أكراد العراق ينتظرون حصتهم من نتائج زيارة رئيس الحكومة الاتحادية إلى واشنطن

أكراد العراق ينتظرون حصتهم من نتائج زيارة رئيس الحكومة الاتحادية إلى واشنطن

زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى الولايات المتّحدة، تمثّل في نظر سلطات إقليم كردستان العراق فرصة لتذكير واشنطن بالتزاماتها تجاه الإقليم الذي وقفت وراء تأسيس تجربته في الحكم الذاتي وتتحمّل مسؤولية أخلاقية تجاه دعم تلك التجربة وحمايتها من خطر الانهيار بعد أن باتت عرضة لضغوط متزايدة من قبل إيران وحلفائها النافذين في الدولة الاتّحادية العراقية.

أربيل (العراق) – تُعدّ سلطات إقليم كردستان العراق بقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني من أكثر الأطراف العراقية تفاؤلا بنتائج الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الاتّحادية محمد شياع السوداني إلى الولايات المتحدة الأميركية، لعلمها أن ملف العلاقة بين بغداد وأربيل حضر ضمن محادثات السوداني مع الرئيس الأميركي جو بايدن وأركان إدارته، وذلك من منطلق الحرص الأميركي المفترض على تماسك الإقليم وحماية تجربته في الحكم الذاتي والتي كانت واشنطن قد وقفت وراء إنشائها.

وقال وائل الركابي عضو الوفد المرافق لرئيس الوزراء العراقي إلى واشنطن إن الجانب الأميركي طرح خلال المباحثات التي شهدتها الزيارة قضية “العلاقة بين المركز وإقليم كردستان وأهمية الحوار لتعزيزها”.

وتأمل قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني التي ينتمي أبرزها لأسرة بارزاني أن تلعب الإدارة الأميركية دورا مباشرا في تخفيف الضغوط السياسية والأمنية والاقتصادية على الإقليم الذي أصبح في السنوات الأخيرة عرضة لتلك الضغوط التي تمارسها إيران وحلفاؤها المشاركون بقوة في حكم العراق، والتي اتّخذت طابعا أمنيا وعسكريا من خلال ضربات صاروخية وهجمات بطائرات دون طيار على مواقع في الإقليم نفذ بعضها الحرس الثوري الإيراني واضطلعت الميليشيات الشيعية العراقية الموالية لطهران بتنفيذ البعض الآخر.

كما اتّخذت تلك الضغوط طابعا سياسيا وماليا تجلّى في تشدّد أحزاب وفصائل شيعية مشاركة في حكومة السوداني في موضوع تمكين إقليم كردستان من حصته في موازنة الدولة الاتّحادية ورفضها في كثير من الأحيان تمكين سلطاته من الأموال الكافية لدفع رواتب موظّفيه على أساس أنّ تلك السلطات تحصل على موارد من المنافذ الحدودية ومن تصدير النفط المستخرج من الإقليم قبل أن يتوقّف التصدير عبر خط الأنابيب الواصل بين كركوك وميناء جيهان التركي.

وترى سلطات إقليم كردستان العراق أن الدعم السياسي الأميركي لها بات تحصيل حاصل، وقد تجلّى من خلال تصريحات كبار المسؤولين في إدارة بايدن أثناء الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني إلى الولايات المتّحدة.

لكن ما باتت تلك السلطات تتطلّع إليه هو أن تمارس الإدارة الأميركية ضغوطا حقيقية على الحكومة العراقية للجم حلفاء إيران المشاركين في تلك الحكومة وكف ضغوطهم على الإقليم، وأن تقدّم واشنطن دعما ملموسا لحماية أمن كردستان العراق واستقراره من تحرش الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية به.

كما تأمل حكومة الإقليم أن تسفر زيارة السوداني إلى واشنطن عن حلّ عملي لقضية تصدير النفط عبر خط كركوك – جيهان والمتوقّف بسبب دعوى قضائية أقامتها في وقت سابق الحكومة العراقية ضد السلطات التركية لمشاركتها في تصدير نفط إقليم كردستان خارج الأطر القانونية للدولة العراقية.

وكانت الولايات المتحدة قد عبّرت على لسان سفيرتها لدى العراق ألينا رومانوسكي عن اهتمامها بهذا الملف حيث قالت السفيرة “إن الاستفادة من نفط وغاز إقليم كردستان سيساعد العراق على الاستقلال في مجال الطاقة”.

وأوضحت السفيرة أنّها ناقشت في إطار التحضيرات لزيارة السوداني إلى الولايات المتحدة مع وزير النفط العراقي حيان عبدالغني استقلالية العراق في مجال الطاقة بما يعود بالنفع على العراقيين.

لكنّ مجرّد استئناف التصدير عبر خط الأنابيب المذكور لا يمثّل وحده الحل المطلوب من قبل حكومة كردستان العراق، إذ تأمل تلك الحكومة في تدخل أميركي لدى حكومة السوداني كي لا تضع السلطات الاتّحادية يدها بالكامل على عملية التصدير والموارد المالية المتأتية منها الأمر الذي سيلغي دور الإقليم ويمنع وصوله إلى حصة مباشرة في تلك الموارد.

وعلى صعيد أمني وعسكري تطالب جهات كردية عراقية صراحة بأن يشمل أي دعم لوجستي وتقني يمكن أن تقدمه واشنطن للقوات العراقية، قوات البيشمركة الكردية، كما تطالب بتوفير منظومة دفاع جوي لحماية الإقليم من هجمات الصواريخ والمسيّرات.

وقال بختيار محمد، الأمين العام لوزارة البيشمركة إن أي دعم وتسليح للقطاع الأمني في العراق يشمل قوات البيشمركة أيضا.

قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني تأمل أن تلعب الإدارة الأميركية دورا مباشرا في تخفيف الضغوط السياسية والأمنية والاقتصادية على الإقليم

وجاء ذلك تعقيبا على المباحثات التي أجراها رئيس الوزراء العراقي خلال زيارته واشنطن مع وفد شركة جنرال داينامكس الأميركية بشأن تطوير المؤسسة العسكرية العراقية ودعمها بمختلف أنواع الأسلحة الحديثة، بما في ذلك تطوير الدبابات التي بحوزة الجيش العراقي لجعلها ملائمة للعمل في ميادين العراق بكل خصوصياتها الطبيعية والمناخية.

وعبّر بختيار في حديث لشبكة رووداو الإعلامية المحلّية عن تفاؤله بزيارة وفد الحكومة العراقية برئاسة السوداني إلى الولايات المتحدة، قائلا إنّ المناقشات التي جرت في واشنطن حول القوات العراقية شملت قوات البيشمركة “لأنها جزء من المنظومة العسكرية والأمنية في العراق”.

وتتجاوز مطالب سلطات كردستان العراق من واشنطن مجرّد شمول البيشمركة بالدعم، إلى مساهمة أميركية فعلية في حماية مجال الإقليم من هجمات إيران وحلفائها عبر تنفيذ وعود سابقة من البنتاغون بتزويد القوات العراقية بما في ذلك البيشمركة الكردية بمنظومات دفاع جوي.

وكانت ميزانية الدفاع التي أقرت في الولايات المتّحدة خلال شهر ديسمبر الماضي قد تضمنت بندا يخص تزويد العراق وإقليم كرستان بمنظومات دفاع جوي للتصدي للهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ وقيام القوات الأميركية بتدريب البيشمركة والقوات العراقية على استخدام هذه المنظومات.

لكنّ جهات مهتمة بسياسة الولايات المتّحدة في الشرق الأوسط تحذّر من إفراط أكراد العراق في التعويل على واشنطن لحماية إقليمهم ودعمه في مواجهة الضغوط التي يتعرّض لها، وذلك بالاستناد إلى ما أبدته الإدارة الأميركية الحالية من نكوص وتخاذل في دعم حلفائها بالمنطقة.

ويرى هؤلاء أنّ أول أسس صمود إقليم كردستان العراق في وجه الضغوط يتمثّل في الحفاظ على وحدته وتماسكه الداخلي وهو أمر غير متوفّر إلى حدّ الآن نظرا لما وصلت إليه الصراعات بين الحزبين الكبيرين القائدين للإقليم، الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة أفراد أسرة بارزاني، وحزب الاتّحاد الوطني الكردستاني بقيادة ورثة الرئيس العراقي الأسبق جلال طالباني، من حدّة أثرّت حتى على الجانب الأمني من خلال انقسام جيش الإقليم وشرطته (البيشمركة والأسايش) بين الحزبين، فضلا عن انخراطهما في سياسة المحاور بانحياز حزب الاتّحاد لحلفاء إيران في العراق، في مقابل تحوّل الحزب الديمقراطي إلى حليف لتركيا وداعم لنفوذها في الإقليم والعراق عموما.

وإلى حدّ الآن أبدت إدارة بايدن دعما سياسيا واضحا لسلطات إقليم كردستان الذي تنتظر قيادته ترجمته إلى أفعال وإجراءات على الأرض.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إثر لقاء جمعه مؤخرا برئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني أثناء زيارة الأخير لواشنطن إنّ الولايات المتحدة ماتزال تدعم إقليم كردستان الصامد باعتباره حجر الزاوية في علاقتها مع العراق، بينما أكّد بيان صادر عن البيت الأبيض بمناسبة الزيارة استمرار الولايات المتحدة في دعم الإقليم اقتصاديا ومساعدته على حفظ أمنه واستقراره.

العرب