حذّرني كثيرون قبل مجيئي إلى تل أبيب قبل بضعة أيام من أنّ إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) ليست إسرائيل التي زرتها من قبل. وكانوا على حقّ. فقد رأيتُ مكاناً لم يعِش فيه الإسرائيليون من قبل، وأمّةً لم يضطرّ جنرالات إسرائيل إلى حمايتها من قبل، ورأيتُ حليفاً لم تضطرّ أميركا إلى الدفاع عنه من قبل، وبالتأكيد ليس بالسرعة والعزيمة اللتين قد تدفعان رئيساً أميركياً ليطير فوراً إلى هناك، وأن يعبّئ معه الأمّة كلّها معه.
بعد التجوال حول إسرائيل والضفة الغربية، أدركت الآن لماذا تغيّر الكثير. من الواضح تماماً بالنسبة لي أنّ إسرائيل تواجه خطراً حقيقياً، وهو خطر أكبر من أيّ وقت مضى، منذ حرب الاستقلال عام 1948. وذلك لثلاثة أسباب رئيسية:
أوّلاً، تواجه إسرائيل تهديدات من مجموعة أعداء يجمعون بين وجهات نظر ثيوقراطية آتية من العصور الوسطى، وبين أسلحة القرن الحادي والعشرين. وما عادوا منظّمين كمجموعات صغيرة من رجال الميليشيات، بل أصبحوا أقرب إلى جيوش حديثة تضمّ ألوية وكتائب وقدرات إلكترونية وصواريخ بعيدة المدى وطائرات بدون طيّار ودعم فنّي. أتحدّث هنا عن حماس المدعومة من إيران، والحزب في لبنان، والميليشيات الإسلامية في العراق، والحوثيين في اليمن، والآن حتّى فلاديمير بوتين الذي يحتضن حماس علناً. لقد كان هؤلاء الأعداء موجودين منذ فترة طويلة، لكن يبدو أنّهم ظهروا معاً مثل التنانين خلال هذا الصراع، وهو ما يهدّد إسرائيل بحرب شاملة في وقت واحد.
بعد التجوال حول إسرائيل والضفة الغربية، أدركت الآن لماذا تغيّر الكثير. من الواضح تماماً بالنسبة لي أنّ إسرائيل تواجه خطراً حقيقياً، وهو خطر أكبر من أيّ وقت مضى، منذ حرب الاستقلال عام 1948
كيف يمكن للديمقراطية الحديثة أن تعيش مع مثل هذا التهديد؟
هذا هو بالضبط السؤال الذي أرادت هذه “القوى الشيطانية” زرعه في ذهن كلّ إسرائيلي. إنّهم لا يسعون إلى تسوية إقليمية مع الدولة اليهودية. هدفهم هو انهيار ثقة الإسرائيليين بأنّ أجهزتهم الدفاعية والاستخباراتية قادرة على حمايتهم من الهجمات المفاجئة عبر حدودهم. لذلك سيبتعد الإسرائيليون أوّلاً عن المناطق الحدودية ثمّ سيخرجون من البلاد تماماً.
أنا مندهش من عدد الإسرائيليين الذين يشعرون الآن بهذا الخطر على المستوى الشخصي، بغضّ النظر عن المكان الذي يعيشون فيه، بدءاً بصديقة تعيش في القدس أخبرتني أنّها وزوجها حصلا للتوّ على تراخيص سلاح لحيازة مسدّسات في المنزل. لن يختطف أحد أطفالهم ويأخذهم إلى النفق. لكن من المؤسف أنّ حماس قد زرعت الخوف في العديد من الرؤوس الإسرائيلية بعيداً عن حدود غزّة.
ثانياً: حلّ الدولتين
الخطر الثاني هو أنّ الطريقة الوحيدة التي يمكن تصوّرها لكي تتمكّن إسرائيل من توليد الشرعية والموارد والوقت والحلفاء لخوض مثل هذه الحرب الصعبة مع هذا العدد الكبير من الأعداء هي أن يكون لديها شركاء لا يتزعزعون في الخارج، بقيادة الولايات المتحدة. لقد حاول الرئيس بايدن، بشكل بطوليّ، مساعدة إسرائيل في تحقيق هدفها الفوري والمشروع المتمثّل في تفكيك نظام حماس الإرهابي في غزّة والذي يشكّل تهديداً لمستقبل إسرائيل بقدر ما يشكل تهديداً للفلسطينيين الذين يتوقون إلى دولة كريمة لوطنهم في غزّة أو الضفة الغربية.
