لا يحمل مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على الاعتقاد بأن تغييرا يمكن أن يحدث في توجهات البلاد بسبب سيطرة الحرس الثوري على القرار، في وقت وضع فيه العالم مشاكله مع طهران المزعجة جانبا وشاركها صدمتها وحزنها.
ولا تتأثر إيران بمقتل رئيسها المنتخب ليس لأنها دولة مؤسسات أو حتى لأن الحل والربط بيد المرشد الأعلى علي خامنئي، بل لأنها دولة المؤسسة الواحدة؛ وهي مؤسسة الحرس الثوري الذي يتحكم في كل التفاصيل.
ويستبعد مراقبون أن يفضي الفراغ الدستوري بمقتل رئيسي إلى تأجيل أو إبطاء أو إرباك أجندات إيران الإقليمية، مشيرين إلى أن الرئيس في منظومة الحكم الإيرانية لا يقدم ولا يؤخر، ويتم انتخابه لتنفيذ الأجندات التي يسطرها الحرس الثوري وليس لوضع سياسات أو اقتراح تعديلات في توجهات البلاد إقليميا أو دوليا.
إيران لا تتأثر بمقتل الرئيس ليس لأنها دولة مؤسسات أو لأن الحل والربط بيد المرشد بل لأنها دولة المؤسسة الواحدة
وسعى المرشد الأعلى إلى طمأنة الإيرانيين قائلا “لا ينبغي للشعب الإيراني أن يقلق، فلن يكون هناك أيّ خلل في عمل البلاد”؛ وهي رسالة واضحة تشير إلى أن الرئيس حتى وإن كان منتخبا يظل مجرد رقم في منظومة أكثر تعقيدا وتماسكا.
ويمكن أن تشهد الفترة الفاصلة بين مقتل رئيسي وانتخاب خلف له تصعيدا أكبر في مناطق التأثير الإقليمي لإيران، في رسالة الغاية منها إبلاغ الإقليم والعالم بأن الرئيس ليس سوى واجهة، وأن الحكم الفعلي بيد الدولة العميقة للحرس الثوري الذي يسيطر على كل مناحي الحياة من قضاء واقتصاد وشبكات مالية وإعلامية ودعائية وصولا إلى النفوذ السياسي والأمني والعسكري.
وقد يلجأ الحرس الثوري في المرحلة القادمة إلى تنفيذ حملات قوية في الداخل قد تشمل إيقاف نشطاء دأبوا على انتقاد سياسات الحكومة أو استهداف ممثلين للأقليات بالاغتيال أو الاعتقال، في خطوة لإظهار أن إيران متماسكة وقوية في حضور الرئيس أو في غيابه.
وخارجيا قد يوعز الحرس إلى أذرعه في المنطقة، وخاصة حزب الله وأنصارالله، بزيادة الهجمات على إسرائيل وضد السفن العابرة للبحر الأحمر من دون تجاوز الخطوط الحمراء التي تخترق قواعد الاشتباك التي حددها الحرس لكل أذرعه في المنطقة.
وتوقع جيسون برودسكي، الخبير في معهد الشرق الأوسط، أن يبقى “الوضع الراهن على حاله” حول هذه النقطة. وصرح لبي بي سي بأن “الحرس الثوري يخضع للمرشد الأعلى ويقوم باتصالات مع حزب الله والحوثيين وحماس والميليشيات الأخرى في المنطقة. وسيظل أسلوب العمل والإستراتيجية الكبرى للجمهورية الإسلامية على حالهما”.
pp
والأطراف الإقليمية أو الدولية ذات التأثير في المنطقة ليس لديها شك في أن إيران لن تتغير لمجرد مقتل رئيسي، ومع ذلك فقد تجاوز العالم مآخذه على سياسات طهران، وأعلن عن تعاطفه مع الإيرانيين.
وأعربت دول خليجية عن تعازيها بوفاة الرئيس الإيراني ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان ومسؤولين آخرين في حادث تحطّم مروحية بشمال غرب البلاد الأحد. ومن بين ركاب الطائرة الذين لقوا حتفهم “ممثل الولي الفقيه وإمام جمعة تبريز آية الله سيد محمد علي آل هاشم وحاكم أذربيجان الشرقية مالك رحمتي”.
وقدّم رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان “خالص العزاء وعميق المواساة للجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادة وشعبًا”، مؤكدا “تضامن الإمارات مع إيران في هذه الظروف الصعبة”.
ونعى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بـ”بالغ التعازي وصادق المواساة” رئيسي الذي شهدت فترة حكمه عودة العلاقات مع المملكة بعد قطيعة دامت أكثر من سبع سنوات.
وعبّر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن “صادق التعازي” للجمهورية الإسلامية “حكومة وشعبًا”.
ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئيس الإيراني الراحل بأنه “صديق حقيقي لروسيا”. وذكّر الكرملين بأن بوتين أجرى اتصالا هاتفيا مع محمد مخبر، النائب الأول للرئيس الذي كلفه خامنئي بتولي الرئاسة مؤقتا، أكدا خلاله “عزمهما المشترك على تعزيز التواصل الروسي – الإيراني”.
وأعلنت روسيا إرسال فريق من نحو خمسين خبيرًا في عمليّات الإنقاذ ومركبات صالحة لمختلف أنواع التضاريس بالإضافة إلى مروحيّة.
واعتبر الرئيس الصيني شي جينبينغ الاثنين أن وفاة رئيسي تشكّل “خسارة كبيرة للشعب الإيراني”. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين في مؤتمر صحفي إن شي جينبينغ اعتبر أن “وفاته المأساوية هي خسارة كبيرة للشعب الإيراني، وأن الشعب الصيني فقد صديقا جيدا”.
p)p
وأعرب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في منشور على منصة إكس عن “حزن عميق وصدمة”، وقال إنه يقدم “تعازيه الصادقة للشعب الإيراني”.
وكتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على منصة إكس “أدعو الله أن يتغمد برحمته نظيري وأخي العزيز” إبراهيم رئيسي.
وأعرب عن “تعازيه الصادقة للشعب الإيراني والحكومة والأصدقاء والأشقاء، خصوصا للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية (آية الله) علي خامنئي”، قائلا “إننا نقف بجانب جارتنا إيران”.
وأعلنت باكستان يوم حداد وطني على وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
وكتب رئيس الوزراء شهباز شريف عبر منصة إكس “باكستان ستكون في يوم حداد وسيتمّ تنكيس الأعلام” بعد وفاة رئيس إيران “الشقيقة”، مؤكداً أن الجمهورية الإسلامية “ستتجاوز هذه المأساة بشجاعتها المعهودة”.
وأعرب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال عن تعازي الاتحاد “الصادقة” بوفاة الرئيس الإيراني. وكتب ميشال على منصة إكس “يعرب الاتحاد الأوروبي عن تعازيه الصادقة بوفاة رئيسي وعبداللهيان والأعضاء الآخرين في وفدهم والطاقم في حادث مروحية”.