واشنطن تسعى لتحييد نفط إقليم كردستان العراق عن القبضة الصينية

واشنطن تسعى لتحييد نفط إقليم كردستان العراق عن القبضة الصينية

بغداد – في الوقت الذي تفتح فيه الحكومة العراقية الباب واسعا أمام الشركات الصينية لبسط هيمنتها على صناعة النفط والغاز في العراق، تتحرك الولايات المتحدة لتحييد نفط إقليم كردستان وضمان استمرار تدفقه، وبالتالي الحفاظ على مصالح الشركات الأميركية التي فقدت حظوتها في الحقول التي تسيطر عليها الحكومة العراقية.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها على اتصال دائم مع المسؤولين في بغداد وأنقرة وأربيل والشركات الأميركية المتضررة من عملية التوقف لاستئناف تصدير نفط إقليم كردستان العراق عبر خط أنابيب ميناء جيهان التركي.

وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل، في مؤتمر صحفي عقده في واشنطن، إن “تطوير طرق مختلفة لإيصال الطاقة العراقية إلى الأسواق العالمية يصب في مصلحة العراق والولايات المتحدة”. وجاءت تصريحات باتيل بالتزامن مع زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون موارد الطاقة جيفري بايت إلى أربيل، وحثه على زيادة الإنتاج في الإقليم.

وفيما يأتي تحرك بايت ضمن سياق دعم فرص الشركات الأميركية، يسعى الإقليم للحصول على دعم واشنطن في مواجهة ضغوط بغداد ورغبتها في السيطرة على النفط في كردستان العراق.

ويمثل الإبطاء في تصدير نفط الإقليم خسارة للشركات الأميركية التي فقدت حظوتها في بقية مناطق العراق لصالح الصين وروسيا. وقبل أيام منح العراق مجموعة تشونغمان الصينية للبترول والغاز الطبيعي استثمار تطوير حقل “شرقي بغداد – الامتدادات الشمالية”.

وفازت مجموعة يونايتد إنرجي الصينية باستثمار حقل الفاو في البصرة بجنوب البلاد. كما فازت شركة جيو جيد الصينية بتطوير حقل زرباطية للنفط والغاز في محافظة واسط بشرق البلاد. وشهدت الأيام التالية فوز تشونغمان بحقول الفرات الأوسط (الكفل وغرب الكفل ومرجان) النفطية والغازية. وفازت شركة تشنهوا الصينية باستثمار حقل أبوخيمة ضمن محافظة المثنى.

وأعلِن عن فوز شركة جيو جيد باستثمار رقعة جبل سنام النفطية التي تقع ضمن محافظة البصرة على الحدود العراقية – الكويتية. أما شركة سينوبك الصينية فقد فازت باستثمار تطوير الرقعة 7.

وكانت شركة سينوبك هي التي فازت باستثمار تطوير حقل سومر في محافظة المثنى، وشركة أنتون أويل الصينية هي الفائزة بتطوير حقل الظفرية. ومُنح عدد قليل من الامتيازات للشركات العراقية ما جعل هذا نجاحا شبه كامل لبكين.

وهذا بالضبط ما حاولت الصين تحقيقه منذ انطلاق مناورتها لملء الفراغ الذي خلفه تقليص الولايات المتحدة وجودَها في الشرق الأوسط بعد انسحابها في 8 مايو 2018 من جانب واحد من خطة العمل الشاملة المشتركة المُبرمة مع إيران.

ويُذكر أن السبب الأول الذي يجعل العراق مهما للصين هو امتلاكه (إلى جانب إيران) أحد أكبر احتياطيات النفط والغاز العالمية التي لا تزال غير مطورة نسبيا. ويرى الكاتب سايمون واتكينز في تقرير له على موقع أويل برايس الأميركي أن العراق يمثل بالنسبة إلى الصين محطة ضخمة لتعبئة النفط والغاز تدعمها في تعزيز نموها الاقتصادي.

ويمكن لبكين تحقيق ذلك بإجراء تخفيض كبير في أسعار السوق العالمية للنفط والغاز، بفضل شروط اتفاقية “النفط مقابل إعادة الإعمار والاستثمار” لسنة 2019 التي تسمح للشركات الصينية بالاستثمار في مشاريع البنية التحتية في العراق مقابل النفط، قبل توسيعها وتعميقها لاحقا في الاتفاقية الإطارية الشاملة بين العراق والصين المبرمة سنة 2021. وتضمن جزء من هذه الصفقات منح الصين تخفيضا بنسبة تتراوح بين 10 و30 في المئة (حسب الحقل)، لمدة خمس سنوات على الأقل، في قيمة النفط والغاز اللذين تستخرجهما من العراق.

وكان توسيع عقود النفط والغاز الأصلية إلى شبكة لدعم مشاريع البنية التحتية محوريا لجميع استثمارات النفط والغاز الصينية في العراق؛ فبعد فترة قصيرة من اتفاقية “النفط مقابل إعادة الإعمار والاستثمار” لسنة 2019، وافقت بغداد على العديد من صفقات البنية التحتية الجديدة التي يحتمل أن تكون بعيدة المدى والتي وضعت الصين في قلب العراق.

ومن بين هذه المشاريع بناء مطار مدني يعوّض القاعدة العسكرية في عاصمة محافظة ذي قار الجنوبية الغنية بالنفط. ويوجد في منطقة ذي قار اثنان من أكبر حقول النفط العراقية المحتملة (الغراف والناصرية). والجدير بالذكر أن تطورات النفط والغاز في بلد أجنبي تسمح قانونا للشركات التي تضخ الاستثمارات بحمايتها بأي وسيلة تراها ضرورية، بما في ذلك نشر العشرات أو المئات أو الآلاف من رجال الأمن المسلحين حول المواقع.

العرب