تسعى الخطوط الجوية التركية إلى الهيمنة على سوق الطيران والسفر خلال العقد المقبل، وخاصة في المسافات الطويلة، مع تعزيز أسطولها بالعشرات من الطائرات ضمن صفقة ضخمة مع أيرباص اعتبر مسؤولون وخبراء أنها الأكبر في تاريخ الشركة.
إسطنبول – شكلت صفقة الخطوط التركية مع صانع الطائرات الأوروبية أيرباص انعطافة كبيرة في سوق السفر العالمي الآخذ في النمو وستكون بمثابة دفعة قوية لإسطنبول حتى تصبح مركزا دوليا للطيران في غضون سنوات.
وطلبت الشركة رسميا نهاية الأسبوع الماضي أكثر من 200 طائرة أيرباص كجزء من اتفاقية تبلغ قيمتها المليارات من الدولارات لدعم صناعة السياحة الضخمة التي تعول عليها أنقرة في جني الإيرادات وتعزيز الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة.
وأوضح رئيسها التنفيذي بلال أكشي عقب الإعلان أن العدد الإجمالي للطائرات الجديدة قد يصل إلى 355، وهو ما سيجعل من الصفقة واحدة من الأكبر في تاريخ صناعة الطيران، إلا أن الأعداد اختلفت بين الخطوط التركية وأيرباص.
وقالت الخطوط التركية في بيان الجمعة الماضية إنها “قدمت طلبيات لشراء 220 طائرة، بما في ذلك 70 طائرة عريضة البدن من طراز أي 350 للمسافات الطويلة و150 طائرة من طراز أي 321 نيو ذات الممر الواحد”.
وحصلت أيضا على حقوق شراء 135 طائرة أيرباص إضافية تشمل شراء 20 طائرة بعيدة المدى من طراز أي 350 – 900 ، فضلا عن 15 طائرة من طراز أي 350 – 1000 الأكبر حجما.
وأفادت أيرباص بأن عدد الطائرات الجديدة هو 220 فقط، وأن الطائرات العشر الأخرى سبق للشركة التركية أن طلبتها في سبتمبر الماضي. وأشارت إلى أن الطلب الجديد يشمل 150 طائرة من طراز أي 321 نيو و60 من طراز أي 350 – 900.
وتبلغ القيمة الدفترية للطائرات المطلوبة نحو 40 مليار دولار. لكن غالبا ما يكون السعر النهائي للطائرات أدنى من قيمتها نظرا لتقديم الشركات الصانعة تخفيضات للطلبات الكبيرة.
ويؤكد الاتفاق، الذي كان قيد المناقشة منذ أسابيع، على الانتعاش القوي في السفر الجوي الدولي. وارتفع الطلب على أكبر الطائرات في الصناعة بعد الركود المطول خلال جائحة كورونا التي أثرت بشدة على السفر لمسافات طويلة.
وبلغ تراكم الطلبيات لكل من أيرباص ومنافستها الأميركية بوينغ مستويات قياسية مع مسارعة شركات الطيران حول العالم إلى تقديم طلبات الشراء هذا العام وتأمين فترات التسليم الشحيحة بشكل متزايد.
وتمثل الصفقة دفعة أخرى لشركة رولز رويس البريطانية، التي تعمل محركاتها من طراز ترينت إكس.دبليو.بي على تشغيل طائرات أي 350 المستخدمة في الرحلات الطويلة.
كما ستجعل هذه الطلبية الخطوط التركية أكبر مشغل لطائرات أي 350 المستخدمة لمحركات ترينت إكس.دبليو.بي في العالم.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة البريطانية توفان إرجينبيلجيتش إن الاتفاقية “دليل على أن الإجراءات، التي نتخذها لتحويل رولز رويس إلى شركة تنافسية عالية الأداء ومدعومة بالنمو المربح، تؤتي ثمارها”.
