الدعم السريع تطمئن سكان ود مدني بعد هجوم يستهدف فلول البشير

الدعم السريع تطمئن سكان ود مدني بعد هجوم يستهدف فلول البشير

الخرطوم – أرسلت قوات الدعم السريع تطمينات إلى المواطنين في ولاية الجزيرة وسط السودان بعد ساعات من المواجهات التي دارت رحاها في مدينة ود مني عاصمة الولاية تمكنت خلالها من السيطرة على مواقع حيوية استراتيجية، مؤكدة أن تحركاتها العسكرية تستهدف فلول النظام السابق واجتثاث الإرهاب.

وشهدت مدينة ود مدني منذ صبيحة الجمعة اشتباكات عنيفة بين قوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو والجيش السوداني بقيادة الجنرال عبدالفتاح البرهان، وتسبب ذلك في حالة من الذعر والهلع بين المواطنين، شرع على أثرها عدد كبير منهم في النزوح.

ويمثل استهداف قوات الدعم السريع لمدينة ود مدني تطورا نوعيا في القتال مع الجيش السوداني، وذلك لأهمية المدينة وموقعها الاستراتيجي المشرف على وسط وجنوب وشمال وشرق البلاد، فهي تعتبر القلب النابض للسودان، كما أن السيطرة على جسرها الواقع على النيل الأزرق المسمى “جسر حنتوب” يعني إحكام الخناق على ولايات شرق البلاد خصوصا مدينة بورتسودان التي باتت مقرا للحكومة ومجلس السيادة.

وتعد مدينة ود مدني وسط البلاد الثانية بعد الخرطوم من حيث الثقل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وتضم مشروع الجزيرة الزراعي الشهير الذي أنشئ في عام 1925 لمدّ المصانع البريطانية بحاجتها من خام القطن.

وقالت قوات الدعم السريع في بيان باللغة الإنجليزية نشرته على صفحتها على منصة إكس “تلتزم قوات الدعم السريع بحماية أمن ورفاهية جميع سكان ولاية الجزيرة، مع التركيز بشكل خاص على ود مدني”.

وأضافت أن هدفها الأساسي هو القضاء بشكل منهجي على القيادة المضللة والفاسدة للقوات المسلحة السودانية والميليشيات المتحالفة معها المرتبطة بالنظام السابق.

وتابعت أن “جنود قوات الدعم السريع الشجعان لا يتزعزعون في التزامهم بالقضاء على التطرف والإرهاب الذي نشره النظام السابق والمتعاونون معه داخل القوات المسلحة السودانية. يشكل هؤلاء الأفراد تهديدًا كبيرًا لأمن واستقرار أمتنا والمنطقة ككل”.

وأعربت قوات الدعم السريع في بيانها “عن عميق احترامها وامتنانها لسكان ولاية الجزيرة، الذين عانوا معاناة هائلة بسبب الظلم والاضطهاد والتهميش الذي مارسه النظام السابق. ولم تؤد هذه الأعمال إلى سرقة وتدمير الممتلكات المدنية والعامة فحسب، بل أدت أيضًا إلى تدمير المشاريع الاستراتيجية في جميع أنحاء الولاية”.

وأكدت أنها “تدرك حملات التضليل واسعة النطاق التي نظمتها القوات المسلحة السودانية وحلفاؤها من النظام السابق، والتي تهدف إلى زرع الخوف والذعر في نفوس الشعب السوداني. ومع ذلك، فإننا على ثقة بأن سكان الجزيرة، الذين يتوقون إلى تخليص أنفسهم من النظام السابق المتطرف ومؤيديه، لن يتأثروا بمثل هذه الخدع”.

وبدأت قوات الدعم السريع الجمعة، عملية عسكرية استهدفت عاصمة ولاية الجزيرة بعد أن توغلت قواتها في شرق ود مدني، حيث دارت اشتباكات عنيفة بينها والجيش السوداني بمناطق “العليلة وأبوحراز، وحنتوب”، وتمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على مناطق حيوية استراتيجية بالمدينة من بينها مباني للشرطة.

وتواصلت الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع السبت في هجوم فتح جبهة جديدة في الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر ودفع الآلاف إلى الفرار.

وأظهر تسجيل مصور انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي حشودا من الناس وهم يجمعون أمتعتهم ويغادرون ود مدني سيرا على الأقدام. وكان الكثيرون منهم قد لجأوا إلى المدينة هربا من العنف في العاصمة الخرطوم.

وقال أحمد صالح (45 عاما) لرويترز عبر الهاتف “الحرب تبعتنا إلى مدني لذا أبحث عن حافلة حتى أتمكن أنا وعائلتي من الفرار”.

