قبرص تنتقد تراخي لبنان في مواجهة تدفق اللاجئين السوريين

قبرص تنتقد تراخي لبنان في مواجهة تدفق اللاجئين السوريين

نيقوسيا- تواجه قبرص تدفقا كبيرا للاجئين السوريين القادمين عن طريق البحر من لبنان، وسط اعتقاد بأن المنظومة الحاكمة في لبنان لا تقوم بالدور الكافي من أجل احتواء الظاهرة.

وناشدت قبرص الأربعاء الاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراء قوي لوقف تدفق للاجئين زاد مؤخرا، قائلة إن قدرة الجزيرة على استقبال اللاجئين وصلت إلى نقطة الانهيار.

ووصل أكثر من 600 سوري إلى قبرص على مدى الأيام الأربعة المنقضية في قوارب صغيرة بدفعة من الطقس المعتدل.

وتستغرق الرحلة البحرية من لبنان أو سوريا إلى قبرص نحو 10 ساعات فقط.

وقال الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس في اجتماع لمجلس الوزراء “هناك أزمة خطيرة بسبب عمليات الوصول شبه اليومية تلك”.

وكشف خريستودوليدس أنّه طلب شخصياً من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين التوسّط لدى السلطات في لبنان كي توقف قوارب اللاجئين السوريين المتوجهة إلى الدولة الجزيرة الواقعة شرق البحر المتوسط.

وأوضح أنّ لبنان يستفيد من المساعدات المالية الكبيرة التي يُقدّمها الاتحاد الأوروبي لمواطنيه ولمئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين لا يزال يستضيفهم، لكن ذلك لا يأتي دون شروط.

وأضاف خريستودوليدس “لا يمكن تقديم هذه المساعدة بينما يتعين علينا التعامل مع هذه القضية”، محذرا “جمهورية قبرص ليست وحدها التي تواجه مشكلة خطيرة، بل الاتحاد الأوروبي نفسه، بالنظر إلى هذه الظواهر التي شهدناها في الأيام الأخيرة”.

ووصل نحو 2004 من المهاجرين إلى قبرص عن طريق البحر في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام مقارنة مع 78 فقط في الفترة نفسها من عام 2023، وفقا لبيانات رسمية.

وكان الرئيس القبرصي ناقش القضية مع رئيسة المفوضية الأوروبية الثلاثاء وقال إن لبنان يجب ألا “يُصدّر” مشكلته المتعلقة بالهجرة. وقال الأربعاء إنه أجرى محادثة هاتفية مع رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي تتعلق بهذه القضية.

وشهدت قبرص، بعد أن كانت وجهة غير مفضلة لمهربي البشر من قبل بسبب انعزالها عن باقي قارة أوروبا المتلاصقة، ارتفاعا في عدد الوافدين إليها من سوريا بالذات بسبب انخفاض تكلفة الوصول إليها وسهولة الوصول إلى أقارب في وجهات أخرى ولأن الجزيرة اجتذبت أعدادا متزايدة من السوريين بمرور الوقت.

واستنادا إلى مقابلات مع اللاجئين، يتلقى تجار البشر ثلاثة آلاف دولار مقابل رحلة الفرد الواحد إلى قبرص، مقارنة مع سبعة آلاف دولار إلى إيطاليا.

ويقول نشطاء إنه على الرغم من قصر المسافة بين شواطئ لبنان وقبرص لكن رحلة الهجرة محفوفة بالمخاطر، لأن القوارب عادة ما تكون محملة بأكثر من طاقتها، عدا عن أن هذه المنطقة من البحر الأبيض المتوسط لا تتواجد فيها سفن الإنقاذ التابعة للمنظمات غير الحكومية.

وقال وزير الداخلية القبرصي كونستانتينوس إيوانو “الوضع يزداد سوءا تدريجيا، وفي الأيام القليلة الماضية شهدنا تدفقا من قوارب بالية ولاجئين يعرضون حياتهم للخطر”.

وأضاف إيوانو للإذاعة الرسمية عن زيادة أعداد الوافدين “كل المؤشرات توحي بأن ذلك سيستمر”.

وأشار إلى أن الأمر يتفاقم بسبب تراجع تركيز السلطات اللبنانية على وقف الهجرة من سواحلها في الأشهر القليلة الماضية وسط تصعيد على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.

ويرى مراقبون أن تزايد أعداد المهاجرين إلى الجزيرة من لبنان يرتبط بتحسن العوامل المناخية، لكن أيضا قد يكون في علاقة بتخفيف السلطات اللبنانية لقبضتها لرغبة في الضغط على الاتحاد الأوروبي من أجل توقيع اتفاقيات شبيهة بتلك التي أبرمها مع عدد من الدول.

وقال نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، مارغاريتيس شيناس الثلاثاء إنّ الاتحاد الأوروبي يمكن أن يتوصل إلى اتفاق مع لبنان لوقف تدفق المهاجرين، إذ اشتكت قبرص من أنها تغرق بسبب زيادة عدد الوافدين من الشرق الأوسط.

وأبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقيات مع عدة دول لمساعدتها في التعامل مع أعباء الهجرة المتزايدة، ولمنع انتشارها إلى الدول الأعضاء بالتكتل في نهاية المطاف. وانتقدت جماعات حقوقية تلك الاتفاقيات بشدة.

ودأبت قبرص على مناشدة شركائها في الاتحاد الأوروبي إعلان مناطق في سوريا آمنة الأمر الذي قد يسهل عودة المواطنين الفارين إلى تلك المناطق. وقال إيوانو إن قبرص تريد أيضا أن تكون مساعدات الاتحاد الأوروبي للبنان مشروطة بوقف تدفق المهاجرين.

وقال إيوانو إن تجار البشر “يعطونهم فقط بوصلة مضبوطة على 285 درجة وطعاما ومياها ليوم واحد ثم ينطلقون”.

العرب