200
طائرة، منها 70 طائرة عريضة البدن، حجم الطلبية مع خيار شراء 135 طائرة إضافية
ويرى خبراء الصناعة أن الخطوط التركية تعمل على أن تكون المنافس الرئيسي لشركات طيران إقليمية مثل طيران الإمارات، التي تملك أسطولا نشطا حاليا يتجاوز 250 طائرات وتخطط لتعزيزه بعشرات الطائرات في السنوات القليلة المقبلة.
وأوضحوا أنه لكي تحصل طيران الإمارات على المسافرين من لندن، مثلا، يجب أن ترسل طائرة مسافات طويلة لنقلهم إلى دبي ثم إلى وجهات أخرى أبعد وبالذات أفريقيا وآسيا الوسطى.
في المقابل يمكن للخطوط التركية أن ترسل أيرباص 320 أو 321، وتأتي بهم إلى إسطنبول ليستقلوا طائرة أكبر تطير بهم لمسافات طويلة.
وأشاروا إلى أن الشركة التركية ستنافس بقوة مع دعم الأسطول على أسواق الشرق الأقصى وأستراليا، وبالتالي حيازة أكبر من حركة السفر العالمي.
ولدى المسؤولين خطط لإضافة 54 مسارا جديدا بما في ذلك 22 إلى أوروبا، و13 إلى الشرق الأقصى وآسيا وتسعة إلى الأميركتين. وتقوم المجموعة أيضا بتوسيع النطاق الدولي لناقلتها منخفضة الكلفة أناضول جت.
وتعد الخطوط التركية، المملوكة بنسبة 49 في المئة لصندوق الثروة التركي، من بين جواهر التاج في البلاد، وهي تسعى إلى النمو بشكل كبير خلال العقد المقبل.
ودعم الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي أُعيد انتخابه في مايو الماضي، وجود شركة طيران محلية كبرى لتساعد على وضع تركيا واقتصادها البالغ حجمه 900 مليار دولار على الخارطة العالمية.
وتأتي هذه المشتريات في وقت تسعى فيه الحكومة إلى جذب تدفقات من العملات الأجنبية لتضييق العجز الهائل في الحساب الجاري.
وقال رئيس مجلس إدارة الشركة أحمد بولات “نعزز مكانتنا الرائدة في الطيران العالمي، ونسهم في تبوء الدولة الصدارة بصفتها مركزا للطيران”.
وأكد أن “هذا الاستثمار يعد علامة فارقة حاسمة في المزيد من التطور لصناعة الطيران في تركيا”، مضيفا أنه سيسهم في “بروز البلاد كمركز للطيران” و”سيكون له تأثير إيجابي كبير على السياحة” في البلاد.
وتعد السياحة مصدرا مهما للعملة الصعبة، حيث حققت تركيا حوالي 42 مليار دولار من عائدات السياحة في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، وفقا للإحصاءات الرسمية.
وتتجه رحلات الشركة إلى معظم دول العالم، وتستخدم مركزها في إسطنبول بمثابة مطار رئيسي لتغيير الرحلات. وقد أعلنت لأشهر رغبتها في تقديم طلبية شراء كبيرة، إذ تهدف إلى مضاعفة حجم أسطولها تقريبا خلال العقد المقبل.
وتسيّر الخطوط التركية حاليا رحلات إلى أكثر من 120 وجهة عالمية انطلاقا من المطار الدولي الجديد في مدينة إسطنبول، والذي تم افتتاحه في عام 2018.
وتحرص أنقرة على تحويل مطار إسطنبول المترامي الأطراف، الذي تبلغ كلفته 11 مليار دولار، وهو أحد المشاريع المميزة للرئيس أردوغان والقاعدة الرئيسية للخطوط التركية، إلى مركز طيران رئيسي.
ويُصنف المطار بالفعل من بين أكثر المطارات ازدحاما في العالم، حيث سافر عبره أكثر من 64.3 مليون مسافر العام الماضي وتجاوز بذلك مطار هيثرو في لندن، وفقا لبيانات مجلس المطارات الدولي.
وحققت الشركة أرباحا صافية بقيمة 2.8 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، بزيادة بنحو الربع عن الفترة ذاتها من العام الماضي.
العرب