لكنّ حرب إسرائيل ضدّ حماس في غزّة تستلزم قتالاً في مناطق سكنية، من منزل إلى منزل، وهو ما يؤدّي إلى سقوط آلاف الضحايا المدنيين من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء.
لكنّ الرئيس بايدن لا يمكنه تقديم الدعم الذي تحتاجه إسرائيل بشكل مستدام إلا إذا كانت هي مستعدّة للانخراط في مبادرات دبلوماسية في زمن الحرب، تتوجّه إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية، وربما في غزّة “ما بعد حماس”، تعلن فيها إسرائيل أنّها ستناقش “نوعاً ما” حلّ الدولتين، إذا تمكّن المسؤولون الفلسطينيون من توحيد بيتهم السياسي وتنظيمه.
ثالثاً: رحيل نتانياهو
هذا يؤدّي مباشرة إلى قلقي الثالث العميق:
لدى إسرائيل أسوأ زعيم في تاريخها، وربّما في التاريخ اليهودي كلّه، وليس لديه الإرادة أو القدرة على إنتاج مثل هذه المبادرة.
الأسوأ من ذلك أنّني مندهش من الدرجة التي يواصل بها ذلك الزعيم، رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، وضع مصالحه في التمسّك بدعم قاعدته اليمينية المتطرّفة، وإلقاء اللوم بشكل استباقي على أجهزة الأمن والمخابرات الإسرائيلية في الحرب، قبل أن يلتفت إلى الحفاظ على التضامن الوطني أو القيام ببعض الأشياء الأساسية التي يحتاج إليها الرئيس بايدن من أجل تزويد إسرائيل بالموارد والحلفاء والوقت والشرعية التي تحتاج إليها لهزيمة حماس.
لا يمكن لبايدن أن يساعد إسرائيل في بناء تحالف من الشركاء الأميركيين والأوروبيين والعرب المعتدلين لهزيمة حماس إذا ظلّت رسالة نتانياهو إلى العالم: “ساعدونا على هزيمة حماس في غزّة، بينما نعمل على توسيع المستوطنات وضمّ الضفة الغربية وبناء دولة ذات سيادة يهودية هناك”.
دعونا نتعمّق في هذه المخاطر.
في ليلة السبت الماضي، توقّف قائد متقاعد من الجيش الإسرائيلي عند الفندق الذي أقيم فيه في تل أبيب ليشاركني وجهة نظره حول الحرب. أخذته إلى صالة في الطابق الثامن عشر لإجراء محادثتنا، وعندما وصلنا إلى المصعد، انضممنا إلى عائلة مكوّنة من أربعة أفراد: والدين وطفل صغير ورضيع في عربة الأطفال. سألهم الجنرال الإسرائيلي من أين أتوا. أجاب الأب: “كريات شمونة”.
أثناء خروجنا، مازحت الجنرال قائلاً إنّه يمكنني الاستغناء عن إحاطته الإعلامية. لم يستغرق الأمر سوى 18 طابقاً وهاتين الكلمتين، “كريات شمونة”، لوصف المعضلة الاستراتيجية الجديدة المعقّدة التي تواجهها إسرائيل والتي خلقها هجوم حماس المفاجئ في 7 أكتوبر.
حرب إسرائيل ضدّ حماس في غزّة تستلزم قتالاً في مناطق سكنية، من منزل إلى منزل، وهو ما يؤدّي إلى سقوط آلاف الضحايا المدنيين من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء
كريات شمونة هي إحدى أهمّ المدن الإسرائيلية على الحدود مع لبنان. وقال ذلك الأب إنّ عائلته فرّت من خطّ السياج الشمالي مع آلاف العائلات الإسرائيلية الأخرى بعدما بدأت ميليشيا الحزب الموالية لإيران والميليشيات الفلسطينية في جنوب لبنان بإطلاق الصواريخ والمدفعية والقيام بعمليات توغّل تضامناً مع حماس.
