نيامي – أعلنت جماعة مسلحة معارضة للمجلس العسكري الحاكم في النيجر ضمْن بيان أنها شنت هجوما ليل الأحد أسفر عن تعطيل جزء من خط أنابيب مُمول من شركة بتروتشاينا الصينية، في وقت يقول فيه مراقبون إن استهداف مصالح صينية يكشف عن أن منطقة الساحل والصحراء باتت فضاء لمعركة نفوذ مفتوحة بين القوى الكبرى بعد التغييرات التي حصلت في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وحصلت تغييرات سياسية في هذه البلدان بصعود عسكريين إلى الحكم بدعم من مجموعة فاغنر الروسية، بالتزامن مع سحب فرنسا قواتها من النيجر والحد من أعداد جنودها في المنطقة مع زيادة موجة الغضب ضدها ورفع شعارات معادية لها في أكثر من بلد.
وبالتوازي مع تراجع النفوذ الفرنسي بدأت الولايات المتحدة تخسر مواقع لها في النيجر وتشاد، واضطرت إلى سحب قواتها من البلدين، فيما تتحرك الصين دون ضجيج لملء الفراغ على المستوى الاقتصادي، وهو ما تحتاجه الدول الفقيرة في المنطقة.
من الصعب على أي دولة كبرى أن تحصل على نفوذ مستقر دون أن تقابَل بهجمات من مجموعات محلية لا يُعرف من وراءها
ويرى مراقبون أنه من الصعب على أي دولة كبرى أن تحصل على نفوذ مستقر من دون أن تقابَل بهجمات من مجموعات عسكرية محلية لا يُعرف من يقف وراءها ويدعمها. كما تنشط في المنطقة جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش.
جاء الهجوم بعد مرور يوم على قيام مهاجمين مجهولين بالاعتداء على جنود يحرسون خط الأنابيب في منطقة دوسو بجنوب شرق البلاد. وقالت مصادر أمنية إن ستة جنود لقوا حتفهم.
وتبلغ طاقة خط الأنابيب 90 ألف برميل يوميا ويمتد على مسافة تقارب ألفي كيلومتر، ويربط حقل أجاديم للنفط في النيجر بساحل جمهورية بنين.
ويهدف الخط إلى ضخ صادرات نفطية بموجب صفقة بقيمة 400 مليون دولار مع مؤسسة البترول الوطنية الصينية العملاقة.
وقالت جبهة التحرير الوطني، التي تشكلت في أعقاب الانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر في يوليو 2023، إن هجومها على خط الأنابيب كان بهدف الضغط على الشركاء الصينيين في النيجر لإلغاء صفقة التصدير.
وقالت الجبهة في بيان دون تقديم تفاصيل “في حال فشلت هذه المحاولة، فسيتم اتخاذ إجراءات أخرى لتعطيل جميع الأصول النفطية في البلاد”.
وقال الجيش إن “دورية مخصصة لتأمين خط أنابيب (نفط) تعرضت لهجوم شنه قطاع طرق مسلحون على مشارف قرية سلكام (…) نأسف لمقتل ستة من رفاقنا”، دون ذكر التاريخ.
والهجوم هو الأول من نوعه على خط الأنابيب البالغ طوله حوالي 2000 كيلومتر والذي يفترض أن ينقل النفط الخام من آبار النفط في أغاديم (شمال شرق النيجر) إلى ميناء سيمي كبودجي في بنين.
وأكد الجيش أنه “بعد رد قوي” من الجنود النيجريين “أجبِر المهاجمون على التراجع” وتمكنوا من أن “يأخذوا معهم عددا غير محدد من القتلى والجرحى”. ينتمي الجنود المُستهدَفون إلى عملية “دميسا” لمكافحة الإرهاب والتي تنشط منذ عدة سنوات في منطقة دوسو (جنوب) المتاخمة لنيجيريا وبنين.
و”دميسا” لديها كتيبة تدخّل تضم أكثر من 500 رجل، وتم تدريب عناصرها خصوصا من جانب القوات الفرنسية التي غادرت البلاد منذ ذلك الحين بناء على طلب السلطات. وقد زودتها باريس بمركبات صغيرة وأسلحة ثقيلة. وسحبت فرنسا قواتها تدريجيا بطلب من العسكريين الذين وصلوا إلى السلطة في مالي عام 2021، وفي بوركينا فاسو عام 2022، وفي النيجر عام 2023.
وقد أبرمت الدول الثلاث اتفاقيات أمنية مع روسيا التي تسعى إلى توسيع حضورها في القارة. وتعتزم فرنسا تقليص وجودها العسكري في غرب ووسط أفريقيا إلى نحو 600 جندي تماشيا مع خطط الرئيس إيمانويل ماكرون. ووفق خطة قيد المناقشة مع شركاء أفارقة، تخطط فرنسا لخفض كبير في عدد قواتها “المنتشرة مسبقا” في أفريقيا.
وأفاد مصدران قريبان من الحكومة ومصدر عسكري بأن فرنسا ستبقي نحو 100 جندي فقط في الغابون وسط أفريقيا وعددا مماثلا في السنغال غرب أفريقيا، مقارنة بـ350 جنديا حاليا في كل من البلدين. كما تعتزم باريس إبقاء نحو 100 جندي في كوت ديفوار على الساحل الجنوبي لغرب أفريقيا مقابل 600 جندي حاليا، ونحو 300 جندي في تشاد شمال وسط أفريقيا مقارنة بألف جندي راهنا.
العرب