روسيا توقع الغرب في فخ قرار أممي “فضفاض” حول سوريا

روسيا توقع الغرب في فخ قرار أممي “فضفاض” حول سوريا

56754fc85db1c

أثار القرار الأممي 2254 الخاص بسوريا استياء وجدلاً واسعين في أوساط المعارضة السورية، لما يحتويه من “ثغرات وعبارات فضفاضة” على حد وصفهم وغياب النقطة الأهم؛ وهي مصير بشار الأسد.

ونص قرار مجلس الأمن الدولي، الذي صدر بالإجماع، أمس الجمعة، بعد توافقات دولية، جامعاً ما بين إعلان فيينا في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبيان جنيف الصادر في يونيو/حزيران 2012، على دعم مفاوضات تفضي إلى إقامة حكم يتمتع بالصدقية وشامل وغير طائفي خلال 6 أشهر، ووضع طرق تبني دستورٍ جديد، وإجراء انتخابات حرة بإشراف دولي خلال 18 شهراً، ويمكن لكل السوريين بما في ذلك المغتربون المشاركة في هذه الانتخابات.

وأوصى القرار رقم 2254 بضرورة وقف إطلاق النار، والبدء بمرحلة انتقالية تلبي تطلعات الشعب السوري، في إطار مخرجات مؤتمر جنيف، مطالباً “جميع الدول الفاعلة باستخدام نفوذها لدى الحكومة والمعارضة للمضي قدماً في عملية السلام وتدابير بناء الثقة والخطوات نحو وقف إطلاق النار”.

ولاحظ مراقبون أن القرار الذي ظفر بإجماع دولي لا سيما روسي – أمريكي “نادر الحدوث”، تجاهل مطلب المعارضة السورية بضرورة تحديد موعد واضح لتنحي بشار الأسد، وإنهاء وجود المليشيات الأجنبية، ويتضمن مؤشرات مثيرة للقلق؛ أهمها التمهيد على الأقل لخروج آمن للأسد، وضمان عدم محاسبته جنائياً كمجرم حرب، وتجهيل مصيره واعتباره ونظامه شريكاً سياسياً في المفاوضات، مع إمكانية إعادة إنتاج نظامه عبر بوابة الانتخابات، وتجنب الإشارة إلى وضع المليشيات الإيرانية، والوجود الروسي.

-قرار غير ملزم

الباحث عبد الرحمن الحاج، عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري المعارض، اعتبر أنه من الصعب الآن تحديد إمكانية تطبيق القرار الأممي؛ لكونه على حد وصفه “غير ملزم”.

وأضاف الحاج في حديث لـ”الخليج أونلاين”: “أن القرار مليء بالثغرات وإمكانية تفسيره فضفاضة، فضلاً عن غياب مصير الأسد، كما أنه ليست هناك آلية واضحة لحض الأطراف على تنفيذ القرار”.

وحول “شرعنة” القرار الأممي للغارات الروسية على سوريا، استبعد الحاج ذلك، مبيناً أن “القرار لا يشير إلى منظمة أو جهات يجب أن توقف عملياتها في سوريا أو يدعمها في ذلك، وهي سقطة به حيث كان يجب أن يحدد الجهات التي يجب أن توقف عملياتها العسكرية في سوريا، لدعم وقف إطلاق النار”.

وحول نقطة تصنيف المنظمات المقاتلة في سوريا، ذكر الحاج أن القرار تحدث بعموميات عن الفصائل “الإرهابية”، وترك تحديدها لمجموعة فيينا، وهذه نقطة “خطيرة جداً”؛ لأنها سترتبط بمصالح أمريكية-روسية، وأيضاً من الصعب الجمع بينهما، موضحاً أنه “سيتم توسعة القائمة لتشمل حتى الفصائل البعيدة عن داعش، عدا التي وقعت في الرياض على القبول بالعملية السياسية كأحرار الشام وجيش الإسلام”.

وفي المقابل، اعتبر أن الأمر الإيجابي هو أنه يمكن تصنيف المليشيات العسكرية الإيرانية المقاتلة في سوريا، مؤكداً “أنه من غير المقبول أن تقبل الأطراف الإقليمية استثناءهم وخصوصاً الأردن، التي لديها حساسية عالية من وجودهم في سوريا”.

-تجاهل الأسد

وحول غياب ذكر مصير بشار الأسد، اعتبر الحاج “أن القرار تعمد تجاهل الإشارة لمصيره لإبقائه لفترة معينة، ولربما كما ترغب روسيا إبقاءه إلى آخر المرحلة الانتقالية في 2017، وأيضاً إمكانية دخوله الانتخابات التي ستشرف عليها الأمم المتحدة، والدليل على ذلك تأكيد موسكو أن الشعب السوري وحده من يحدد مصير الأسد”.

وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أكد أن الحوار السوري الشامل وحده هو الذي يمكن أن يضع حداً لمعاناة الشعب السوري، قائلاً: “الشعب السوري وحده هو الذي يقرر مستقبل سوريا، وهذا واضح من خلال رفض كل محاولة لفرض حل من الخارج على السوريين، بما في ذلك الحلول المتعلقة بمصير الأسد”.

واعترف وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أن الخلافات ما تزال حادة داخل المجتمع الدولي بشأن مستقبل الرئيس السوري، بشار الأسد، في حين أكد وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، أن المحادثات بين الحكومة السورية والمعارضة لن تنجح إلا إذا كانت هناك ضمانات موثوق بها بشأن رحيل الأسد، مشدداً على أن “فكرة ترشحه مرة أخرى في الانتخابات غير مقبولة بالنسبة لنا”.

-غير عملي

ولم يتضمن القرار أي ضمانات بشأن آليات تطبيق وقف إطلاق النار، ولم يشر إلى وضع المليشيات الإيرانية والعمليات الروسية وهل سيشملها الوقف أم لا، مع ترجيح استمرارها تحت غطاء محاربة قائمة “التنظيمات الإرهابية”، وهي القائمة التي لم تحسم بعد.

ووصف الحاج بند وقف إطلاق النار الذي احتواه القرار الأممي بأنه “غير عملي”، معللاً ذلك بأن “المطلوب هو وقف قصف المدنيين واستهدافهم، أما وقف إطلاق النار فيكون عند بدء العملية السياسية؛ أي بعد المفاوضات، والمرحلة تبدأ بعد 6 أشهر، أما بعد شهر من الآن فالمطلوب هو خطوات بناء الثقة بين الطرفين تشرف عليها الأمم المتحدة”.

ومن ناحية تنفيذه أوضح الحاج أنه “لا توجد خطوات عملية لضمان تنفيذه لا من المعارضة ولا من النظام، ما دام القرار برمته ليس ملزماً”.

ولفت الباحث السوري إلى أن “روسيا ستنفذ عملية إعاقة للوصول إلى نتائج والمضي مع مقررات فيينا بهدف كسب الوقت، ومحاولة استغلال الثغرات الموجودة في القرار الأممي للوصول إلى النتيجة التي تناسبها،؛ وهي إعادة إنتاج النظام”.

وأشار إلى “أن روسيا ترغب على الأقل في حال رحل الأسد، أن يستمر شكل النظام الحالي بمؤسساته، برضا غربي”، لكنه أوضح أنه “حتى لو تم الوصول إلى ذلك من خلال المفاوضات بين المعارضة والنظام، فإن العنف لن ينتهي لأن الفصائل الثورية لن تقبل بذلك”.

عبدالله حاتم

موقع خليج أونلاين