بتاريخ 14تشرين ثاني 2023 أصدرت المحكمة العليا في العراق قراراً بإنهاء عضوية السيد محمد ريكان الحلبوسي من رئاسة مجلس النواب وأعتبرته قراراً قطعياً باتاً لا يقبل الإعتراض والتمييز كونه صادر من أعلى سلطة قضائية قراراتها واجب التنفيذ، وجاء القرار على خلفية الاعتراضات التي قدمها النائب ليث الدليمي الذي صدر بحقه قرار انهاء عضويته أيضا.
جاء قرار المحكمة في خضم أوضاع سياسية ووقائع ميدانية يعيشها أبناء الشعب العراقي تتمثل بدعوة السيد مقتدى الصدر المقاطعة انتخابات مجالس المحافظات وتعاظم الخلافات السياسية حول إمكانية التأجيل او الإلتزام المحدد بموعد الانتخابات يوم 18 كانون الأول 2023.
استقبل السيد الحلبوسي القرار بشكل إيجابي وأعلنه في جلسة النواب وغادر قاعة الإجتماعات معلناً انتهاء الجلسة، وتباينت ردود الأفعال حول قرار الإقالة وبدأت الشخصيات السياسية وبعض الوجوه الرسمية بالتوافد على مقر السيد الحلبوسي ومنهم السفيرة الأمريكية والسفير التركي وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بلاسخارت، للتداول في شأن الإجراءات المتخذة وما سيفعله في الأيام القادمة والتأكيد على سلامة واستقرار الجبهة الداخلية للبلاد خشية انعكاس القرار على أفعال شعبية وجماهيرية تابعة لتحالف تقدم والتحوط لأي مناكفات سياسية قد تستغل من قبل بعض الجهات لتعكير حالة المشهد العام في العراق، كون الجميع يدرك حقيقة النفوذ السياسي الذي يتمتع به السيد الحلبوسي كونه المنافس الابرز في انتخابات مجلس المحافظات وحتى في المحافظات ذات الطبيعة المشتركة مع باقي الكتل والاحزاب السياسية وبعد أن تبين للأخرين ان تكتل تقدم لديه من الحضور الميداني الكبير ومنها محافظة بغداد التي تشكل هدفاً سياسياً تسعى اليه جميع القوى المشاركة في الانتخابات القادمة.
ان أهمية تحقيق التماسك الإجتماعي والحفاظ على حالة الأمن والإستقرار التي يشهدها العراق وتوسيع دائرة التنافس الصحيح مع الكتل السياسية بعيداً عن المناكفات والخلافات الصراعات التي تحدث خلال فترة أي انتخابات تشهدها البلاد، فكان التوجه الوطني الذي اتخذه السيد الحلبوسي باللقاء مع مؤيديه وجماهيره في مهرجانات شعبية اكتظت بها مدن ونواحي محافظة الانبار ساهمت في وأد الفتنة الاجتماعية وتوسيع دائرة الخلاف السياسي وتأكيد الدور القيادي في حماية المجتمع العراقي والدعوة إلى استخدام صناديق الاقتراع لتكون الفيصل الرئيسي في قيادة الدولة والمجتمع والابتعاد عن أي ممارسات قد تحقق الأغراض السلبية التي تدعو لها الأطراف الإقليمية لتمزيق وتشتت الصف العراقي واستهداف النسيج الاجتماعي فيه، وهو بذلك قد حقق عملية منع أي ابتزازات سياسية وتوجهات عدوانية لتفتيت المكونات السياسية للمجتمع العراقي وافشال المخططات الداعية للتأثير على المناطق السنية وأحداث الخلل الاجتماعي فيها وتطويعها بشكل أوسع لتكون ضمن دائرة التحالفات السياسية الداعمة التوجهات إقليمية ولخدمة أهداف مستقبلية.
ان المبادرة السياسية تمثل عمق الانتماء الرصين للوطن والحفاظ على وحدته ومنع أي خلل يعكر حالة الأمن والاستقرار ويهدد الجبهة الداخلية وهي أهداف استراتيجية وغايات وجدانية يعمل عليها كل سياسي وطني حريص على بلده، ساعياً لخدمته، عاملاً على تحقيق أهداف شعبه في مجتمع يسعى لمفهوم العدالة الإجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة واحترام حقوق الإنسان والحفاظ على وجوده وكرامته، وأن تطبيق العدالة يجب أن يشمل الجميع من قيادات سياسية وحزبية ووزراء ومحاسبتهم على هدر المال العام والتصرف النفعي في العقود المالية والمشاريع الاستثمارية.
ان حكمة اي قيادي سياسي في تصحيح المسارات الميدانية وتعزيز القدرة الفعالة والإجراءات السليمة إنما تتأتى من فكر ثاقب وعقل مدرك وفهم للواقع.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية