دبي- يضغط أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لإحباط محاولات إدراج صيغة حول “التخلص التدريجي” من الوقود الأحفوري في اتفاق مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28)، في ما يرغب العديد من الدول بإدراج الاستغناء عن الوقود الأحفوري في الاتفاق النهائي المتوقع ليوم الثلاثاء.
وجاء هذا الجدل بعد رسالة مثيرة للجدل منسوبة إلى الأمين العام لأوبك هيثم الغيص حث فيها أعضاء المنظمة على رفض أي اتفاق يستهدف الوقود الأحفوري وليس الانبعاثات، قائلا “يبدو أن الضغط غير المبرر وغير المتناسب ضد الوقود الأحفوري قد يصل إلى نقطة تنطوي على عواقب لا رجعة فيها”.
وقوبلت رسالة الغيص بانتقادات من دول ومنظمات مختلفة تعنى بشؤون المناخ.
وقالت وزيرة التحول البيئي الإسبانية تيريزا ريبيرا التي تتولى بلادها الرئاسة نصف السنوية لمجلس الاتحاد الأوروبي السبت للصحافيين “أعتقد أنه أمر مثير للاشمئزاز أن تعارض دول أوبك وضع المعايير حيث ينبغي أن تكون” في ما يتعلق بالمناخ.
وعبرت وزيرة انتقال الطاقة الفرنسية أنييس بانييه روناشيه عن “الاستغراب” و”الغضب” حيال ذلك.
ورفض الغيص التعليق على الرسالة. وقال إن “العالم يحتاج إلى استثمارات كبيرة في جميع مصادر الطاقة بما فيها الهيدروكربونات.. يجب أن تكون تحولات الطاقة عادلة ونزيهة وشاملة”.
وقال مراقبون في المفاوضات إن السعودية وروسيا كانتا من بين الدول التي تصر على أن تركز القمة المنعقدة في دبي فقط على الحد من تلوث المناخ، دون ذكر المسبب له وهو الوقود الأحفوري.
ومن خلال الإصرار على التركيز على الانبعاثات بدلا من الوقود الأحفوري، يبدو أن البلدين يعتمدان على آفاق تكنولوجيا احتجاز الكربون المكلفة، والتي تقول لجنة علوم المناخ التابعة للأمم المتحدة إنها لا يمكن أن تكون بديلا عن الحد من استخدام الوقود الأحفوري على مستوى العالم.
على الجانب الآخر، تطالب ما لا يقل عن 80 دولة منها الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الفقيرة والمعرضة لآثار تغير المناخ، بأن يدعو اتفاق كوب 28 بوضوح إلى إنهاء استخدام الوقود الأحفوري في نهاية المطاف.
◙ السعودية وروسيا تصران على أن تركز النقاشات فقط على الحد من تلوث المناخ دون التطرق إلى الوقود الأحفوري
ولم تؤيد دول أخرى مثل الهند والصين صراحة التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري في المؤتمر، لكنها دعمت دعوة تلقى تأييدا واسعا لتعزيز الطاقة المتجددة.
وأكد المبعوث الصيني للمناخ شيه تشن هوا السبت إحراز “بعض التقدم” في المفاوضات المعقّدة حول الوقود الأحفوري.
وقالت رئيسة أيرلندا السابقة ماري روبنسون التي ترأس مجموعة تعرف باسم “الحكماء” وتضم زعماء عالم سابقين إن الرسالة أظهرت أن أوبك “قلقة” بشأن مسار محادثات كوب 28.
وأشارت روبنسون إلى أن “روسيا والسعودية تقفان على الجانب الخطأ من هذا، ومن المحتمل أن تضغطا بقوة. علينا حقا أن نتأكد من أن نقطة التحول تسير نحو الاتجاه الصحيح”.
وقالت تينا ستيج مبعوثة جزر مارشال في بيان “لا شيء يشكل خطرا على رخاء ومستقبل جميع الناس على وجه الأرض، بما في ذلك كل مواطني دول أوبك، أكثر من الوقود الأحفوري”.
وتتعرض جزر مارشال لخطر الغرق بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة تغير المناخ.
وتتضمن النسخة الأحدث للنص الذي يجري التفاوض حوله، وصدرت الجمعة مجموعة من الخيارات بداية من الاتفاق على “التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وفقا لأفضل السبل العلمية المتاحة” إلى التخلص التدريجي من “عمليات حرق الوقود الأحفوري التي لا يتم فيها التقاط الكربون واحتجازه” أو عدم ذكر الوقود الأحفوري على الإطلاق.
وقالت مبعوثة المناخ الألمانية جنيفر مورجان إن البلدان “تدخل المرحلة الحرجة من المفاوضات”.
وردا على سؤال حول خطاب أوبك، تجنب ماجد السويدي المدير العام لكوب 28 مصطلح “الوقود الأحفوري” لكنه قال إن الإمارات التي ترأس القمة ترغب في التوصل إلى اتفاق لوضع العالم على المسار الصحيح نحو الوصول إلى هدف 1.5 درجة مئوية.
وقال في مؤتمر صحفي “رئيس كوب واضح للغاية منذ اليوم الأول في أنه يريد تحقيق نتيجة تضعنا بوضوح على المسار الصحيح للوصول إلى 1.5 درجة.. من الواضح أننا نريد أن نرى نتيجة واعدة قدر الإمكان ونعتقد أننا سنحققها”.
وفي حديثه نيابة عن تحالف الدول الجزرية الصغيرة، عبّر سيدريك شوستر وزير البيئة في ساموا عن قلقه من تعثر محادثات هذا العام بسبب الخلافات.
وأضاف أن “هدف مصادر الطاقة المتجددة لا يمكن أن يكون بديلا عن التزام أقوى بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وإنهاء دعم الوقود الأحفوري. كوب 28 في حاجة إلى تحقيق كليهما”.
وأمام جناح أوبك في مقر انعقاد مؤتمر المناخ، احتج نحو سبعة نشطاء رافعين أيديهم التي كتبوا عليها عبارات مثل “استغنوا عن النفط”، وفق لقطات شاركتها المنظمة غير الحكومية org.350.
وعلقت هيلينا سبيريتوس من الصندوق العالمي للطبيعة قائلة “يظهر رد فعل أوبك أنهم خائفون من الدعوات المتزايدة للتخلي عن الوقود الأحفوري والتحول في مجال الطاقة… هناك اليوم احتمال حقيقي أن يرسل مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ إشارة لبداية نهاية عصر الوقود الأحفوري”.
وقال ألدن ماير من مؤسسة إي.ثري.جي البحثية “هذا يشير إلى بعض الذعر”.
العرب