البرلمان العراقي ينتخب رئيسه وسط تباين المواقف السنية والشيعية

البرلمان العراقي ينتخب رئيسه وسط تباين المواقف السنية والشيعية

بغداد – تتباين مواقف الأحزاب السنية وكذلك الشيعية والكردية العراقية في دعم أي من المرشحين المتنافسين على رئاسة البرلمان خلفا للرئيس السابق محمد الحلبوسي الذي أقيل من منصبه منذ نحو نصف عام على خلفية قرار قضائي لتورطه بقضايا فساد مالي أواخر العام الماضي.

ويتنافس على المنصب، خلال جلسة الانتخاب التي افتتح رئيس المجلس بالانابة محسن المندلاوي أعمالها، بعد اكتمال النصاب القانوني لها بحضور 183 نائبا من مختلف الكتل البرلمانية ظهر السبت، النائب محمود المشهداني والنائب سالم العيساوي.

والمرشح محمود المشهداني من مواليد عام 1948 في بغداد وحاصل على شهادة البكالوريوس من كلية الطب وتخرج برتبة ملازم أول طبيب عام 1972، وعمل بالسلك الطبي للجيش العراقي.

واعتقل المشهداني مرتين خلال حقبة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لميوله الفكرية الدينية، كما تم اعتقاله من قبل القوات الأميركية عام 2004، وبرز دوره بعد عام 2003 فهو أول رئيس للبرلمان العراقي عام 2006 بعد أول انتخابات تشريعية في البلاد بعد العام .2003

وتعهد النائب محمود المشهداني، في بيان صحافي، أنه سيعمل على الثبات على المنهج الوطني بالتعاون مع السلطتين القضائية التنفيذية وقنوات الصحافة والاعلام والنشطاء وفعاليات المجتمع العراقي من أحزاب سياسية وتجمعات اجتماعية ومنظمات مجتمع مدني وعشائر عراقية.

وقال إن “مصلحة الدولة العراقية هي المعيار الأساسي الذي سأعمل بموجبه، حفاظا على الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والسلم المجتمعي، وهذا لا نقاش فيه ولا تنازل عنه، وسيكون محور عمل وأساسه ومنطلقه ومنتهاه”.

أما المرشح الثاني هو سالم العيساوي فهو سياسي عراقي من مواليد عام 1972 حاصل على شهادة البكالوريوس في القانون 2014 وهو عضو سابق في مجلس محافظة الانبار 2014-2010 كما انتخب عضوا في البرلمان العراقي للأعوام من 2018-2014 كما أعيد انتخابه في البرلمان الحالي عام .2021

وتعهد العيساوي، في بيان صحافي، أنه “سيعمل على وحدة العراق أرضا وشعبا وعدم التساهل بأية مشاريع تهدد كيان الدولة العراقية تحت أي نوع من الذرائع والتأكيد على مكانة البرلمان ودعم الاستقرار السياسي والأمني ومساندة متطلبات المرحلة الحالية والتركيز على البناء والإعمار والتنمية.

وحشدت قوى الإطار التنسيقي الشيعية صاحبة الأغلبية في البرلمان العراقي نوابها لحضور جلسة انتخاب رئيس جديد للبرلمان لإنهاء هذا الملف.

ويمتلك تحالف “الإطار التنسيقي” الأغلبية من مقاعد البرلمان، (نحو 140 مقعداً) من أصل 329 مقعداً، وهو ما يجعل قراره حاسما في تمرير أي من المرشحين، إذ إن الدستور يشترط حصول المرشح على أكثر من نصف أصوات أعضاء البرلمان.

وقال النائب عن كتلة صادقون علي تركي، اليوم السبت، لموقع “المعلومة إن “قوى الإطار التنسيقي وجهت كتلها السياسية إلى الزام الحضور في جلسة السبت لانتخاب رئيس مجلس النواب”، مبينا أنها “عازمة على انهاء هذا الملف الذي طال انتظاره بسبب الخلافات”.

ورجح أن “يتم حسم اختيار رئيس جديد للبرلمان خلال جولة ثانية وذلك لتقارب الأصوات بين العيساوي والمشهداني”.

وأضاف أن “حراكا لبعض النواب خاصة نواب القوى السنية داخل مجلس النواب لدعم أحد المرشحيّن، الا ان هذا الحرك سوف لن يغير من قناعة النائب أو الكتلة”، مشيرا إلى أنه “توجد كتلة كاملة ستصوت لاحد المرشحين للمنصب”.

وكشف النائب عن ائتلاف دولة القانون فراس المسلماوي في تصريح إعلامي، عن أن نواب كتلة الديمقراطي الكردستاني سينتخبون بجلسة اليوم السبت محمود المشهداني رئيساً للبرلمان.

وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون فراس المسلماوي، إن “أغلب قوى الإطار التنسيقي ستنتخب محمود المشهداني وكذلك حزب تقدم باعتباره أكبر كتلة سنية، بالإضافة إلى كتلة الصدارة، لافتا إلى أن لديهم “معلومات تؤكد أن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني ستنتخب المشهداني أيضاً”.

وفي المقابل، أفاد موقع وكالة “شفق نيوز” نقلا عن مصدر نيابي اليوم السبت بأن هناك تأييدا داخل الإطار التنسيقي لانتخاب سالم العيساوي، ولفت إلى أن 180 نائبا أغلبهم من الإطار التنسيقي يؤيدون حصول العيساوي على المنصب من أجل كسر زعامة الحلبوسي في محافظة الأنبار.

وبحسب المصدر، فإن من يدعم المشهداني ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وتقدم بزعامة محمد الحلبوسي والصدارة المنشقة عن تحالفيْ السيادة والعزم بشكل مفاجئ، موضحا أن أعدادهم وبعض النواب لا يتجاوز 140 نائباً. لافتا إلى أن التوقعات داخل المجلس تشير حاليا إلى تأجيل انتخاب رئيس مجلس النواب إلى المساء لحسم الموضوع.

وبدوره، أشار القيادي في منظمة بدر، وهي إحدى كتل التحالف الحاكم “الإطار التنسيقي”، أبوميثاق المساري، إلى أن “اغلبية النواب من الكتل السياسية (الشيعية، السنية، الكردية) داعمة لتولي العيساوي رئاسة البرلمان خلال المرحلة المقبلة، وحظوظه ما زالت الأعلى رغم إعلان دعم المشهداني من قبل حزب تقدم”، بحسب تصريح أدلى به للصحافيين الخميس.

وتظهر من التصريحات حالة الانقسام داخل قوى “الإطار التنسيقي”، حيال شخصية رئيس البرلمان المقبل، وليس داخل القوى السياسية السنية، التي جرى العرف السياسي أن يكون المنصب من حصتها.

وتدعم كل من قوى “تقدم”، و”الصدارة” وائتلاف دولة القانون المشهداني، فيما تقف كل من “العزم” و”الحسم” و”السيادة” خلف دعم سالم العيساوي، مع انقسام واضح داخل قوى الإطار التنسيقي، وهو ما يدعو إلى إبقاء جلسة السبت مفتوحة أمام كل الاحتمالات، حيال أي من المرشحين سيفوز أو سيتم رفع الجلسة دون التوصل إلى انتخاب رئيس جديد للبرلمان.

ويعتبر سباق الزعامة في مجلس النواب العراقي محطة حاسمة تشهد تصارعا سياسياً معقداً بين الأطراف المختلفة. ويظهر دعم الحلبوسي لمرشح من خارج محافظة الأنبار كخطوة استراتيجية لإقصاء أي زعامة جديدة تهدد ما يثير الكثير من التساؤلات حول الأهداف المصلحية لا الوطنية.

ويبدو أن دعم الحلبوسي لمرشح من خارج محافظة الأنبار يأتي في سياق خدمة مصالحه الشخصية ومصالح حزبه بدلا من اعتبارات أخرى، وفق اتهامات شخصيات سنية له.

وقال القيادي في تحالف الأنبار الموحد، محمد دحام إن “الحلبوسي قام بدعم محمود المشهداني من أجل خدمة مصالحه ومصالح حزبه، وليس لكونه أفضل من العيساوي”.

وأضاف أن دعم الحلبوسي لشخصية من خارج الانبار، للإبقاء على موقعه كزعيم في المحافظة”.

وبذلك فان الحلبوسي يخاف من شخصية منافسة له في الانبار، ويتجسد ذلك في العيساوي الذي يعتبر المنافس الحقيقي للحلبوسي ولهذا يخاف منه.

ويظهر هذا الدعم من الحلبوسي كخطوة استراتيجية لتعزيز مكانته وسط المشهد السياسي ومنع اي زعامة سنية منافسة من الصعود.

ويبدو أن دعم الحلبوسي لمرشح من خارج الأنبار يهدف إلى الحفاظ على صورته كزعيم في المحافظة، حيث يبحث عن تعزيز قاعدته السياسية والشعبية في الوسط السني بالعراق.

وتظهر مخاوف الحلبوسي من الشخصيات المنافسة له داخل محافظة الأنبار، مثل العيساوي، الذي يعتبره منافساً حقيقياً له. يظهر هذا السلوك تصميمه على تقليل فرص منافسيه المحليين لضمان بقائه في الزعامة.

ويعكس دعم الحلبوسي لمرشح خارج محافظة الأنبار استراتيجية سياسية متقنة، تعكس توجهه نحو تعزيز مكانته السياسية والزعامية في العراق.

العرب