طهران – هددت إيران بالشروع في استغلال الثروة الغازية والنفطية لحقل الدرّة البحري، وذلك في تحدّ للسعودية والكويت اللتين تتمسكان بأنهما صاحبتا الحق الحصري في الحقل وتنفيان أي ادّعاءات إيرانية بشأنه.
ويقع الحقل الذي تمّ اكتشافه في ستينات القرن الماضي في مياه الخليج ويقدّر احتياطي الغاز القابل للاستخراج منه بنحو 200 مليار متر مكعب.
ووقّعت الكويت والسعودية سنة 2022 مذكرة تفاهم لتطوير الحقل بالشراكة بين الشركة الكويتية لنفط الخليج وشركة أرامكو السعودية لأعمال الخليج.
ودفع انتقال البلدين إلى خطوات عملية في الاستغلال المشترك للحقل، إيران إلى تصعيد مطالبتها بحصّة فيه، مهدّدة بفرض ذلك كأمر واقع.
وتلقي التهديدات الإيرانية بظلالها على العلاقات المستقرة مع الكويت، كما تخالف حالة التهدئة الكبيرة للصراع بين طهران والرياض والقائمة منذ المصالحة التي أنجزت بينهما برعاية صينية وأفضت إلى عودة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية.
وقال مساعد الرئيس الإيراني للشؤون القانونية محمد دهقان “مازلنا نعتقد أن حقل آرش (التسمية الإيرانية لحقل الدرة) مشترك ونبحث عن التكامل، لكن إذا قررت الكويت استخراج النفط والغاز من الحقل فسنفعل المثل”.
وجاء ذلك بمثابة ردّ على الموقف الخليجي المساند للسعودية والكويت في رفضهما لاشتراك أي طرف ثالث في ملكية الحقل واستغلال ثرواته والصادر قبل أيام عن وزراء خارجية دول مجلس التعاون في اجتماعهم الأخير بالرياض.
وورد في البيان الختامي للاجتماع أن “حقل الدرة يقع بأكمله في المناطق البحرية لدولة الكويت وأن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة السعودية – الكويتية، بما فيها حقل الدرة بكامله، ملكية مشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق لاستغلال الثروات الطبيعية في تلك المنطقة”.
ورفضت الخارجية الإيرانية ما ورد في البيان، وقالت على لسان متحدّثها الرسمي ناصر كنعاني إن “هذا الموقف أحادي الجانب ولا أساس له وغير بنّاء”، مؤكّدا “تمسك إيران بإجراء محادثات دبلوماسية وفنية مع السلطات الكويتية لتحديد وضع الحقل الغازي والنفطي”.
كما أوضح كنعاني أن وجهة نظر بلاده بشأن العلاقات مع جيرانها هي “محاولة بناء أجواء إيجابية وبناءة والتأكيد على القضايا المشتركة والودية. ومن غير المقبول إثارة مثل هذه القضايا في تصريحات أحادية بأي حال من الأحوال”.
ومن جهته أكّد دهقان في تصريحات نقلتها وسائل إعلام إيرانية قوله “مازلنا نقول كما قلنا من قبل إنه يجب حل قضية الحقل سلميا”، مضيفا “جزء من الحقل ملك لنا”، ومستدركا بالقول “اكتشفنا ذلك الحقل وحفرنا بئرا هناك منذ عدة سنوات ولم نستخدمه حتى الآن حتى لا نخلق تحديا بيننا وبين الكويت وجيرانها”.
وقال إنّ بلاده “تؤمن بالاستخراج الموحد من حقل آرش حتى يتم الاستخراج والإنتاج بأمان”.
الكويت والسعودية وقّعتا سنة 2022 مذكرة تفاهم لتطوير الحقل بالشراكة بين الشركة الكويتية لنفط الخليج وشركة أرامكو السعودية لأعمال الخليج
وتعرّض مساعد الرئيس الإيراني للموقف الكويتي بالنقد معتبرا أنّه “لم يكن لها رأي بنّاء حتى الآن”.
ويرى متابعون لقضية حقل الدرّة أن التباعد الشديد في المواقف بشأنه يحمل محاذير تحويله إلى سبب آخر للصراع السياسي والمناكفات الإعلامية بين إيران من جهة، والسعودية والكويت من جهة أخرى.
ويعتبر هؤلاء أن قيام إيران بإثارة مشاكل جديدة مع جيرانها الخليجيين يطرح إشكالية بشأن طبيعة العلاقات التي تريد أن تقيمها معهم، حيث تبدو لينة ومتعاونة عندما يتعلّق الأمر بمسائل شكلية واعتبارية، ولكنّها تصبح متصلّبة ومتشدّدة حين يتعلّق الأمر بمصالح حقيقية.
وكانت الكويت قد أعلنت في أكتوبر الماضي عن عزمها تجهيز البنية التحتية لتطوير حقل الدرة، وذلك أياما قليلة بعد إقدام إيران على خطوة وصفت بالمستفزّة وتمثّلت في قيام وزير داخليتها أحمد وحيدي بالتحليق بطائرة عمودية في أجواء الحقل.
وتستهدف إستراتيجية مؤسسة البترول الكويتية المملوكة للدولة زيادة إجمالي إنتاج النفط إلى أربعة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2035، كما تستهدف الصعود بالطاقة الإنتاجية من الغاز إلى 1.5 تريليون قدم مكعبة بحلول عام 2040، آخذة في الاعتبار الكميات التي سيتم استخراجها من الحقل موضع الخلافات مع إيران.
العرب