الجزائر- زودت تركيا القوات العسكرية المالية بنحو 20 طائرة مسيّرة من نوع بيرقدار، موجهة لما أسمته قيادة السلطة العسكرية الحاكمة في البلاد، للحرب على الإرهاب وملاحقة الجماعات المسلحة، وهو ما يشير إلى الفصائل الأزوادية المسلحة في شمال البلاد، بما فيها تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين، الأمر الذي يعتبر تجاوزا تركيّا للدور الجزائري في جارتها الجنوبية، وإجهاضا نهائيا لاتفاق السلم والمصالحة المالية الذي ترعاه منذ العام 2015، وتعزيزا لموقف المجلس العسكري الحاكم الذي رحب بالأتراك والروس والصينيين وتجاهل الجزائر تماما.
واستلم رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي والقائد الأعلى للقوات المسلحة العقيد عاصمي غويتا نحو عشرين طائرة مسيّرة، من بينها طائرات مسيرة من طراز “بيرقدار تي بي 2” تركية الصنع، في الجناح الرئاسي بمطار الرئيس موديبو كيتا الدولي.
وترأس غويتا حفل التسليم الرسمي للطائرات العسكرية بحضور رئيس مجلس الوزراء ورئيس المجلس الوطني الانتقالي ووزير الدفاع والمحاربين القدامى وأعضاء الحكومة وسفير تركيا في باماكو إيفي جيلان.
◙ تزويد حكومة أردوغان لمالي بمسيّرات بيرقدار في حربها على الأزواديين يعتبر تجاهلا لمضامين التقارب بين الجزائر وأنقرة
وصرح السفير التركي بالمناسبة قائلا إن “الأجهزة الجديدة دون طيار من طراز ‘بيرقدار تي بي 2’، موجهة لخدمة القوات المسلحة المالية، وهي التجربة التي مرّ عليها نحو عام تقريبا، وإن سلطات الدفاع والقانون والمؤسسات الرسمية راضية عن أداء هذه الطائرات دون طيار، التي يسيطر عليها خبراء من القوات المسلحة المالية”.
وأضاف “يتم توريد هذه الأجهزة إلى مالي في إطار الحرب ضد الإرهاب الدولي الذي يشكل تهديدا للإنسانية، وأن مكافحة الإرهاب بأشكاله هي مسؤولية جماعية لجميع دول العالم المحبة للسلام والاستقرار”.
ولفت إلى أن هذه الطائرات دون طيار، ستساهم في حماية القوات المسلحة المالية ومراقبة القوافل العسكرية وأنشطة الإرهابيين، كما ستعزز العمليات ضد الجماعات الإرهابية”.
وتأتي الخطوة التركية في سياق تحوّلات عميقة تعيشها المنطقة، بعد صعود نخب عسكرية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى، أظهرت رفضا قاطعا للنفوذ التاريخي الفرنسي في بلدانها وفي عموم القارة السمراء، وعبرت عن انفتاحها عن قوى منافسة كالأتراك والروس والصينيين.
وتزامنت مع الأزمة المفاجئة التي طفت إلى السطح بين السلطات المالية الجديدة وبين الجزائر، فالأمر يعتبر تجاوزا تركيا لها وتجاهلا لمصالحها في المنطقة، خاصة وأن منطقة الساحل تشكل عمقا إستراتيجيا للجزائر، وأن بروز تركيا كبديل لها في مالي سيقلص فرص احتواء الأزمة وفض الشراكة التاريخية بين البلدين.
ومع سعي الجزائر لتجسيد اتفاق المصالحة وتنفيذ بنوده لحماية المكون الأزوادي في شمال البلاد، فإن تصريحات السفير التركي في باماكو ذهبت إلى النقيض تماما، وهو ما يعتبر تجاهلا لمضامين التقارب بين الجزائر وأنقرة ومقاصده، خاصة في ما يتعلق باحترام مصالح البلدين.
وعبر جيلان عن أمل بلاده في “مواصلة تعزيز العلاقات التركية – المالية في كافة القطاعات العسكرية والمدنية”، مما يؤشر إلى استغلال تركيا للأوضاع السياسية والاجتماعية في مالي، من أجل تحقيق مكاسب نفوذ هامة في منطقة الساحل، ولذلك لا تتوانى في التقرب أكثر من السلطات العسكرية الحاكمة في البلاد.
وأكد السفير التركي على دعم أنقرة لسيادة مالي وسلامة أراضيها، خاصة وأنها عضو في المجتمع الدولي في الحرب ضد الإرهاب، وهو الطرح الذي تبناه المجلس العسكري الحاكم، الذي استحوذ خلال الأشهر الأخيرة على معاقل عسكرية تابعة لتنسيقية الأزواد في مدن كيدال وتومبكتو، بدعم من مجموعة فاغنر الروسية.
ويصنف تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين الداعم للتنسيقية المذكورة، ضمن الكيانات الإرهابية بحسب التوصيفات المالية، وهي الرؤية التي تتقاسمها معها قوى داعمة لها، كالروس والأتراك وحتى الصينيين، بينما تنزهه الجزائر عن صفة الإرهاب، وتدرجه ضمن الفواعل المحلية الباحثة عن تكريس حقوق المكون الأزوادي.
وبحسب السلطات العسكرية في مالي، فإن “هذه الطائرات دون طيار ستسمح للجيش المالي بمراقبة الأراضي الوطنية، وضرب الجماعات الإرهابية المسلحة بشكل أكثر فعالية”.
وذكر مصدر عسكري محلي أن “هذه الاستحواذات الجديدة لا تساهم فقط في تحسين القوة الضاربة، ولكن أيضا في فعالية الأدوات الاستخباراتية للقوات المسلحة المالية”.
العرب