العودة إلى سباق التسلح النووي

العودة إلى سباق التسلح النووي

في أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من “خطاب خطر” يغذي التهديدات باللجوء إلى الأسلحة النووية في العالم، وذلك خلال منتدى دولي حول “تحالف الحضارات” عقد في المغرب. وأسف غوتيريش إزاء “انقسامات متزايدة تهدد السلام والأمن العالميين وتسبب مواجهات جديدة، وتجعل حل نزاعات قديمة أكثر صعوبة”. وكانت عواصم غربية حينها تتهم روسيا بأنها تهدد باستخدام أسلحتها النووية لثني الغرب عن دعم أوكرانيا في الحرب التي شنتها موسكو في الـ24 من فبراير (شباط) 2022.

أخطار الأسلحة النووية

ووفقاً لتقرير أعده “مكتب شؤون نزع السلاح” التابع لـ”الأمم المتحدة”، فإن الأسلحة النووية هي أخطر الأسلحة على وجه الأرض، وبإمكان أحدها أن يدمر مدينة بأكملها ويقتل الملايين، ويعرض البيئة الطبيعية وحياتها للخطر لأجيال قادمة، لآثاره المدمرة الطويلة الأجل. ويعتبر التقرير أن الأخطار المترتبة على هذه الأسلحة تنشأ من وجودها بحد ذاته. ومع أن الأسلحة النووية استخدمت مرتين فقط في الحرب، في القصف الأميركي لهيروشيما وناغازاكي في عام 1945 نهاية الحرب العالمية الثانية، يشير التقرير إلى أنه لا يزال هناك 22 ألفاً من هذه الأسلحة اليوم، وأجري حتى الآن ما يزيد على 2000 تجربة نووية.

ووفقاً لتقديرات صادرة عن اتحاد العلماء الأميركيين (FAS) في يونيو (حزيران) الماضي، لا تزال مستويات مخزون الرؤوس الحربية النووية حول العالم مرتفعة للغاية، إذ تمتلك تسع دول ما يقارب 12500 رأس حربي حتى أوائل عام 2023. وتمتلك الولايات المتحدة وروسيا حالياً نحو 89 في المئة من إجمالي مخزون الأسلحة النووية في العالم، وتشكل هاتان الدولتان 86 في المئة من مخزون الرؤوس الحربية المتاحة للاستخدام من قبل القوات المسلحة. ولا توجد دولة مسلحة نووياً أخرى تعلن الاحتفاظ بأكثر من بضع مئات من الأسلحة النووية لأغراض الدفاع عن الأمن القومي في الوقت الحالي، على رغم زيادة بعض هذه الدول مخزوناتها من هذه الأسلحة.

القنبلة الذرية: كيف اخترعنا سلاحاً يهدد وجودنا
قنبلتا هيروشيما وناغازاكي كانتا أول وآخر هجوم نووي عرفته البشرية، لكن اليوم تتزايد المخاوف من استخدام هذا السلاح لاسيما بعد حرب أوكرانيا. فما قصة هذا السلاح الفتاك ومن يمتلكه؟ التفاصيل في “المجهر”.
Enter

ارتفاع على مستوى العالم

وفي تقريره السنوي في يونيو الماضي قال معهد “ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام” “سيبري” (SIPRI)، إن الدول المسلحة نووياً تعزز ترساناتها في ظل الحرب في أوكرانيا والتدهور الأمني حول العالم. وتابع أن المخزون العالمي من الرؤوس الحربية النووية انخفض بنحو 200 رأس ليصل إلى ما يقدر بـ12 ألفاً و512 بين بداية عام 2022 وبداية عام 2023. ومن ناحية أخرى، ارتفع عدد الأسلحة النووية التشغيلية بمقدار 86 وحدة ليصل إلى ما يقدر بـ9576. ويحذر باحثو “سيبري” من “أنه يبدو أن عمليات تخفيض عدد الرؤوس الحربية العاملة قد توقفت على مستوى العالم، وتزداد أعدادها مرة أخرى”، و”في الوقت ذاته لدى كل من الولايات المتحدة وروسيا برامج جارية مكثفة ومكلفة لاستبدال وتحديث الرؤوس الحربية النووية، وأنظمة إطلاق الصواريخ والطائرات والغواصات، ومنشآت لإنتاج الأسلحة النووية”.

ويشار إلى أنه على مدى عقود ظل عدد الأسلحة النووية يتناقص باطراد على مستوى العالم. ومع ذلك، فإن الخفض يرجع أساساً إلى حقيقة أن الرؤوس الحربية التي تم التخلص منها تفكك تدريجاً من قبل روسيا والولايات المتحدة. ووفقاً لـ”معهد ستوكهولم” فإن تسع دول تمتلك أسلحة نووية، تشمل إضافة إلى روسيا والولايات المتحدة كلاً من الصين وفرنسا وبريطانيا وباكستان والهند وإسرائيل وكوريا الشمالية. ويقدر خبراء أن تلك الدول تمتلك نحو 13 ألف رأس حربي نووي، وتواصل تحديث ترساناتها. وحذر التقرير من أن القوى النووية تعتمد بشكل متزايد على ترساناتها النووية، وتزيد أسلحتها، على خلفية الوضع الجيوسياسي المتدهور حول العالم في بؤر الصراع المنتشرة، وخصوصاً الحرب الروسية – الأوكرانية، مضيفاً أن الدبلوماسية في مجال نزع السلاح والسيطرة على الترسانات النووية، وعلى خلفية الوضع في أوكرانيا، تلقت “ضربة قوية”.

تهديدات متصاعدة باستخدام السلاح النووي

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أصدر تعليمات بوضع القوات النووية لبلاده في “حالة تأهب قصوى”، وذلك منذ بداية الحرب الروسية – الأوكرانية في فبراير 2022، معلناً في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، أن بلاده ستعمل على تحسين “الثالوث النووي”، الذي يضم القوات النووية البرية والجوية والبحرية، باعتباره الضامن الرئيس لسيادة روسيا. وما لبثت روسيا وبعد عام، أي في فبراير 2023، أن علقت مشاركتها في معاهدة “نيو ستارت” مع الولايات المتحدة للحد من الأسلحة النووية، بعدما اتهم بوتين الغرب بالتورط المباشر في محاولات ضرب قواعد بلاده الجوية الاستراتيجية. وقال “أجد نفسي مضطراً إلى الإعلان اليوم أن روسيا علقت مشاركتها في معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية”. وكان الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، ونظيره الروسي دميتري ميدفيديف، وقعا عام 2010 معاهدة “نيو ستارت” التي تهدف إلى إبقاء ترسانتيهما النوويتين دون مستويات الحرب الباردة.

3.jpg
لقطة مأخوذة من مقطع فيديو قدمته الخدمة الصحافية لوزارة الدفاع الروسية في فبراير 2022 وتظهر صاروخاً روسياً من طراز “Iskander-K” الذي أطلق خلال مناورة عسكرية (أ ب)

ودخلت المعاهدة حيز التنفيذ عام 2011 ومددت عام 2021 لمدة خمس سنوات، بعد أن تولى الرئيس جو بايدن منصبه. لكن تعليق المشاركة فتح الباب أمام الدولتين العظميين لسباق تسلح نووي جديد شاركت فيه الصين أيضاً، التي تحتل المرتبة الثالثة في قائمة الدول النووية. يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يهدد فيها بوتين باستخدام السلاح النووي، إذ حدث ذلك عام 2014 أثناء الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم.

