إصرار مغربي على دعم السياحة الداخلية وتطويرها

إصرار مغربي على دعم السياحة الداخلية وتطويرها

تحدو المسؤولين المغاربة آمال كبيرة في أن تسهم خططهم لتنمية صناعة السياحة في جعل المواطنين محركا أساسيا للقطاع على المدى المنظور، خاصة بعدما أظهرت المؤشرات أن السائح المحلي أصبح على رأس الأولويات ويتصدر الأرقام الرسمية.

الرباط- تولي الحكومة المغربية اهتماما بدعم السياحة الداخلية وتطويرها عبر السعي للرفع من نسبة مساهمة المواطنين في الإشغال الفندقي وجعل السفر متاحا للجميع مع توفير عروض ومنتجات ملائمة لعاداتهم وإمكاناتهم المادية ونمط استهلاكهم أثناء الرحلات.

وقالت وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور أمام البرلمان مؤخرا إن “السائح المغربي أصبح يحتل المرتبة الأولى قبل السائح الأجنبي وهو ما يدل على إقبال المغاربة على السياحة الداخلية”.

وأوضحت أن السياحة الداخلية سجلت خلال العام الماضي نحو 8.6 مليون ليلة مبيت بالفنادق المصنفة، وهو ما يوازي 33 في المئة من إجمالي ليالي المبيت.

وأكدت عمور أن في إطار خارطة الطريق الإستراتيجية للقطاع للفترة الممتدة بين عامي 2023 و2026، والبالغ حجمها 6.1 مليار درهم (590 مليون دولار) حظيت السياحة الداخلية بأهمية خاصة.

وتستند الخارطة على مخطط لتحفيز النقل الجوي، وإستراتيجية الترويج والتوزيع متعددة القنوات، وتأهيل وتعزيز العرض الفندقي، وتحفيز الاستثمار في التنشيط والخدمات، وتقوية الرأسمال البشري، وتعزيز مرصد السياحة.

وأشارت عمور إلى أن الخارطة تضم أيضا مجموعة من التدابير التي تعزز اتصال الوجهات السياحية المغربية فيما بينها وتكثيف الترويج وتطوير التنشيط السياحي والرفع من جودة الخدمات والتخفيف من موسمية الطلب الداخلي.

ومن التدابير الأخرى، التي تراهن عليها الحكومة تشجيع الاستثمار لتطوير وحدات فندقية وقرى سياحية تناسب خصوصيات المغاربة من حيث المنتج والأسعار.

كما سيتم إطلاق بطاقة السفر “نتلاقاو في بلادنا” التي تمنح تخفيضات عبر القطارات لتشجيع المغاربة على التنقل واكتشاف الثروات السياحية لبلادهم.

وسيترافق ذلك مع العمل على تطوير المخيمات لتقديم خدمات بجودة عالية وكلفة مناسبة بالشراكة مع رواد الاستثمار الأجانب في هذا المجال.

ومن خلال هذه الإجراءات تهدف الحكومة إلى توفير عروض لكافة الشرائح وبأسعار تفضيلية عبر تسهيل الوصول إلى الخدمات السياحية الداخلية لتحقيق العدالة الاجتماعية.

ويأتي ذلك على اعتبار أن متطلبات السائح المغربي لا تقل عن متطلبات نظيره الأجنبي، حيث بات المواطنون يبحثون عن نفس الجودة والخدمات التي يستفيد منها الزوار من الخارج.

وأشارت عمور إلى أنه تم تخصيص سلسلتين وهما السياحة الداخلية في الشاطئ والسياحة الداخلية في الأماكن الطبيعية، واللتان تهدفان إلى تطوير منتجات سياحية جديدة تناسب القدرة الشرائية للسياح المغاربة.

ويتمحور العرض الجديد حول تجربة السائح المحلي عبر التركيز على سياحة المدن والطبيعة والرحلات والشواطئ وسياحة الأعمال والصحراء والواحات والثقافة وأيضا سياحة المغامرات.

