طرابلس – أفاد خبراء أفارقة أن الأسلحة الصغيرة والخفيفة المسرّبة من ليبيا وصلت إلى نيجيريا وأصبحت تباع “مثلما يباع الأرز”، ما أجج نشاط قطّاع الطرق، حسب ما نقلت مجلة “منبر الدفاع الأفريقي” الصادرة عن القيادة العسكرية الأميركية لقارة أفريقيا “أفريكوم”.
وزاد بروز الجماعات المتطرفة والمسلحة الطلب على الأسلحة الصغيرة والخفيفة في المنطقة، فضلا عن غياب الاستقرار السياسي فيها.
وسلطت النشرة الأميركية عبر موقعها الإلكتروني في آخر عدد لها الضوء على حالة عدم الاستقرار السياسي، والنزاعات بين المزارعين والرعاة، والانقسامات العرقية، وظهور التنظيمات المتطرفة، وهي عوامل أدت إلى انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة في منطقتي الساحل وغرب أفريقيا.
ونقلت المجلة آراء مجموعة من الخبراء حول سبل السيطرة على انتشار الأسلحة، لكنهم أجمعوا على أن الحل يبدأ بتحسين الوضع الأمني، وذلك خلال ندوة استضافها معهد الدراسات الأمنية بعنوان “دوافع الاتجار بالأسلحة في غرب أفريقيا وتأثيره”.
وقال منسق المرصد الإقليمي للجريمة المنظمة بالمعهد أولوولي أوجويلي إن ظهور الجماعات المتطرفة العنيفة وسائر الجماعات المسلحة أدى إلى كثرة الطلب على الأسلحة الصغيرة والخفيفة في المنطقة.
وانتهى أوجويلي مؤخرًا من إعداد تقرير عن الاتجار بالأسلحة في مناطق مثل مدينة لاغوس بنيجيريا، وهي من مراكز الاتجار بالأسلحة.
وفي باماكو بمالي أسفر عدم الاستقرار الناجم عن ظهور التنظيمات المتطرفة عن زيادة الطلب على الأسلحة.
من جانبه، اعتبر الرئيس التنفيذي لمبادرة “سولهو للتنمية” إدريس محمد، وهي منظمة إنسانية غير حكومية، أن عدم الاستقرار السياسي من الدوافع الرئيسية للاتجار بالأسلحة في شمال نيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد وبوركينا فاسو.
وأشار محمد، وهو من أبناء شمال غرب نيجيريا، إلى أن “الكثير من الأسلحة المتداولة اليوم إنما تسربت من ترسانة الأسلحة الضخمة التي كان يمتلكها معمر القذافي رئيس ليبيا الراحل”.
وقال إنه “في العام 2012 أو 2013، كان بإمكانك أن تذهب إلى المدينة المجاورة وتشتري قطعة سلاح وذخيرة حية، مقابل 10 دولارات كنت تشتري أسلحة متطورة للغاية، كانت وفيرة، وكأنك تذهب إلى السوق لشراء الأرز أو الذرة”.
وذكر أن جرائم قطّاع الطرق والمعارك التي لا تنتهي بين المزارعين والرعاة تدفع الناس أيضًا إلى شراء أسلحة للدفاع عن أنفسهم، ولاسيما إذا شعروا أن حكومتهم غير قادرة على حمايتهم، مضيفا أنها تغري الشباب في المناطق الفقيرة.
وتابع “تغدو شخصًا مرموقًا في مجتمعك عندما تمتلك بندقية كلاشنيكوف (…) كما أن تجارة الأسلحة تنتعش بسبب ثغرات الحدود وغياب الأمن والفساد”.
من جهتها، ذكرت موتيات أولاديجو من مبادرة “أوبينرين أفريكا” للبحث والتطوير أن المرأة تشارك في جريمة الاتجار بالأسلحة بصورها كافة. وقالت “المرأة تعمل في هذا المجال موردة، وسائقة، ومشترية، وناقلة، وجامعة معلومات عن الاتجاهات أو الطرقات الآمنة للمرور منها، ووسيطة وسمسارة”.
عدم الاستقرار السياسي من الدوافع الرئيسية للاتجار بالأسلحة في شمال نيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد وبوركينا فاسو
ويشكل الحد من تدفق الأسلحة غير المشروعة تحديًا جسيمًا، فقد دعا بعض الخبراء كل الدول إلى التصدي للقضية، ومن شأن ذلك إتمام الجهود العالمية التي يبذلها مكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح والجهود الإقليمية مثل اتفاقية الأسلحة الصغيرة التابعة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).
وتنص اتفاقية “إيكواس” على موافقة الدول الأعضاء على السيطرة على الأسلحة الصغيرة والخفيفة وتنظيمها وحظر نقلها وتصنيعها وحيازتها.
وأكد ساني أدامو القائم بأعمال رئيس عمليات دعم السلام بمفوضية “إيكواس” أن الاتفاقية تلزم كل دولة من الدول الأعضاء بإنشاء لجنة وطنية مكلفة بمكافحة الاتجار بالأسلحة غير المشروعة بموجب قانون يصدره البرلمان، وضرب مثالًا بنيجيريا لعدم التزامها بذلك.
وفي وقت سابق دعا تقرير أممي دول الساحل إلى بذل المزيد من الجهود لمكافحة تهريب الأسلحة على أراضيها التي تشهد هجمات جهادية وأعمالاً إجرامية ونزاعات بين جماعات إثنية متناحرة.
وقال مكتب الأمم المتّحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة في تقريره إنّ “كلّ الجماعات المعنية تحتاج إلى أسلحة نارية وذخيرة، ومع تزايد أعدادها، تتزايد الفرص التجارية لمهرّبي الأسلحة في دول الساحل”.
وسلّط التقرير الضوء على السمات المميّزة لعمليات تهريب الأسلحة والتي غالباً ما تكون وجهتها بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد، كما قدّم توصيات بشأن سبل مكافحتها.
وأدت حالة الفوضى التي غرقت فيها ليبيا منذ الإطاحة بنظام القذافي في 2011 إلى تدفّق الأسلحة من الدولة الواقعة في شمال القارّة إلى دول الساحل الواقعة جنوبها.
العرب