وفي شهر مارس (آذار) 2023، أفاد تقرير لوكالة “رويترز” بأن روسيا التي ورثت أسلحة الاتحاد السوفياتي النووية تمتلك أكبر مخزون في العالم من الرؤوس الحربية النووية. وقال اتحاد العلماء الأميركيين إن بوتين يسيطر على نحو 5977 من هذه الرؤوس اعتباراً من عام 2022، مقارنة مع 5428 يسيطر عليها الرئيس الأميركي جو بايدن. وأخرج نحو 1500 من هذه الرؤوس الحربية من الخدمة (ولكنها ربما لا تزال سليمة)، وهناك 2889 في الاحتياط، وينشر 1588 كرؤوس حربية استراتيجية. وقالت مؤسسة “بولتين أوف أتومك ساينتستس” إنه يجري نشر نحو 812 من هذه الرؤوس على صواريخ باليستية أرضية، ونحو 576 على صواريخ باليستية تطلق من غواصات، ونحو 200 في قواعد قاذفات ثقيلة. وتملك الولايات المتحدة نحو 1644 رأساً نووياً استراتيجياً منشوراً بالفعل، وتمتلك الصين 350 رأساً حربياً وفرنسا 290 وبريطانيا 225، وفقاً لاتحاد العلماء الأميركيين. وهذه الأرقام تعني أن كلاً من موسكو وواشنطن يمكنهما أن تدمرا العالم مرات عدة، بحسب تقرير “رويترز”. ويبدو أن لدى روسيا نحو 400 صاروخ باليستي عابر للقارات مسلح نووياً، وتقدر مؤسسة “بولتين أوف أتومك ساينتستس” أن هذه الصواريخ يمكن أن تحمل ما يصل إلى 1185 رأساً حربياً. وتدير روسيا 10 غواصات مسلحة نووياً، يمكنها أن تحمل 800 رأس حربي كحد أقصى، ولديها ما بين 60 و70 قاذفة نووية.

سباق تسلح نووي جديد

في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي أظهرت صور أقمار اصطناعية، نشرتها شبكة “سي أن أن” الأميركية، أن كلاً من الولايات المتحدة وروسيا والصين قد عززت بناها التحتية لإجراء تجارب نووية مكثفة خلال السنوات الأخيرة. وهو مما يؤكد تصاعد وتيرة سباق التسلح النووي الذي تقوده القوى الكبرى في العالم. جاء ذلك بعد أن هددت الحرب في أوكرانيا بنشوب نزاع نووي بين موسكو وخصومها الغربيين، وهو ما حذر منه مؤشر “ساعة القيامة”، وهي (ساعة رمزية أنشأها عام 1945 علماء، بعضهم شارك في برنامج صنع القنبلة النووية، ضمن خطة “نشرة علماء الذرة”، التي تضم إلى جانب الساعة خدمات علمية أخرى، ويتخذ العلماء قراراً في شأن تحريك عقارب الساعة من عدمه بناءً على مؤشرات تحسن وضع العالم في مواجهة الأخطار النووية والمناخية)، في آخر تحديث له، الذي ينذر بقرب نهاية العالم بسبب السباق الجاري بين الدول النووية، مشدداً على أن خطر الفناء النووي أصبح وشيكاً أكثر من أي وقت مضى.
وأظهر تقرير “سي أن أن” أن روسيا والولايات المتحدة والصين قامت ببناء منشآت وحفرت أنفاقاً جديدة في مواقع تجاربها النووية خلال السنوات الأخيرة، وجرى توسيع ثلاثة حقول تجارب رئيسة للدول الثلاث. وتشمل المواقع المرصودة حقل تجارب نووية تديره الصين بإقليم شينجيانغ في أقصى غرب البلاد، وحقلاً تديره روسيا في أرخبيل بالمحيط المتجمد الشمالي، وحقلاً آخر في صحراء نيفادا بالولايات المتحدة. ووفقاً للأستاذ المساعد في مركز “جيمس مارتن لمنع انتشار الأسلحة النووية” جيفري لويس، فإن “صور الأقمار الاصطناعية من السنوات الثلاث إلى الخمس الماضية تظهر أنفاقاً جديدة تحت الجبال، وطرقاً جديدة ومرافق تخزين، إضافة إلى زيادة حركة مرور المركبات داخل وخارج المواقع”. ولا تظهر هذه الصور حدوث تجارب نووية فعلية في هذه المنشآت، لكن لويس أشار إلى أن “هناك بالفعل كثيراً من التلميحات التي نراها تشير إلى أن روسيا والصين والولايات المتحدة قد تستأنف التجارب النووية… وهو أمر لم تفعله أي من تلك الدول منذ حظر التجارب النووية تحت الأرض بموجب معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لعام 1996. ووقعت الصين والولايات المتحدة على المعاهدة، لكنهما لم تصدقا عليها”.

ووفقاً لتقارير وزارة الدفاع الأميركية فإن الصين تعمل على زيادة ترسانتها النووية من نحو 200 إلى 300 رأس حربي في بداية العقد إلى ربما 1500 رأس حربي بحلول عام 2035. وتشير مؤسسة “مبادرة المعاهدة النووية” (NTI)، إلى أن الصين زادت ترسانتها بنحو 60 رأساً نووياً فقط في عام 2022.

من هنا تزداد المخاوف من حدوث فناء نووي في حال نشوب صراع بين الدول النووية الكبرى. وهو ما دفع مجلس علماء الذرة إلى التحذير من اقتراب العالم من كارثة تدفعه نحو نهايته، مرجعة ذلك إلى أسباب أبرزها اندلاع الحرب في أوكرانيا. وفي آخر تحديث لـ”ساعة القيامة” مطلع عام 2023، جرى تقريب عقاربها عشر ثوان نحو ساعة الفناء، لتصبح على بعد 90 ثانية. وقالت الهيئة إن الساعة “تظل في أقرب نقطة على الإطلاق من يوم القيامة ونهاية الحضارة، لأن العالم لا يزال عالقاً في لحظة خطرة للغاية”، وذلك بحسب ما أوردت “سي أن أن” في تقريرها.

korea KCNA afp.jpg
عرض عسكري في احتفالات لمناسبة تأسيس جيش كوريا الشمالية في بيونغ يانغ في فبراير 2023 (وكالة الأنباء المركزية الكورية/أ ف ب)

كوريا الشمالية “قوة نووية ساحقة”

وفي فبراير 2023، وبعد التدريبات التي نفذتها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية باستخدام طائرات مقاتلة من كلا البلدين، أعلنت كوريا الشمالية أنها غير مهتمة بالحوار مع الولايات المتحدة، وهددت باستخدام “القوة النووية الساحقة” في أي مواجهة مستقبلية. وقالت وزارة خارجية كوريا الشمالية حينها في بيان، إن التدريبات المشتركة للولايات المتحدة بالمنطقة دفعت الوضع إلى أقصى الخطوط الحمراء، مما يهدد بتحويل شبه الجزيرة الكورية إلى ترسانة حرب ضخمة. وأضاف البيان أن بيونغ يانغ لم تعد مهتمة بالحوار ما دامت واشنطن تنتهج “سياسات معادية”. وهدد البيان بالرد على أي تحركات عسكرية أميركية بما في ذلك “القوة النووية الساحقة إذا لزم الأمر”.

وفي شهر سبتمبر الماضي كرست كوريا الشمالية في دستورها وضعها أنها قوة نووية، ودعا زعيمها كيم جونغ أون إلى امتلاك أسلحة ذرية أكثر حداثة لمواجهة التهديد الذي تمثله الولايات المتحدة، وفقاً لوسائل إعلام رسمية. وكانت كوريا الشمالية أجرت عدداً قياسياً من التجارب الصاروخية هذا العام، متجاهلة تحذيرات الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وحلفائهما. وفشلت الجهود الدبلوماسية في إقناع بيونغ يانغ بالتخلي عن ترسانتها النووية. ووصف كيم جونغ أون هذه الخطوة بأنها “حدث تاريخي”، معلناً أن تكريس الوضع النووي في الدستور “حدث تاريخي يوفر رافعة سياسية قوية لتعزيز القدرات الدفاعية الوطنية بشكل ملحوظ”، مشدداً على أن “من المهم للغاية تسريع تحديث الأسلحة النووية من أجل الحفاظ على ميزة الردع الاستراتيجي بشكل حاسم”. وأتى هذا التحرك بعد عام من إقرار المجلس التشريعي في بيونغ يانغ قانوناً ينص على أن البلاد دولة تمتلك أسلحة نووية. ووفقاً لمعهد “ستوكهولم الدولي”، لم تجر كوريا أي تجارب نووية في 2022 لكنها أجرت نحو 90 تجربة صاروخية ضمن استراتيجيتها لتوسيع قدراتها في الردع النووي.

