يتوجه الناخبون في العراق إلى صناديق الاقتراع اليوم الإثنين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجالس المحافظات للمرة الأولى منذ 2013، وسط توقعات بنسبة مشاركة ضئيلة خاصة بعد إعلان التيار الصدري مقاطعة الانتخابات.
ورغم النسبة المعقولة التي تم تسجيلها في صفوف قوات الأمن والنازحين الذين صوتوا السبت، حيث بلغت 67 في المئة، يتوقع محللون نتائج ضعيفة. وتشهد نسبة المشاركة في الانتخابات تراجعا منذ 2005، حيث أصبح الشعب يشعر بخيبة أمل من الوضع السياسي الذي تسيطر عليه الصراعات.
قياس المشاركة الحقيقية يتطلب النظر إلى النسبة المئوية لإجمالي الناخبين الذين شاركوا وليس المسجلين
وبلغت نسبة المشاركة الرسمية في الانتخابات العراقية الأولى بعد الإطاحة بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين حوالي 60 في المئة وحتى أكثر. لكنها انخفضت في الانتخابات اللاحقة.
وأحصت الأرقام الرسمية إدلاء 41 في المئة من الناخبين بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية عام 2021، وهو ما اعتبر انخفاضا قياسيا. ولا يختلف العراق عن العديد من البلدان الأخرى حيث تكون نسبة المشاركة في الانتخابات الوطنية أعلى من الانتخابات المحلية.
وشارك حوالي 50 في المئة من الناخبين في دورة المحافظات لسنة 2013، مقارنة بنحو 62 في المئة في الانتخابات البرلمانية السابقة لذلك في 2010.
ويتوقع الصحافي الأميركي وينثروب رودجرز في مقال على موقع عرب دايجست أن عدد الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم في انتخابات المحافظات سيكون أقل بكثير من الانتخابات الوطنية الأخيرة قبل عامين والإقليمية الأخيرة قبل عشر سنوات.
وشكك الصحافي الأميركي في الإحصائيات التي نشرتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، غير مستبعد أن تكون قد رسمت صورة مشوهة.
واستخدمت المفوضية خلال دورة 2021 صيغة لحساب نسبة الإقبال التي تعكس الأصوات التي أدلى بها الناخبون المسجلون المعتمدون لبطاقات ناخبين بيومترية نشطة، بدلا من العدد الإجمالي للناخبين المؤهلين. وضخّم ذلك أعداد الإقبال بشكل كبير، حيث أدلى 9 ملايين شخص فقط من أصل 25 مليون ناخب مؤهل بأصواتهم، أي حوالي 36 في المئة من المجموع.
وحددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ما يزيد قليلا عن 16 مليون ناخب مسجل في جميع أنحاء العراق الفيدرالي، ولكن العدد يصل إلى حوالي 22 مليون ناخب مؤهل باحتساب إقليم كردستان.
ويقول رودجرز إن قياس المشاركة الحقيقية يتطلب النظر إلى النسبة المئوية لإجمالي الناخبين الذين شاركوا وليس المسجلين عند قراءة بيانات المشاركة النهائية التي تنشرها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
وبحسب الصحافي الأميركي المقيم في إقليم كردستان العراق “يدل انخفاض نسبة المشاركة بشكل تدريجي في كل دورة على إحباط الشعب العراقي من النظام السياسي الذي فُرض عليه منذ عقدين ولا يزال يخون مصالحه الأساسية”.
ويخوض الصدريون انتخابات المحافظات وفقا لإستراتيجيتهم السياسية المتمثلة في الانسحاب وبالتالي تجنب تحمّل المسؤولية عن تصرفات الحكومة الحالية التي يقودها منافسوهم الشيعة. ورغم حصولهم على نتائج مخيبة للآمال خلال الانتخابات المحلية السابقة ارتفعت شعبية الصدريين في العقد الماضي، وهو ما ظهر خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وفاز التيار الصدري بأكبر عدد من المقاعد في ثماني محافظات عراقية من أصل ثماني عشرة محافظة في انتخابات 2021 البرلمانية، وبالمركز الثاني في محافظتين إضافيتين، وكلها في الأجزاء الجنوبية والوسطى من البلاد. لكنه انسحب من المشاركة الفعالة في السياسة الانتخابية والتشريعية في أغسطس 2022 بعد فشله في تشكيل حكومة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني والكتلة السنية.
ويبدو قرار مقاطعة انتخابات مجالس المحافظات هذا العام مناورة لإثارة الشك في أذهان الشعب العراقي حول شرعية الحكومة التي تقودها قوات التحالف. ويريد الصدريون إرسال رسالة تقول “كيف يمكن لهذه الحكومة أن تعكس إرادة الشعب إذا لم تكن إحدى أكبر القوى في السياسة العراقية ممثلة؟”.
وتصبح مقاطعة الصدريين لعبة قوة طويلة الأمد تعتمد على خيبة الأمل العامة من الوضع الحالي الذي تمرّ به السياسة العراقية لتعزيز حظوظهم السياسية. وستتقوّض سلطة الإطار التنسيقي إذا جاءت نسبة المشاركة منخفضة وخلقت النتيجة مزيدا من الفروقات السياسية بين السكان والأحزاب الرئيسية الأخرى.
ومن المتوقع أن يستغل الصدريون هذا في المستقبل للصعود إلى قمة النظام، حيث يكمن هدفهم النهائي في السيطرة عليه، وليس إصلاحه أو إزاحته. ويرى رودجرز أن ذلك سيكون نتيجة مخيبة للآمال لأي شخص يأمل في أن تسفر هذه الانتخابات عن تغيير حقيقي.
العرب