فهم ديناميكيات الائتمان النقدي والدين العام في العراق: الآثار المترتبة على التنمية الاقتصادية

فهم ديناميكيات الائتمان النقدي والدين العام في العراق: الآثار المترتبة على التنمية الاقتصادية

الباحثة شذى خليل*

سجل المشهد المالي في العراق عام 2023 نشاطاً كبيراً في كل من القطاع المصرفي وتراكم الدين العام. ومع قيام البنوك الخاصة بتقديم ائتمان نقدي كبير، واجهت الحكومة العراقية مشكلة الديون الداخلية المتزايدة، والتي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة. ويقدم هذا المقال تحليلا متعمقا لهذه التطورات، واستكشاف الآثار المترتبة على النمو الاقتصادي وضرورة إدارة الديون الاستراتيجية.

اتجاهات الائتمان النقدي وديناميكيات الدين العام:
وبينما شهدت البنوك العراقية الخاصة زيادة في توفير الائتمان النقدي، تجاوز الدين الداخلي العام للحكومة العراقية 70 تريليون دينار بحلول نهاية عام 2023، مسجلاً زيادة بنسبة 1.5٪ عن العام السابق. ويمثل هذا التصاعد أعلى مستوى للدين الداخلي منذ عام 2003، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى استراتيجيات فعالة لإدارة الديون. والجدير بالذكر أن معدل نمو الدين الداخلي العام ارتفع بشكل حاد في عام 2020، مع زيادة مذهلة بلغت 67%، مما يشير إلى تحديات مالية كبيرة.

توزيع وتكوين الدين الداخلي:
يتكون دين العراق الداخلي بشكل أساسي من القروض من البنوك التجارية والحكومية، ويشكل ما يقارب 37% من إجمالي الدين، في حين يتحمل البنك المركزي العراقي ما يقارب 62% من الالتزامات المترتبة على المؤسسات الحكومية. ومع ذلك، فإن الجانب المثير للقلق هو أن معظم هذه الديون تنبع من النفقات التشغيلية وليس من الاستثمارات، مما يشكل تحديات أمام سداد الديون والنمو الاقتصادي.

التحديات والفرص لإدارة الديون:
يؤكد الدين العام، الذي يمثل 19% من الناتج المحلي الإجمالي للعراق، على أهمية معالجة القدرة على تحمل الديون وتعزيز المرونة الاقتصادية. وبضم الديون الخارجية البالغة نحو 40 تريليون دينار، يصل إجمالي ديون العراق إلى ما يقارب 110 تريليون دينار، أي ما يعادل 29% من الناتج المحلي الإجمالي. ورغم أن هذه النسبة تبدو مقبولة مقارنة بالمعايير العالمية، فإن الافتقار إلى الديون الموجهة للاستثمار يشكل مخاطر على الصحة المالية على المدى الطويل.

ضرورات إدارة الديون الإستراتيجية:
من أجل معالجة الدين الداخلي المتصاعد، تواجه الحكومة العراقية خيارات حاسمة. وعليها إما إسقاط الديون غير القابلة للاسترداد، أو وضع خطة واضحة لتحويلها إلى ديون منتجة تركز على الاستثمار والتنمية. وتنطوي مثل هذه الاستراتيجية على سداد الديون السابقة والاستفادة من الديون الجديدة لتمويل المشاريع التي تساهم في النمو الاقتصادي وسداد الديون.

خاتما إن التقاء أنشطة الائتمان النقدي الكبيرة في البنوك الخاصة وتصاعد مستويات الدين العام في العراق يؤكد على مدى تعقيد المشهد المالي في البلاد. وتعد الإدارة الاستراتيجية للديون أمرا حتميا لضمان النمو الاقتصادي المستدام وتخفيف المخاطر المرتبطة بأعباء الديون المتزايدة. ومن خلال إعطاء الأولوية للديون الموجهة للاستثمار وتعزيز بيئة مواتية للتنمية الاقتصادية، يستطيع العراق التغلب على تحدياته المالية وتحقيق إمكاناته الاقتصادية في السنوات المقبلة.

 

الوحدة الاقتصادية / مكتب شمال امريكا

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية