تثير الخطوات التي يتخذها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأسلمة التعليم وزيادة دروس الدين الإسلامي وفتح قاعات للصلاة في المدارس تحت شعارات فضفاضة من مثل خلق “جيل ورع” أو “جيل تقي” مخاوف العلمانيين في البلاد وتظهر الخلافات حول الدور الذي يجب أن يلعبه الدين في التعليم.
وفي الوقت الذي يرى فيه أردوغان أن ما يقوم به أمر عادي، فإن مراقبين يرون أن الرئيس التركي يوسع دائرة الخلافات المجتمعية والانقسام، وهو ما كان سببا في خسارة حزبه للكثير من المواقع خاصة في المدن الكبرى.
وعبّر الرئيس التركي الجمعة عن رفضه للانتقادات الموجهة للمنهج الدراسي الجديد في تركيا وتعهد بإعطاء الأولوية “للقيم الوطنية” في مواجهة مخاوف من تآكل الأسس العلمية والعلمانية في المدارس جراء تغيير المناهج.
ووافقت أنقرة في أواخر الشهر الماضي على المنهج الذي سيُطرح تدريجيا اعتبارا من العام الدراسي المقبل.
وعبّر حزب المعارضة الرئيسي ونقابات تعليمية ومنظمات غير حكومية عن مخاوفهم حيال ديمقراطية هذا الإجراء وانتقدوا الخطوات الرامية إلى التركيز على الدراسات الدينية على حساب المجالات الأخرى.
◄ الرئيس التركي يوسع دائرة الانقسام المجتمعي، ما كان سببا في خسارة حزبه للكثير من المواقع خاصة في المدن الكبرى
◄ الرئيس التركي يوسع دائرة الانقسام المجتمعي، ما كان سببا في خسارة حزبه للكثير من المواقع خاصة في المدن الكبرى
وقال أردوغان، الذي ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية الذي يحكم تركيا منذ أكثر من عقدين، “هدفنا هو تنشئة شباب مسلحين بالقيم الوطنية”.
وأضاف خلال حفل للكشف عن المنهج الدراسي الجديد “أولئك الذين يعارضون خطوتنا التعليمية بسبب مخاوف أيديولوجية يجب أن يسألوا أنفسهم (عن جدوى ما يفعلونه)”.
وفتحت تركيا تحت إشراف من أردوغان الكثير من مدارس “الإمام الخطيب” الإسلامية تماشيا مع هدفه المتمثل في خلق “جيل تقي”.
وزاد عدد مدارس الإمام الخطيب، التي تأسست لتعليم الدعاة والخطباء، إلى نحو 1700 مدرسة من 450 مدرسة في عام 2002 عندما وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة لأول مرة. وقد زاد عدد طلابها ستة أمثال ليصلوا إلى أكثر من نصف مليون.
وقال أردوغان “لن نسمح لأحد أن يحول بين أطفال هذا البلد وبين القيم الدينية. الفترة التي واجه فيها الأطفال التمييز لمجرد أنهم يصلّون ويرتدون الحجاب قد ولّت”، في إشارة إلى إلغائه الحظر على الحجاب في المدارس والمؤسسات العامة في العقد الأول من هذا القرن.
وقال وزير التربية الوطنية يوسف تكين إن الحكومة وضعت المنهج الدراسي الجديد بمشاركة ديمقراطية كافية.
ويتركز القلق العلماني على برنامج يطلق عليه اسم “جيديس” تقول وزارة التعليم إنه يستهدف تشجيع الأطفال على تبني “قيم وطنية وأخلاقية وإنسانية وروحية وثقافية”، لكن المعارضين يقولون إن هذه القيم إسلامية في جوهرها.
ورفعت إيجيتيم إيس دعوى قضائية تسعى فيها إلى إلغاء مشروع “جيديس”، وهو مشروع مشترك بين وزارات التعليم والرياضة والشباب ومديرية الشؤون الدينية، على أساس أنه مخالف للدستور ومعاد للعلمانية.
ويشكون من أنه بموجب هذا المخطط يتم إرسال مئات الدعاة الإسلاميين أو الأئمة وغيرهم من المسؤولين الدينيين إلى المدارس.
وتقول وزارة التعليم إنه لم يتم تعيين مثل هؤلاء “المستشارين الروحيين” في المدارس، حيث يشارك هؤلاء فقط في أنشطة خارج المدرسة.
وقال مركز حقوق الأطفال التابع لنقابة المحامين في إسطنبول إنه بينما يتناول المنهج في الكثير من مواضيعه العناصر الدينية والوطنية، “لا يتم إعطاء أيّ مساحة للقيم الوطنية مثل أتاتورك والعلمانية والجمهورية”، في إشارة إلى مؤسس تركيا العلمانية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.
وقال كاظم أوزباي، رئيس “إيتيم إيش”، وهي نقابة للعاملين في التربية والعلوم، إن المنهج الجديد جرى إعداده بهدف تربية “أجيال تشبه الروبوتات بلا روح، لا تفكر، ولا تتساءل، ولا تنتقد، ولا تعترض، ولا تفسر”.
وأضاف “من الواضح أنهم يريدون وضع منهج ديني ووطني”، مشيرا إلى أن نقابته تستعد لرفع قضية ضد المنهج.