حقل عكاز للغاز يمنح روسيا موقعا إستراتيجيا في العراق وفي الهلال الشيعي

حقل عكاز للغاز يمنح روسيا موقعا إستراتيجيا في العراق وفي الهلال الشيعي

بغداد – تتنافس روسيا والصين على جولة تراخيص الغاز السادسة في العراق، التي ستتمحور حول تقديم عطاءات لحقل غاز عكاز العملاق والمنطقة المحيطة به غرب العراق وقبالة الحدود السورية.

وفيما حصلت الصين على عقود نفطية ذات قيمة في مواقع مختلفة من العراق، تبذل روسيا كل ما في وسعها للحصول على موقع في حقل عكاز.

ولا يقف الاهتمام الروسي بالحقل عند فرص الاستكشاف وما يضمه من احتياطات كبرى، وإنما يمثل لها أيضا موقعا إستراتيجيا، من الناحيتين الأمنية والاقتصادية، يساعد موسكو على أن تكون في قلب الهلال الشيعي، من أذربيجان إلى إيران والعراق ثم سوريا التي تمتلك فيها نفوذا إستراتيجيا منذ 2015.

وتستفيد روسيا في سعيها للاستئثار بأكبر حصة في حقل عكاز من علاقتها بإيران وتقاطع مصالحهما في سوريا. كما تستفيد من واقع أن شركات النفط والغاز يحق لها قانونيّا تأمين عملياتها في حقول النفط والغاز بمختلف مناطق العالم من خلال أي وسيلة تعتبرها ضرورية.

ضغوط موسكو على بغداد ازدادت بسبب ضغوط شديدة من الحرس الثوري على وزارة النفط العراقية

ويحتوي الحقل على حوالي 5.6 تريليون قدم مكعبة من الاحتياطيات المؤكدة، وتخطط وزارة النفط العراقية لإنتاج حوالي 400 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا.

ويعد حقل غاز عكاز واحدا من ثلاثة حقول غاز كبيرة تشكل مثلثا عبر جنوب العراق، يمتد من حقل المنصورية بالقرب من الحدود الشرقية مع إيران، وصولا إلى حقل السيبة في الجنوب (قريب جدا من مركز التصدير الرئيسي في البصرة)، ثم يمتد غربا حتى عكاز نفسها القريبة من الحدود مع سوريا.

وتعتقد روسيا أنها سيطرت أخيرا على المواقع الثلاثة عندما وقعت شركة “ستروي ترانس غاز” في سبتمبر 2019 عقدا أوليا مع وزارة النفط العراقية لتطوير المنطقة 17 في محافظة الأنبار التي تعيش حالة من الانفلات.

وتعتبر المنطقة 17 منطقة مثالية للأغراض الروسية بسبب الانفلات الأمني، وهي تقع وسط ما يطلق عليه الجيش الأميركي “العمود الفقري” لتنظيم داعش، حيث يتدفق نهر الفرات غربا إلى سوريا وشرقا إلى الخليج، وهو قريب من الحدود مع إيران.

وتوجد على خط التواجد الروسي المدن التاريخية القومية المعادية للغرب على طول العمود الفقري الممتد من الشرق إلى الغرب، وهي الفلوجة والرمادي وهيت وحديثة، ثم المدن السورية بانياس وطرطوس واللاذقية التي تعدّ مواقع إستراتيجية لموسكو.

ويعتبر ميناء طرطوس السوري قاعدة بحرية ضخمة لروسيا والميناء الوحيد على البحر المتوسط ​​الذي يمكنها الوصول إليه. ولا يبعد الميناء كثيرا عن مطار حميميم الذي أصبح (بموجب اتفاق في 2015) مطارا وقاعدة جوية مدنية – عسكرية مزدوجة الاستخدام لروسيا. وتوجد بالقرب منه محطة التنصت الروسية لجمع المعلومات الاستخباراتية في اللاذقية.

واعتُبرت بانياس منذ فترة طويلة نقطة نهاية لخطوط الأنابيب المخطط لها منذ فترة طويلة بين إيران والعراق وسوريا، والتي من شأنها أن تنقل النفط والغاز الإيرانيّيْن ثم العراقييْن لاحقا، من إيران عبر العراق إلى سوريا، ثم إلى موانئ جنوب أوروبا الأقل صرامة.

ويسمح هذا الطريق بحركة النفط والغاز الإيرانييْن الخاضعيْن للعقوبات إلى أوروبا، وبدخول أي شيء آخر ترسله روسيا وإيران دون الكثير من الضوابط.

5.4 تريليون قدم مكعبة من الاحتياطيات المؤكدة في الحقل، حيث تخطط وزارة النفط العراقية لإنتاج حوالي 400 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا

وكان هذا منذ فترة طويلة الجزء الأخير من الخطط الروسية والإيرانية لبناء “جسر بري” من طهران إلى البحر المتوسط ​​يمكن من خلاله زيادة حجم ونطاق تسليم الأسلحة بشكل كبير إلى جنوب لبنان ومرتفعات الجولان في سوريا المعتمَدة في الهجمات على إسرائيل.

ويشير الكاتب سايمون واتكينز، في تقرير لموقع أويل برايس الأميركي، إلى أن هدف هذه السياسة أساسا هو إثارة صراع أوسع نطاقا في الشرق الأوسط بما يجر الولايات المتحدة وحلفاءها إلى حرب لا يمكن الفوز فيها مثل التي خاضتها في العراق وأفغانستان.

ويقول واتكينز “لا ينبغي التفاجؤ بتصريحات مصدر يعمل بشكل وثيق مع وزارة النفط العراقية، وتحدث إليه موقع أويل برايس حصريا الأسبوع الماضي وذكر أن الحكومة العراقية أكدت لروسيا أنها ستحصل على امتياز حقل غاز عكاز”.

وأكد المصدر أن الضغوط الهائلة التي مارستها روسيا على بغداد، سواء من خلال أنشطتها في جنوب البلاد أو من خلال قبضتها المحكمة على قطاع النفط والغاز في كردستان بالشمال، ازدادت بسبب ضغوط شديدة من عناصر الحرس الثوري الإسلامي الإيراني على وزارة النفط العراقية.

وأضاف “سيسمح الترخيص الروسي للشركات المختارة بالتعاقد من الباطن (عبارة عن عقد باطني أو عقد فرعي) على أجزاء من العقد لفترات تتراوح بين 5 و10 سنوات خلال فترة الترخيص البالغة 20 عاما، وهذا ما سيشمل الشركات الصينية بشكل كبير”.

العرب