متى يعود الإسرائيليون إلى بيوتهم؟
لم يكن لديهم أيّ فكرة. ومثل أكثر من 200 ألف إسرائيلي آخر، لجأوا إلى الأصدقاء أو إلى الفنادق في جميع أنحاء هذا البلد الصغير الذي يبلغ عدد سكّانه تسعة ملايين نسمة. ولم يستغرق الأمر سوى بضعة أسابيع حتى بدأ الإسرائيليون برفع أسعار العقارات في البلدات الإسرائيلية المركزية الأكثر أماناً على ما يبدو. بالنسبة للحزب، هذه هي المهمّة الوحيدة التي تمّ إنجازها، حتى من دون غزو مثل حماس. وهم، جنباً إلى جنب مع حماس، ينجحون في تقليص حجم إسرائيل.
توجّهت يوم الأحد بسيارتي إلى فندق على البحر الميّت للقاء بعض من مئات الأعضاء الباقين على قيد الحياة في كيبوتس بئيري، الذي كان يسكنه حوالي 1,200 نسمة، من بينهم 360 طفلاً. وهو واحد من التجمّعات الأكثر تضرّراً من هجوم حماس، حيث تعرّض لأكثر من 130 جريمة قتل، بالإضافة إلى عشرات الجرحى وعمليات اختطاف متعدّدة للأطفال وكبار السنّ. قامت الحكومة الإسرائيلية بنقل معظم الناجين من الكيبوتس عبر البلاد إلى البحر الميت، حيث بدأوا الآن بإنشاء مدارسهم الخاصة في قاعة الفندق.
قابلتُ ليات أدماتي، 35 عاماً، وهي إحدى الناجيات من هجوم حماس. كانت تدير عيادة لمستحضرات تجميل الوجه لمدّة 11 عاماً في بئيري. سألتها: ما الذي سيجعل من الممكن لها العودة إلى منزلها على حدود غزّة، حيث نشأت؟
فأجابت: “الأساس بالنسبة لي كي أعود هو أن أشعر بالأمان. قبل ما حدث كنتُ أثق بالجيش. الآن انكسرت هذه الثقة. لا أريد أن أشعر أنّنا نغطّي أنفسنا بالجدران والملاجئ طوال الوقت، بينما يوجد خلف هذا السياج أشخاص يمكنهم الدخول إلينا مرّة أخرى في يوم من الأيام. لا أعرف حقّاً في هذه المرحلة ما هو الحلّ”.
قبل 7 أكتوبر، اعتقدت هي وجيرانها أنّ التهديد يتمثّل في الصواريخ، على حدّ قولها، لذا قاموا ببناء غرف آمنة، لكن الآن بعدما جاء مسلّحو حماس شخصياً، فمن يدري ما هو الآمن؟: “تمّ تصميم الغرفة الآمنة لحمايتنا من الصواريخ، وليس من إنسان آخر قد يأتي ويقتلنا بسبب هويّتنا”. وختمت بأنّ أكثر ما يحزنها ويحبطها، أنّ بعض سكان غزة الذين عملوا على بناء الكيبوتس، ربما هم أعطوا حماس خرائط التخطيط.
هناك الكثير من الإسرائيليين الذين استمعوا إلى تسجيل نشرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، لمسلّح من حماس شارك في هجوم 7 أكتوبر، وعرّفه والده باسم “محمود”، وهو يتّصل بوالديه من هاتف أحد الأشخاص. امرأة يهودية كان قد قتلها للتوّ، ويناشدهم التحقّق من رسائل الواتساب الخاصة به لرؤية الصور التي التقطها لبعض اليهود العشرة الذين قتلهم وحدهم في مفالسيم، وهو كيبوتس بالقرب من حدود غزّة.
“انظروا كم قتلت بيدي! ابنك قتل اليهود”، يقول، بحسب ترجمة باللغة الإنكليزية. ويضيف لاحقاً: “أمي، ابنك بطل”. ويمكن سماع والديه وهما مبتهجان على ما يبدو.
هذا النوع من الحماسة المخيفة، لقد بنيت إسرائيل بحيث لا يمكن أن يحدث شيء من هذا القبيل أبداً، يفسّر اللافتة المحلية الصنع التي رأيتها على الرصيف بينما كنت أقود سيارتي عبر حيّ التلة الفرنسية اليهودي في القدس منذ بضعة أيام: “إمّا نحن وإمّا هم”.