كما ستحظى مجالات أخرى مثل المطبخ المغربي والمهارات المحلية والإيواء البديل والتنمية المستدامة بالاهتمام في خارطة الطريق التي يتم تنفيذها حاليا.

وأكد رئيس المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة في المغرب رشيد ساري أن المغرب شهد اتساعا للأنشطة السياحية بشكل تدريجي بنسبة تصل إلى 85 في المئة.

وقال لـ”العرب” إن ذلك الزخم جاء “نظرا للجهود والمبادرات من بينها حملة ‘المغرب أرض الأنوار’ بهدف الارتقاء بالقطاع، والتطور الرقمي والتكنولوجي، بمنح وكالات السفر داخليا وخارجيا الفرصة لإجراء حجوزات عبر الطرق والوسائل الرقمية المختلفة”.

وأكد ساري أن خارطة الطريق السياحية الهادفة إلى الوصول إلى 17.5 مليون سائح بحلول 2026، ستسهم في زيادة العائدات إلى أكثر من 12 مليار دولار، وتساعد كذلك على توفير المزيد من فرص العمل بحدود 120 ألف وظيفة مباشرة و80 ألف وظيفة غير مباشرة.

وحسب البيانات الرسمية، فإن القطاع حقق إيرادات بلغت 100 مليار درهم (9.7 مليار دولار)، في معدل قياسي يعكس ازدهار السياحة رغم الزلزال الذي ضرب البلد في سبتمبر الماضي.

ويسعى المغرب إلى استقطاب مجموعة من المستثمرين الأجانب، لتوفير فرص عمل في مجالات أساسية منها السياحة والصناعات التقليدية وقطاعات أخرى خدمية، وذلك بهدف تقليص معدلات البطالة إلى ما دون العشرة في المئة.

وباعتبار قطاع الصناعة التقليدية محركا لتثمين التراث المغربي وتعزيز الجاذبية الاقتصادية، لكونه مكونا أساسيا في تغذية العروض السياحية، أولت الحكومة عناية خاصة به كونه يشغل أكثر من 2.5 مليون شخص.

وأكدت الحكومة أنه تم العمل على إعادة تنظيم هذا المجال من خلال تفعيل قانون تنظيم الحرف الذي انتظره أهل المهنة منذ سنوات، وذلك باستصدار النصوص التنظيمية المتعلقة بمزاولة أنشطة الصناعة التقليدية.

كما تم إطلاق السجل الوطني للصناعة التقليدية، وكذلك منصة رقمية خاصة به لتمكين العاملين فيه من الاستفادة من كافة العروض والخدمات والمساعدات التي تقدمها الدولة.

33 في المئة نسبة ليالي مبيت الزوار المحليين من إجمالي إشغال الفنادق المغربية في عام 2023

وعملت السلطات أيضا على تسريع برامج إعادة تأهيل البنية التحتية القائمة وتطوير مشاريع أخرى تتمثل في أماكن للعرض والبيع وقرى ومركبات ومناطق أنشطة ودور للتصنيع في الأرياف، حيث تظهر الأرقام أن 64 مشروعا في طور الإنجاز.

وإضافة إلى ذلك، إعداد مقاربة جديدة لتأهيل فروع الصناعة التقليدية، ترتكز على تطوير شامل للمنتجات المحلية، عبر توفير المواد الأولية والإنتاج ثم التسويق.

وستمكن هذه المقاربة من توفير مراكز الامتياز وحاضنات إحداث الشركات لتحسين جودة المنتوجات وتعزيز آليات تسويقها.

ولمواكبة المهنيين، أشار رئيس الحكومة عزيز أخنوش مؤخرا إلى أن الحكومة أطلقت حملة ترويجية كبرى لتسويق المنتجات المحلية في العديد من المدن بالمراكز التجارية الكبرى. وبالموازاة مع ذلك تم تفعيل عدد من الاتفاقات المتعلقة بالتسويق الإلكتروني.

العرب