التهديدات التي تواجهها المنطقة العربية وتركيا، دفعت السعودية إلى السعي لتصفير المشكلات العالقة بين أهم الأعضاء في التحالف العسكري الإسلامي، وفق ما أكده الخبراء والمحللون، عبر مصالحة بين النظام المصري من جهة، وتركيا وقطر من جهة أخرى.
“الخليج أونلاين” رصد التصريحات المتتالية من قبل المسؤولين المصريين، برغبتهم في عودة العلاقات مع تركيا، وفي المقابل إبداء بعض الساسة الأتراك بوادر استعداد لقبول مثل هذه المصالحة؛ الأمر الذي عزز الخطوات التي تقودها السعودية لطي صفحة الخلافات بين مصر وتركيا وقطر، خاصةً أن محاربة الإرهاب ووقف المد الإيراني والرغبة بوقف تداعياته بالمنطقة قادت إلى إنشاء التحالف العسكري الإسلامي.
وكانت مصادر دبلوماسية مصرية وعربية كشفت، سابقاً، عن وساطة سعودية لحل الخلاف بين القاهرة والدوحة وأنقرة بهدف تعزيز التعاون الأمني فيما بينها ضد تنظيم “الدولة”.
المصادر الدبلوماسية، ذاتها، أشارت، الأحد 20 ديسمبر/كانون الأول 2015 لصحيفة الوطن المصرية، إلى أن ثمة تقارباً محتملاً بين تركيا ومصر خلال الفترة المقبلة، مؤكدة أن “التطورات المتسارعة التى شهدتها المنطقة مؤخراً فرضت على البلدين ضرورة فتح قنوات اتصال بينهما، خصوصاً فى الأمور الأمنية والدبلوماسية”.
– مباردة سلمان ليست الأولى
أجمع المحللون على أن خطوات ملموسة جرت نحو ترميم علاقات تركيا بالإمارات ومصر، وأن السعودية سيكون لها دور بناء في رأب الصدع بين الدول الثلاث، مستشهدين بالمبادرة التي أطلقها العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز لتوطيد العلاقات المصرية القطرية.
وفي مارس/آذار الماضي، أشار عدد من الخبراء إلى أن زيارة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، للرياض تزامناً مع زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وقبلهما زيارة الشيخ تميم بن حمد، أمير قطر، تهدف لبحث جهود العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، للمصالحة المصرية القطرية التركية، ما يساهم فى مواجهة الإرهاب الذي بات يهدد المنطقة.
الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أكد، آنذاك، أنه ليس مستبعداً أن تكون السعودية في طريقها لبحث سبل لم الشمل العربي ووقف الارتباك الحادث في المنطقة؛ وذلك بوضع حد للتوتر المصري القطري التركي، بالضغط على مصر لقبول المصالحة؛ ليس فقط بسبب أمنها الداخلي، وإنما لتحقيق أهداف أخرى على المستوى الإقليمي ومواجهة الإرهاب الدولي.
– قمة المناخ
وفي السياق، كانت قمة المناخ التي جمعت أكثر من 190 دولة، فرصة لتشهد انفراجة نسبية بلقاء الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي بأمير قطر، تميم بن حمد، فضلاً عن تبادل التهاني في المناسبات الوطنية، بالإضافة إلى مشاركة كتاب وناشرين وجناحين كبيرين لوزارة الثقافة والسفارة المصرية في معرض الدوحة الدولي للكتاب قبل أسبوعين؛ الأمر الذي يدفع نحو إعادة العلاقات بين البلدين.
– داعش تجمع الفرقاء
المصادر، ذاتها، أشارت إلى أن “التقارير الاستراتيجية التي رفعت للقيادتين السعودية والإماراتية تشير إلى أن علاقة مصر وقطر وتركيا لن تبقى كما هي، وستشهد تحولات تدريجية نحو مزيد من التقارب المحسوب أو البارد”.
الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، صرح في حديثه مع قناة الجزيرة، الجمعة 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أنه “لا توجد أي مشكلة مع شعب الإمارات، إلا أنه لا بد أن نكون حساسين للغاية بخصوص الجمل التي نستخدمها مع بعضنا البعض”، مضيفاً: “بصفتي رئيساً لتركيا أقول: إنه لا بد من إزالة هذه الأسباب في أسرع وقت ممكن. هناك سبب واحد (للتباعد)، وهو الأحداث في مصر، إلا أنه يجب حل ذلك بالطرق الدبلوماسية، وليس بالحديث ضد بعضنا البعض”.
الرد الإماراتي جاء سريعاً عقب تصريح أردوغان، عبر صفحة وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، الدكتور أنور قرقاش، على تويتر ليؤكد عدم وجود معارضة لأي محاولة لكسر هذا الجمود قائلاً: “الإشارات الإيجابية من الرئيس التركي طيب رجب أردوغان حول علاقات بلاده مع دولة الإمارات مُرحب بها ومن الضروري البناء عليها. وأن الخلاف التركي الإماراتي حول التطورات المصرية آن الأوان لتجاوزه، المنطقة لا تتحمل مثل هذه الخلافات ومصر من مفاتيح الاستقرار، وشعبها قرر مساره”.
ولذا فقد رجّح الخبراء أن العلاقات الإماراتية التركية التي توترت مؤخراً، شهدت تطورات إيجابية، تجسدت في خطوات اقتصادية ودبلوماسية، الأمر الذي سيكون له انعكاس إيجابي على علاقة مصر بتركيا.
– السعودية بيدها الحل
وكان أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة والدبلوماسي السابق، الدكتور عبد الله الأشعل، أكد، سابقاً، أن السعودية تملك أدوات النفود والتأثير ما يجعل وساطتها قادرة على النجاح بين الإخوان والنظام المصري. ممّا يعزز الاستقرار لمصر ومواجهة التهديدات بتزايد النفوذ الإيراني في المنطقة.
وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أكد عبر برنامج العاشرة مساءً على قناة “دريم2″، 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن “الحكومة المصرية تتمنى أن تعيد تركيا علاقاتها مع مصر، المبنية على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وسيادة الدولة”.
محمد عبود
موقع خليج أونلاين