وأضاف “نعيش في الجحيم ولا يوجد أحد لمساعدتنا”، مشيرا إلى أنه يعتزم التوجه جنوبا إلى ولاية سنار.

وقال شهود إن الجيش السوداني الذي يسيطر على المدينة منذ بداية الصراع شن ضربات جوية على قوات الدعم السريع شرقي المدينة، في إطار محاولته صد الهجوم الذي بدأ يوم الجمعة.

وأضاف الشهود أن قوات الدعم السريع ردت بالمدفعية وشوهدت تعزيزات تابعة لها تتحرك في اتجاه القتال.

وقال سكان إن مقاتلي قوات الدعم السريع شوهدوا أيضا في قرى شمالي وغربي المدينة خلال الأيام والأسابيع الماضية.

وقالت الأمم المتحدة إن 14 ألفا فروا من هذه المنطقة حتى الآن، وإن بضعة آلاف منهم وصلوا بالفعل إلى مدن أخرى. ولجأ نصف مليون شخص إلى ولاية الجزيرة، معظمهم من الخرطوم.

وحذرت نقابة أطباء السودان في بيان لها من أن المستشفيات في المنطقة، التي أصبحت مركزا إنسانيا وطبيا، أصبحت فارغة وقد تضطر إلى إغلاق أبوابها.

وأضافت في بيان “في هذه الأزمة، نوجه نداء عاجلا لإنقاذ أطفال دار الأيتام (المايقوما) الذين تم ترحيلهم من الخرطوم إلى مدني. هم الآن في مرمى النيران، حيث يوجد 251 طفلا و91 من الأمهات البديلات العاملات في الدار، جميعهم في وضع خطير ويحتاجون إلى مساعدة فورية”.

حذرت الولايات المتحدة السبت من أن المواجهات الأخيرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع باتت تشكل تهديدا خطيرا على المدنيين وجهود الإغاثة، وحضت المقاتلين على تجنيب منطقة تضم مراكز مساعدات وعشرات آلاف النازحين المعارك.

ودعت وزارة الخارجية الأميركية قوات الدعم السريع إلى وقف تقدمها في ولاية الجزيرة فورا والامتناع عن مهاجمة ود مدني. وحثت الوزارة أيضا القوات المسلحة السودانية على تجنب الاشتباكات مع قوات الدعم السريع وغير ذلك من الأعمال التي تعرض المدنيين للخطر.

وقالت الوزارة إن هناك “تقارير مثيرة للقلق” تشير إلى أن وحدات النخبة من قوات الدعم السريع توجهت لتعزيز الهجمات في اتجاه ود مدني، مما يعرض حياة المدنيين للخطر “بطريقة تتعارض مع مزاعم قوات الدعم السريع المعلنة بأنها تقاتل لحماية الشعب السوداني”. وأضافت أن التقدم المستمر لقوات الدعم السريع قد يؤدي إلى إلحاق خسائر في صفوف المدنيين وتعطيل كبير لجهود المساعدة الإنسانية.

وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد “أحث قوات الدعم السريع على الامتناع عن شن الهجمات، وأحث جميع الأطراف على حماية المدنيين بأي ثمن. ستتم محاسبة مرتكبي (أعمال) الإرهاب”.

ويثير القتال مخاوف بشأن مدن أخرى يسيطر عليها الجيش في جنوب وشرق السودان حيث لجأ عشرات الألوف من السكان.

وشكك الجيش وقوات الدعم السريع قبل أيام في مبادرة وساطة من الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) تهدف إلى إنهاء الحرب التي تسببت في أكبر نزوح داخلي في العالم وأثارت تحذيرات من وجود ظروف شبيهة بالمجاعة.

وعلى جبهة أخرى، تحدث ناشطون عن تجدد الاشتباكات بعد هدوء نسبي على مدى أسابيع في محيط مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

وكانت قوات الدعم السريع التي تطوق المدينة أوقفت تقدمها في وقت سابق بعد إعلان جماعات مسلحة أخرى أنها ستتدخل.

كما تحدث سكان عن ضربات عنيفة شنها الجيش في نيالا بولاية جنوب دارفور وفي بحري، وهي إحدى المدن التي تشكل منطقة العاصمة الخرطوم.

وفي حين لم يصدر الجيش بيانا يتعلق بالقتال في ود مدني، وصفت وزارة الخارجية السودانية قوات الدعم السريع بأنها “إرهابية” بسبب “استهدافها المعلن لعدد من القرى والبلدات الآمنة في شرق ولاية الجزيرة التي تخلو من أي أهداف عسكرية”.

وأودت الحرب التي اندلعت بين الطرفين في أبريل بعد خلافات حول خطط للانتقال السياسي ودمج قوات الدعم السريع في الجيش بأكثر من 12190 شخصا، وفق تقديرات منظمة “مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها” (أكليد).

العرب