كلّما أسرعت إسرائيل في استبدال نتانياهو وحلفائه من اليمين المتطرّف بحكومة وحدة وطنية حقيقية من يسار الوسط ويمين الوسط، كانت الفرصة أفضل أمامها للتماسك خلال ما سيكون حرباً عواقبها جهنّمية
تصلّب قلوب الإسرائيليين
الهيجان المبتهج الذي وقع يوم 7 أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل حوالي 1,400 جندي ومدني، لم يؤدِّ فقط إلى تصلّب قلوب الإسرائيليين تجاه معاناة المدنيين في غزة. بل تسبّب بشعور عميق بالإهانة والذنب لدى الجيش الإسرائيلي ومؤسسة الدفاع، لفشلهما في مهمّتهما الأساسية المتمثّلة في حماية حدود البلاد.
نتيجة لذلك، هناك قناعة لدى الجيش بأنّه يجب عليهم أن يثبتوا للجيران بأكملهم، للحزب في لبنان، والحوثيين في اليمن، والميليشيات الإسلامية في العراق، وحماس والمقاتلين الآخرين في الضفة الغربية، أنهّم لن يردعهم شيء لإعادة إرساء الأمن على حدودهم.
وبينما يصرّ الجيش على أنّه يلتزم قوانين الحرب، فهو يريد أن يُظهر أنّه لا يمكن لأحد أن يتفوّق على إسرائيل المجنونة، تمهيداً لطرد سكّانها، حتى لو كان على الجيش الإسرائيلي أن يتحدّى الولايات المتحدة، وحتى لو لم يكن لديهم أيّ خطة قوية لحكم غزّة في الصباح التالي للحرب.
كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، للصحافيين يوم الأربعاء: “لا يمكن لإسرائيل أن تقبل مثل هذا التهديد النشط على حدودها. لقد تعرّضت فكرة الناس الذين يعيشون جنباً إلى جنب في الشرق الأوسط للخطر من قبل حماس”.
وقد عاد هذا الصراع الآن إلى جذوره الكتابية والبدائية: “العينُ بالعين والسنُّ بالسنّ”. لهذا أشعر بقلق شديد بشأن القيادة هنا اليوم. كنت أسافر في أنحاء الضفة الغربية يوم الثلاثاء عندما سمعت أنّ نتانياهو أخبر شبكة ABC News للتوّ أنّ إسرائيل تخطّط للاحتفاظ “بالمسؤولية الأمنيّة الشاملة” في غزّة “لفترة غير محدّدة” بعد حربها مع حماس.
نتانياهو ومستحيلاته
حقاً؟
خذ في الاعتبار هذا السياق: “وفقاً لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي الرسمي، في نهاية عام 2021، يعيش 9.449 ملايين شخص في إسرائيل (بما في ذلك الإسرائيليون في مستوطنات الضفة الغربية)، حسبما ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” العام الماضي. من بين هؤلاء، 6.982 ملايين (74%) يهود، 1.99 مليون (21%) عرب، و472,000 (5%) من جنسيات مختلفة. ويقدّر مكتب الإحصاء الفلسطيني عدد السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية بما يزيد قليلاً على ثلاثة ملايين نسمة، وسكّان غزة بما يزيد قليلاً على مليونَي نسمة”.
لذا يقول نتانياهو إنّ سبعة ملايين يهودي سيسيطرون إلى أجل غير مسمّى على حياة خمسة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وغزّة، في حين لا يعرض عليهم أيّ أفق سياسي، أو أيّ شيء، على شكل دولة في يوم من الأيام وبأيّ شروط منزوعة السلاح.
في وقت مبكر من صباح يوم 29 تشرين الأول، بينما بدأ الجيش الإسرائيلي يتحرّك داخل غزة، قام نتانياهو بالتغريد ثمّ حذف منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي ألقى فيه باللوم على مؤسسة الدفاع والاستخبارات الإسرائيلية لفشلها في توقّع هجوم حماس المفاجئ. (نسي نتانياهو بطريقة أو بأخرى عدد المرّات التي حذّره فيها قادة الجيش والاستخبارات الإسرائيليون من أنّ انقلابه غير الضروري على الإطلاق ضدّ النظام القضائي في البلاد كان سبباً في كسر الجيش، وكان أعداء إسرائيل جميعاً يلاحظون ضعفه).
