يتوقّع جون أندروس، المحلل في مجلّة الإكونوميست، أن تكون سنة 2016، سنة صراعات تمتد من آسيا إلى الأميركتين. سيكون هناك عدد قليل من حالات وقف إطلاق النار للسماح بالتدخل الإنساني في مناطق المعارك. وبدلا من ذلك سيسحق العنف أعدادا كبيرة من الناس في سوريا والعراق وأفريقيا، وستهدد عصابات تهريب المخدرات المجرمة استقرار أميركا اللاتينية، وقد تتحول الصراعات المجمدة من شبه الجزيرة الكورية إلى القوقاز إلى حروب متجددة.
ومن الأخبار، التي يذكرها أندروس في قراءة الإكونومسيت لأحداث 2016، هو أن سنة 2016 ستؤكد أن التوجه التقليدي في الحروب أصبح معكوسا. وبدل محاربة بعضها البعض، تخوض الدول حروبا دينية أو أيديولوجية أو إثنية مع مجموعات متمردة، أو تساعد دولا حليفة تحارب متمرّدين، أو تتمزق في حروب أهلية يصعب حلها.
وبعد أكثر من خمس سنوات من الربيع العربي، سيكون جزء كبير من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في سنة 2016 ساحة معركة بالنسبة إلى المتطرفين الإسلاميين، بغض النظر عن أي تدخل للقوى الغربية المترددة إلى حد الآن. ولن يتم هزم الدولة الإسلامية وكذلك الشأن بالنسبة إلى بوكو حرام في نيجيريا. وفي المناطق الأخرى، ستبقى أفغانستان تبحث عن السلم والاستقرار، أما ميانمار وتايلاندا والفلبين فستستمر في مواجهة حركات تمرد عصابات عنيدة.
ويختم أندروس توقعاته مشيرا إلى أنه في السنة المقبلة سيهتم الكثير مجددا بحكمة ماو تسي تونغ القائلة إن “السلطة السياسية تنبثق من فوهة البندقية”.
|
ولم تختلف قراءة الدبلوماسية الأميركية هيذر هورلبرت، عن هذا السياق، حيث تختصر وصفها لسنة 2016 قائلة إنها ستكون “سنة حرف “T“، في إشارة إلى الحرف الذي تبدأ به كلمة إرهاب باللغة الإنكليزية، ولكن أيضا لأن ثلاث ديمقراطيات ناشئة سوف تشهد جملة من التحديات الداخلية والإقليمية الصعبة في عام 2016، وهي: تايوان، تونس، وتركيا.
وبينما يتوقع هشام النجار، المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، في تصريحات لـ “العرب” أن تبذل تركيا في 2016 مجهودا أكبر لتجاوز مأزق سوريا بعد التدخل الروسي المباشر والخسائر التي منيت بها على مستوى التحالف مع التنظيمات المسلحة.
وبالنسبة لروسيا، فيتوقّع ستراتفور أن تخاطر روسيا بمهمة الزحف على الأرض، كما أنها تريد زيادة مشاركتها في ساحة المعركة السورية. وسوف تحاول روسيا دفع الولايات المتحدة نحو تسوية من شأنها أن تبطئ الحملة الغربية إلى الفضاء السوفييتي السابق.
ويتوقّع خبراء كثر، من بينهم، يوانيس كوسكيناس، الباحث في مؤسسة نيو أميركا، متقاعد من سلاح الجو الأميركي، أن بوتين سيهزم أوباما قبل أن يغادر هذا الأخير البيت الأبيض، وسوف يسقط بوتين إنجازات أوباما في سياسته الخارجية، وبطريقة أو بأخرى سوف يساعد بوتين في عرقلة الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران.
ومع ذلك، ستكون واشنطن مستعدة للتفاوض على القضايا التكتيكية، ولكنها سوف تحرم موسكو من كسب النفوذ الذي تسعى من خلاله إلى ربط التعاون لمكافحة الإرهاب بمناقشة قضايا استراتيجية أوسع نطاقا، وستعمل على دعم حلفائها الأوروبيين في الخطوط الأمامية مع روسيا.
وتشهد الولايات المتحدة سنة 2016 انتخابات حاسمة. على الرغم من أن الإنتخابات الرئاسية الأميركية سوف تبدأ أواخر العام 2016، إلا أن التحضيرات لها كانت قد بدأت في أغسطس هذا العام وستبقى مستمرة حتى موعد الإاقتراع في شهر نوفمبر 2016.
وتشير الدلائل إلى أن هيلاري كلينتون هي المرشحة الأقوى حتى اللحظة، بالرغم من الانتقادات التي وجهت لها. وتتميز هذه الانتخابات بكثرة عدد المترشحين من الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، الذين يتنافسون على دخول البيت الأبيض.
ويبلغ عدد الجمهوريين المرشحين عن قائمة الحزب 4 أعضاء في مجلس الشيوخ و4 حكّام سابقين وسيناتور سابق، أما عن الجانب الديمقراطي فعددهم 6 مرشحين من بينهم وزيرة خارجية سابقة وسيناتور سابق وعضو مجلس شيوخ.
الحرب ضد داعش
تتوقع بعض الأخبار العسكرية أن يكون العراق أكثر توازنا في حين سيكون عاما سيئا بالنسبة لتنظيم الدولة الإسلامة الذي يتوقّع أن يفقد التنظيم السيطرة على كثير من الأراضي خاصة في العراق، وتناقص موارده المالية.
ويتوقّع الخبراء تواصل التهديدات الإرهابية، مشيرين إلى أنه كلما ازدادت القدرات التقليدية للدولة الإسلامية ضعفا، حاولت التنظيمات والجماعات التابعة لها تنفيذ المزيد من الهجمات الإرهابية خارج منطقة الشرق الأوسط للحفاظ على أهميتها.
وعلى ضوء ذلك، من المنتظر أن يأجج التهديد الجهادي الخوف من الإسلام في الغرب ويحفز تفتيت أوروبا، فيما ستكتسب الحركات الوطنية الشعبوية مثل الجبهة الوطنية في فرنسا والديمقراطيين السويديين في السويد مزيدا من القوة. وستحاول أحزاب الوسط اليمين استقطاب الناخبين عبر الانتقال إلى اليمين في ما يتعلق بالهجرة وإلى اليسار في ما يتعلق بالاقتصاد.
وفي ملف الهجرة سيتم على نطاق واسع وبشكل دائم إعادة السيطرة على الحدود، وإنهاء حلم أوروبا ما بعد الوطنية مع حرية تنقل الأشخاص والعمالة والبضائع. لكن، القصة الرئيسية بالنسبة لأوروبا تبقى التحضير للانتخابات الفرنسية والألمانية لعام 2017، وكلاهما يميل في اتجاه أكثر التشكيك بشأن مصير الاتحاد الأوروبي.
تثير التطورات والأحداث التي شهدها العالم سنة 2015 المخاوف في جميع أنحاء العالم، ومن المرجح أن يكون عام 2016 أكثر صخبا، نظرا للصراعات المتنامية، خاصة وأن كل الاتجاهات على صلة ببعضها، فالمواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا وارتفاع القومية في أوروبا، وعودة ظهور تركيا والتيارات الجيوسياسية الأخرى، وتعقيدات الأزمات في سوريا وليبيا واليمن، ستؤدّي إلى ظهور صور أكثر تعقيدا.
نسرين حلس
صحيفة العرب اللندنية