يجدي نفعاً مع إسرائيل، التي وصلت إلى حد تهديد أحد وزرائها بإلقاء قنبلة نووية على غزة”.
وتابع الغباشي: “هل يليق بالعالم العربي في مثل هذه الظروف، أن يحدد قمة بهذا البعد الزمني في ظل هذه المهانة وما يحدث داخل قطاع غزة؟”، معتبراً أن “القمة فقدت قيمتها، في ظل ضربات مميتة، وفي ظل استغاثات واستنفار من كثير من شعوب العالم حتى الدول المؤيدة لإسرائيل، والعالم العربي عاجز”.
وأضاف: “كان من المفترض أن تعقد القمة العربية، قبل قمة السلام التي عقدتها مصر، أو بعدها مباشرة، ويتم بحث آليات إيقاف هذا الصراع بشكل سريع، في ظل هذا الهلاك وهذا الدمار الذي يحدث داخل قطاع غزة”.
بدوره، اعتبر الباحث في العلوم السياسية حسام الحملاوي، أن “انعقاد القمة العربية، يأتي بعد مرور أكثر من شهر على الحرب، وهو ما يطرح التساؤل عن مدى جدواها”.
وأضاف: “جامعة الدول العربية منذ فترة طويلة، ليس لها أي دور مؤثر على أي من الأحداث في المنطقة. ولا أتوقع اتخاذ أي قرار يمكن أن يغير في مجريات الصراع، وستكون هناك بيانات شجب وإدانة لرفع الحرج عنهم، وبعضها سيكون للدعاية”.
واستبعد الحملاوي اتخاذ قرارات “مثل قطع البترول عن الغرب أو حتى التهديد بذلك، أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني، من قبل الدول المطبعة”. كما استبعد “قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وغلق سفاراتها في العواصم العربية، وفك الارتباط الاقتصادي بها”.
وتضغط الرياض وعدد من العواصم العربية والإسلامية على بعض القوى الغربية لفرض وقف اطلاق النار على إسرائيل لكن الدولة العبرية لا تزال مصرة على التصعيد العسكري.
ونددت السعودية بشدة استمرار القصف الإسرائيلي على قطاع غزة وما يسببه من خسائر في صفوف المدنيين العزل مطالبة المجتمع الدولي بوقف الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة كما وصفت تهديد وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو بإلقاء قنبلة نووية على غزة بأنه قمة الوحشية والتطرف.
كما ترفض السعودية خطة التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة نحو شبه جزيرة سيناء بعد تحذيرات مصرية بهذا الخصوص فيما أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خطة لجمع تبرعات للقطاع.
ويقول خبراء دوليون ان الحرب بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي أضرت بجهود بذلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتطبيع العلاقات مع الرياض بعد ان باتت هذه الخطوة قريبة بالفعل.
ولعبت الرياض أدوارا هامة في محاولة انهاء بعض الحروب في المنطقة على غرار الصراع في السودان واليمن وقد نجحت في ذلك بنسبة معينة فيما تتواصل جهودها لإحلال السلام في عدد من الساحات.
وتسعى السلطات السعودية لتوحيد المواقف الإسلامية والعربية بهدف التخفيف من معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة وإيجاد حلول للقضية الفلسطينية.