بعد انتقادات الجمهور له بسبب طعنه رقمياً لقادة جيشه ومخابراته في الظهر في خضمّ الحرب، نشر نتانياهو تغريدة جديدة. وكتب: “لقد كنت مخطئاً”، مضيفاً أنّ “الأشياء التي قلتها عقب المؤتمر الصحافي لم يكن ينبغي أن تقال، وأنا أعتذر عن ذلك. أنا أؤيّد تماماً رؤساء الأجهزة الأمنية [الإسرائيلية]”.
لكنّ الضرر كان قد وقع. إلى أيّ مدى يثق هؤلاء القادة العسكريين بما سيقوله نتانياهو إذا توقّفت الحملة على غزة؟ من هو القائد الحقيقي الذي سيتصرّف بهذه الطريقة في بداية حرب البقاء؟
خطايا نتانياهو الكثيرة
اسمحوا لي أن لا أبالغ في الكلام، لأنّها ساعات عصيبة مظلمة وإسرائيل، كما قلت، في خطر حقيقي. لقد أخذ نتانياهو ومتعصّبوه اليمينيون المتطرّفون إسرائيل في رحلات متعدّدة من الخيال في العام الماضي:
– تقسيم البلاد والجيش حول الإصلاح القضائي الاحتيالي.
– وإفلاس مستقبلها باستثمارات ضخمة في المدارس الدينية التي لا تدرّس الرياضيات.
– وفي الضفة الغربية اليهودية المستوطنات التي لا تعلّم التعدّدية.
– في حين تساعد حماس على بناء نفسها، رغم أنّها لن تكون شريكاً للسلام أبداً.
– وتمزيق السلطة الفلسطينية، الشريك المحتمل الوحيد للسلام.
إقرأ أيضاً: بعد المأساة يلوح شبح تهجير قسري آخر
كلّما أسرعت إسرائيل في استبدال نتانياهو وحلفائه من اليمين المتطرّف بحكومة وحدة وطنية حقيقية من يسار الوسط ويمين الوسط، كانت الفرصة أفضل أمامها للتماسك خلال ما سيكون حرباً عواقبها جهنّمية. والفرصة المُتاحة الآن هي أنّ الرئيس بايدن، الذي قد يكون متراجعاً في استطلاعات الرأي في أميركا ولكن يمكن أن يُنتخب هنا بأغلبية ساحقة بسبب التعاطف الذي أظهره في ساعة حاجة إسرائيل؟ وهو لن يربط مصداقيته ومصداقيتنا بنتانياهو إسرائيل، التي لن تكون قادرة على مساعدتنا بشكل كافي كي نستطيع مساعدتها.
هذا المجتمع أفضل بكثير من قائده. إنّه لأمر سيّئ للغاية أنّ يستلزم الأمر حرباً لنفهم هذا.
رون شيرف هو عضو متقاعد في وحدة القوات الخاصة الأكثر نخبوية في إسرائيل ومؤسّس جماعة “إخوة السلاح”، وهو تحالف الناشطين الإسرائيليين الذي حشد المحاربين القدامى وجنود الاحتياط لمعارضة الانقلاب القضائي الذي قام به نتانياهو. مباشرة بعد غزو حماس، ركّزت جماعة “إخوان السلاح” على تنظيم جنود الاحتياط وعمال الإغاثة للوصول إلى الجبهة، اليسار، اليمين، المتديّنين، العلمانيين، لا يهمّ، قبل ساعات عديدة من قيام هذه الحكومة غير الكفوءة بذلك.
إنّها قصة رائعة من التعبئة الشعبية التي أظهرت مدى التضامن الذي لا يزال مدفوناً في هذا المكان والذي يمكن أن يطلق العنان لرئيس وزراء مختلف، رئيس موحّد، وليس مقسّم. أو كما قال لي شيرف: “عندما تذهب إلى الجبهة، تغمرك قوّة ما فقدناه”.