تحرص السلطات الدنماركية على إعداد مواطنيها لحالة الحرب في ظل التهديدات الروسية، وقد طلبت منهم تخزين الطعام وغير ذلك.
مع أنّ عيون الدنماركيين هذه الأيام تتّجه لمتابعة فريقهم لكرة القدم في بطولة كأس الأمم الأوروبية في ألمانيا، ويستعد آخرون لقضاء الإجازة الصيفية في ظل التغير المناخي، يبدو أن الحكومة قلقة من “افتعال روسيا” عملاً يدخل البلاد في حرب ساخنة مع موسكو. ودعت الحكومة الشعب الدنماركي (نحو 5.6 ملايين نسمة)، إلى ضرورة أن يكونوا مستعدين للبقاء ثلاثة أيام من دون طعام أو مياه وغيرها من الأساسيات. صحيح أن نظام الاستعداد مطبق لدى الجارة السويد منذ سنوات، إلا أن قرار كوبنهاغن الذي يتبنى العودة إلى فترة الحرب الباردة، يذكر الشارع بأن مسألة الأمن في البلد ليست محسومة كما ساد الاعتقاد خلال العقود الثلاثة الماضية.
حكومة مته فريدريكسن الداعمة لأوكرانيا، تحذر من افتعال موسكو حادثاً بيئياً مدمراً من خلال ناقلات نفط عملاقة في مياه البلاد الإقليمية، أو تنفيذ روسيا تهديداتها بقصف بعض المناطق الدنماركية، الأمر الذي يزيد مستويات القلق في البلد الاسكندنافي. فالتوجه الرئيسي هو تطبيق استراتيجية تقتضي أنه يجب، في حال حدوث أزمة، أن يكون أكبر عدد من الدنماركيين مستعداً لتدبر أموره حتى تستطيع خدمات الطوارئ تركيز جهودها حيثما تكون الحاجة أكبر.
قضايا وناس
الدنمارك: سوار الرجال الإلكتروني مطلب شعبي لحماية النساء
وتقدم السلطات الدنماركية توصيات حول ما يجب تخزينه حتى يتمكن المواطنون من الاعتماد على أنفسهم في حال نشوب أزمة، من بينها أن يخزنوا حاجاتهم الأساسية من مياه للشرب وللماشية والحيوانات الأليفة. وفي حال إغلاق المتاجر، من الضروري أن يموّن المواطنون الطعام، بالإضافة إلى غاز الطهي والكهرباء. كما أوصت الوكالة الوطنية لإدارة الطوارئ المواطنين بتخزين أدويتهم الضرورية وأقراص “يوديد البوتاسيوم” أو الأقراص المضادة للإشعاعات، التي تقدم بعض الحماية في حال التعرض لمواد مشعة مؤذية للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً، والنساء الحوامل والمرضعات، بالإضافة إلى قائمة طويلة أخرى من المقتنيات الضرورية، ومنها على سبيل المثال اقتناء مصباح يدوي وبطاريات وأعواد ثقاب وشموع وبطانيات للتدفئة، وبديل حليب الثدي أو الحفاضات وحاجات كبار السن وغيرها من الضروريات.
وتوصي السلطات المواطنين باقتناء مذياع يعمل على البطاريات، مفترضة أن خدمة الإنترنت والهواتف ستنقطع، وبالتالي يجب الاستماع إلى توجيهات السلطات من خلال إذاعة “أف أم”، مع إمكانية استخدام ألواح الطاقة الشمسية في حال انقطاع التيار الكهربائي لإعادة شحن الهواتف المحمولة.في الوقت نفسه، تلفت السلطات إلى أنه في حالات الأزمات، يجب التنبه إلى كم المعلومات الخاطئة والمضللة. بالتالي، تسعى سلطات الطوارئ إلى جعل المجتمع قادراً على الحد من “الشائعات والمعلومات المضللة أو الخاطئة”. وتؤكد الوكالة الوطنية لإدارة الطوارئ على ضرورة “التحقق دائماً مما إذا كان المصدر يبث معلومات جديرة بالثقة قبل مشاركتها مع الآخرين”.
قضايا وناس
الدنمارك تسير نحو ضرب معادلة “إعادة إنتاج السكان”
وأخيراً، بدأت المتاجر الدنماركية تتحدث عن حصول ما تسميه “انفجاراً في المشتريات المخصصة للاستعداد للأزمات”، بما فيها المعلبات وأجهزة الراديو. وبحسب التلفزيون الرسمي، أبلغت بعض المتاجر عن زيادة مبيعاتها بحوالي 2500% خلال اليومين الماضيين. وكان بعض السكان يعمدون إلى تخزين مواد قبل توصيات الحكومة، في إطار الاستعداد لمساعدة المواطنين في حال حدوث طارئ. ويبدو أن مجموعات الاستعداد التي كانت محط سخرية خلال السنوات الماضية، لحذوها حذو السويد في الاستعداد لأي طارئ، باتت تؤخذ اليوم على محمل الجد، بعدما تحدث وزير الدفاع ترويلز لوند بولسن عن أهمية التخزين.
الصورة
أرادت بتوصياتها لمجتمعها الاستعداد للأسوأ من دون إثارة الذعر (العربي الجديد)
أرادت بتوصياتها لمجتمعها الاستعداد للأسوأ من دون إثارة الذعر (العربي الجديد)
في جميع الأحوال، وعلى الرغم من أن الحكومة الدنماركية أرادت بتوصياتها لمجتمعها الاستعداد للأسوأ من دون إثارة الذعر في المجتمع، إلا أن ارتفاع منسوب التوتر الذي تشهده علاقة مجموعة دول الشمال (فنلندا والسويد والنرويج وأيسلندا والدنمارك)، مع روسيا بدأت تثير سجالاً ومخاوف يعبر عنها كبار السن، الذين يقولون للصحافة المحلية إن هذا الوضع يذكرهم بالحرب الباردة. ومع أن الجارة السويد تعمد منذ سنوات إلى إعداد مواطنيها للأسوأ ولفترات أطول من تلك التي حددتها الدنمارك، إلا أن تطبيقها في كوبنهاغن مؤشر إلى توسع رقعة التوتر، وخصوصاً بعد تهديدات ضمنية روسية لكوبنهاغن على خلفية إصرارها على مد أوكرانيا بالسلاح، وخصوصاً طائرات أف 16، وبعض الصواريخ التي تصل إلى الأراضي الروسية.