إسرائيل تواصل تطوير ترسانتها النووية

في إسرائيل كذلك، دعا سياسيون متطرفون إلى استخدام السلاح النووي ضد قطاع غزة على خلفية الحرب مع حركة “حماس” التي انطلقت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول). ونشر عضو الكنيست السابق موشيه فيغلين، على حسابه بمنصة “إكس”، صورة لمدينة هيروشيما اليابانية بعدما دمرتها القنبلة النووية الأميركية وكتب “كم عدد الجنود الأميركيين الذين قتلوا في معركة هيروشيما؟”. ويشير معهد “ستوكهولم الدولي” إلى أنه من المعتقد أن إسرائيل تواصل تطوير ترسانتها النووية على رغم أنها تحيط الأمر بقدر كبير من السرية.

كما أثار وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو الجدل بعدما أبدى انفتاحه على احتمال استخدام السلاح النووي في غزة، مما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى منعه من حضور اجتماعات الحكومة. إثر ذلك تراجع الوزير عن تصريحه قائلاً إنه كان “تعبيراً مجازياً”.

82.9 مليار دولار

وبالعودة لتقرير معهد “ستوكهولم الدولي” يفيد بأن العالم أنفق 82.9 مليار دولار على الترسانات النووية، أي ما يوازي صرف 157 ألفاً و664 دولاراً في الدقيقة. وارتفع مخزون الصين بمقدار 60 رأساً نووياً ليصل إلى 450 في 2023 مقارنة بـ350 في 2022. ومن المتوقع استمرار نمو ترسانة الصين النووية ليصل عدد ما تملكه من صواريخ باليستية عابرة للقارات إلى حجم ما تملكه روسيا والولايات المتحدة خلال عقد من الزمن. ولم يرصد التقرير زيادة في ترسانة بريطانيا النووية لكنه من المتوقع حدوث ذلك في المستقبل للوصول إلى 260 رأساً نووياً مقارنة بـ225 في الوقت الحالي. وواصلت فرنسا تطوير التقنيات الخاصة بغواصات الجيل الثالث النووية إضافة إلى تطوير أنظمتها النووية الحالية. أما بالنسبة إلى الهند وباكستان فيبدو أنهما تواصلان تطوير أنظمة الإطلاق الخاصة بالأسلحة النووية مع زيادة قدراتهما النووية.

سباق من الصعب إيقافه

وفي مقابلة مع موقع “سويس إنفو” في أكتوبر الماضي، تحدثت المديرة التنفيذية الجديدة للحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية (ICAN) ميليسا بارك، عن التحديات التي تعوق التقدم نحو عالم مستقبلي خال من الأسلحة النووية. وأشارت إلى أن القضاء على الأسلحة النووية هو اليوم أكثر أهمية وإلحاحاً من أي وقت مضى، وذلك بسبب تزايد التوترات والصراعات، وتوفر معاهدة حظر الأسلحة النووية طريقاً لإزالتها. وتقول بارك إن “ما نشاهده اليوم هو تصاعد التوترات، وتعزيز التسلح، وتحديث الترسانات النووية وتوسع انتشارها… إذ يتم التلويح باستخدام الأسلحة النووية للإكراه والترهيب، وليس من أجل الحفاظ على السلام”. وتتابع أنه “لذلك أعتقد أنه من المغالطة القول إن الأسلحة النووية تجعل العالم أكثر أماناً. إنها تجعل العالم على الدوام أكثر خطورة”.

ويخلص مقال في مجلة “ذي إيكونوميست”، في شهر أغسطس (آب) الماضي، إلى أن “العالم ينجرف نحو سباق جديد للتسلح النووي، ومن المحتمل أن يكون إيقافه أصعب من إيقافه أثناء الحرب الباردة”، لأسباب أهمها أن السباق أصبح يأخذ “طابعاً ثلاثياً” بعد دخول الصين المنافسة، مما يعني أننا مقبلون على مشهد نووي مختلف تماماً عن ذلك الذي عرفناه في العقود الماضية، وذلك لأسباب منها تخلي الولايات المتحدة عن المعاهدات، والهجوم الروسي على أوكرانيا، وتعزيز الصين ترسانة الأسلحة النووية لديها والتكنولوجيا التدميرية.