هاشمي رفسنجاني… الطريق لولاية الفقيه!

هاشمي رفسنجاني… الطريق لولاية الفقيه!

55060ccd0acd3
الصراع حول مستقبل ولاية الفقيه في إيران بدأ عده التنازلي مع قرب حدوث متغيرات في قمة هرم القيادة الإيرانية، ولعل من أبرز خصال الرئيس الإيراني الأسبق، أحد أبرز قادة النظام الديني في إيران من فئة الحرس القديم، وهو الشيخ هاشمي رفسنجاني، صراحته المطلقة، وجرأته الواضحة في التصريحات، وحالة البراغماتية التي تميزه عن بقية أقرانه في القيادة الإيرانية.
رفسنجاني اليوم هو رئيس مجلس مصلحة تشخيص النظام، وله أيضا رغم ريادته وقدمه ودوره المتميز في النظام وولائه له مشكلاته الخاصة، وحتى العائلية، مع النظام الذي ساهم في صناعته في حقبة وزمان الراحل آية الله الخميني، فالرجل قد شغل منصب رئيس البرلمان، ثم رئاسة الجمهورية خلال حقبة مهمة أعقبت نهاية الحرب مع العراق، وكان له دوره المركزي في إقناع الخميني الراحل بوقف الحرب التي طالت كثيرا، والأخطر من كل شيء دور رفسنجاني في تعبيد الطريق لإمامة وتتويج علي خامنئي لمنصب الولي الفقيه بعد الرحيل المفاجئ للخميني العام 1989 و تثبيت قواعد السلطة المهتزة!

رفسنجاني اليوم عاد للأضواء بقوة بعد إنزواء فرضته الظروف الإيرانية وحالات إدارة الصراع في المنطقة، وكان بروزه من خلال رؤيته الصريحة لمستقبل القيادة والنظام في إيران، من بوابة الحالة الصحية الحساسة للمرشد الحالي علي خامنئي التي وصلت لمرحلة حرجة بات معها الحديث عن خليفته أمرا شائعا، فقد دعى رفسنجاني للإسراع في تعيين خليفة للمرشد من خلال المشاورات في مجلس الخبراء الذي يضم 86 عضوا ويرأسه محمد يزدي وهو الجهة المختصة بتعيين وعزل الولي الفقيه الذي يخضع إختياره لمواصفات ومقاربات وتوافقات معينة ترتبط بجميع الأجهزة الحاكمة في إيران وأهمها مؤسسة الحرس الثوري اليد الضاربة للولي الفقيه والحارس الأول والمؤتمن على أمن وإستمرارية ووجود النظام الإيراني، فهو المظلة العسكرية والأمنية للمؤسسة العقائدية التي تؤسس لطبيعة النظام، رفسنجاني من القادة القلائل الأحياء من الجيل الأول للثورة الإيرانية، وهو شاهد على جميع مخاضات ولادة مؤسسات النظام الذي بنته المؤسسة الدينية منذ العام 1979 وكان من أوائل الذين تم رصدهم عبر محاولة إغتياله الرائدة والفاشلة في بداية الثورة الإيرانية، ثم إستطاع الإفلات من كل محاولات الإستهداف والإغتيال قبل أن يمارس دورا جوهريا في قيادة عمليات الحرب الشرسة الطويلة ضد العراق ( 1980/1988)، بل انه أعلن لاحقا أن إيران فكرت في إمتلاك السلاح النووي خلال تلك الفترة.
رجل بمواصفات رفسنجاني القيادية والتاريخية يرى في نفسه، من دون أن يصرح علنا أنه الأفضل في قيادة النظام من خلال منصب الولي الفقيه، رغم عدم حصوله على درجة آية الله العظمى، لكن تجربة الخامنئي أثبتت أن ذلك ليس شرطا حاسما، فخامنئي الذي صعد لقمة القيادة العام 1989 لم يكن آية الله العظمى، ولم يكن من المراجع الكبار، بل أن وصوله للمرجعية كان لأسباب سياسية محض وقرار جمهوري لحفظ النظام وتأمين إستمرار الثورة وهو الأمر المهم، فالولاء للنظام ونظريته مقدم على جميع الشروط الأخرى، ورفسنجاني المنتمي أصلا للمؤسسة الفقهية هو أيضا تاجر شاطر وسياسي مرن ونجح في ترطيب الأجواء الملتهبة مع الجيران العرب في الخليج وتحديدا مع السعودية، ثم كان له دوره الكبير كرئيس جمهورية في إدارة عملية الخداع الستراتيجي ضد خصمه اللدود السابق النظام العراقي بعد إحتلال وغزو الكويت العام 1990، وأستطاع أن يخدع القيادة العراقية السابقة، وأن يظهر تعاطفه معها، بل أن يدفعها لإرسال طائراتها المقاتلة لتأمينها في إيران حيث تمت مصادرتها وإعتبارها جزءاً من تعويضات حربها الطويلة مع العراق! رغم أنه وابناؤه إستفادوا من التجارة مع العراق خلال مرحلة الحصار الدولي الطويلة التي أعقبت غزو الكويت حتى إحتلال العراق العام 2003!
رفسنجاني اليوم يحاول ختم حياته السياسية العاصفة بالوثوب إلى قمة السلطة المطلقة في إيران، وهو إحتمال ليس بعيد التحقق في ظل حالة الإحتقان الداخلي والخارجي الصعبة التي يعيشها الشارع الإيراني وفي ظل وجود الإصلاحيين المؤيدين له في مؤسسة رئاسة الجمهورية، فالرئيس روحاني واحد من المقربين لرفسنجاني.
لقد بدأ العد التنازلي الفعلي لغروب القيادة القديمة في إيران وبروز قيادة جديدة هي بمثابة جسر بين الماضي والمستقبل، وتلك المواصفات أضحت نادرة ولا تتوافر إلا في شخص علي أكبر هاشمي رفسنجاني! فهل تتحقق المفاجأة ويكون رفسنجاني الرهبر الإيراني القادم؟
كل الإحتمالات ممكنة، وكل الخيارات مفتوحة؟
داود البصري
صحيفة السياسة الكويتية