الأوضاع في سوريا والعراق واليمن وفلسطين وليبيا ومظاهر تنامي العداء والكراهية للعرب والمسلمين على وجه التحديد في الدول الغربية والأوروبية. بقدوم العام الجديد لا وجود أي بارقة أمل لانتهاء النزاعات المسلحة والاقتتالات الداخلية في سوريا واليمن والعراق وليبيا وفلسطين، ورغما عن تفاؤل الكثيرين باحلال السلام والأمن والاستقرار مع حلول العام الجديد في فلسطين وكل أرجاء المعمورة.
الأمنيات شيء وما جرى ويجري على أرض الواقع شيء آخر. في سوريا شاهدنا بالأمس القريب عملية تبادل أسرى وجرحى ليس بين الجيش النظامي السوري أوحزب الله اللبناني واسرائيل بل بين الجيش السوري وحزب الله من جهة وفصائل المعارضة من جهة أخرى بعد فك الحصار من قبل الجهتين المتصارعتين على مناطق يقطنها مدنيون وعسكريون سواء أتباع النظام وحزب الله أومدنيين وعسكريين أتباع للفصائل المعارضة.
جرت عمليات الإجلاء بإشراف الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومر مسلحوالمعارضة ببيروت باتجاه تركيا على أن يعودوا مجددا إلى مناطق تسيطر وتشرف عليها فصائل المعارضة المسلحة في ادلب والرقة وأخرى في شمال شرق سوريا.
ستعود حتما المناطق التي انسحبت منها المعارضة إلى يد الجيش السوري وحزب الله ولكن عودتها مدمرة بعد اقتتال دام وانسحاب المسلحين المفروض أن يكونوا على لائحة الارهابيين الدوليين باعتبارهم من المنظمات الإرهابية الموضوعة على لوائح المنظمات الإرهابية الدولية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي برمته ومرورهم عبر لبنان وتركيا وعودتهم لمناطق شمال شرق سوريا وبالأخص ادلب والرقة يدل على أن سوريا باتت مقسمة فعليا وعلى أسس طائفية وعرقية ودينية بغيضة. ويدل على أن المعارضة المسلحة الإرهابية التي من المفترض أن تكون محاربة من قبل الدول العظمى والصغرى ليست الا محمية من المنظمات الدولية وباشراف أممي على الحماية الدولية والتقسيم أشبه بتقسيم فلسطين الذي أصدرته الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة عام 1947 والذي تبنى تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة عربية والقدس وبيت لحم والمناطق المجاورة بوصاية دولية وبعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين.
طبعا هؤلاء الذين سمح لهم بالعودة وبحماية دولية إلى الرقة وادلب هم أبناء وأشبال الخلافة التي تحضر القوات العراقية وبمساعدة القوات الأمريكية والبشمركة بالهجوم عليهم بهدف طردهم والقضاء على مركز خلافتهم في الموصل في العراق. و
سوريا الآن مدمرة ومقسمة ولن تمر عملية المفاوضات السورية السورية وعمليات الإعمار دون تدخلات من الدول العظمى الطامعة بثروات سوريا وموقعها الاستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط.
بالنسبة للعراق رغم التفاؤل الدولي بانسحاب تنظيم الدولة من الرمادي والهجوم المحتمل لاسترداد الموصل أكبر المدن العراقية الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة، يبقى السؤال عن حجم الدمار والمعاناة والتشرد في العراق رغم ازاحة الرئيس العراقي السابق صدام حسين والوعود الغربية بالديمقراطية والاستقرار في العراق الجديد.
وطبعا ستشارك ميليشيات شيعية في استعادة الموصل بخسائر بشرية كبيرة وتعميق طائفي للصراع العراقي العراقي رغم مشاركة البشمركة الكردية والأخذ بالاعتبار بأن العراق الجديد ليس أحسن حالا من سوريا الجديدة فالدمار والتشرد والاقتتال الداخلي والطائفية المتجذرة والتقسيم (اقليم كردستان يتمتع بحكم ذاتي وباقي المناطق مقسمة بين السنة والشيعة) عناوين المرحلة المقبلة.
واذا كان الاقتتال الطائفي في سوريا والعراق هوالعنوان الأبرز فماذا عن الانقسام السني السني في فلسطين بين غزة التي تسيطر عليها حماس والضفة الغربية الواقعة تحت سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية وانعدام وجود انفراج في ملفات الوحدة الوطنية والمصالحة الوطنية وحكومة الوفاق الوطني ناهيك عن ملفات الاستيطان والأسرى والقدس المحتلة واللاجئين والعودة والاعدامات الميدانية وهدم المنازل ومصادرة وتجريف الأراضي مع عدم وجود أي أمل بحل النزاع العربي الاسرائيلي إلا عن طريق تطبيع عربي اسرائيلي منفرد، كل دولة على حدة بحسب مصالحها وهذا ما يشكل استنزافا للقضية الفلسطينية ويضعها في ظل الأوضاع العربية الكارثية في غياهب الظلمات. بالنسبة لليمن الحرب لم تبدأ بعد كما صرح الرئيس السابق علي عبد الله صالح وفي الواقع رغم المعاناة والدمار والتشرد لم تبدأ المعركة بعد فالمطلوب دوليا استنزاف السعودية وخيراتها وثرواتها وتقسيمها وعودة أجزاء منها للوصاية اليهودية. وقد عبرت الوزيرة الإسرائيلية السابقة ليفني عن حلم يراودها بالعودة لديار الأجداد من بني قريظة.
باختصار رغم الأماني والتمنيات لن تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة ولن تتحقق الوحدة الفلسطينية ناهيك عن التصالح الفلسطيني الإسرائيلي ولن يستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة عام 2016، وإذا أردنا الحقيقة وبدون مجاملات ومزايدات أخشى أن يذهب دم الشهداء الفلسطينيين في حرب السكاكين غير المتكافئة سدى، ولوكنت بدل القيادة الفلسطينية لأوقفتها حفاظا على أرواح وممتلكات الفلسطينيين فما جدوى قيام أفراد بحملات طعن بالسكاكين فردية دون اشتراك الشرطة الفلسطينية وفصائل المقاومة كفتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وغيرها بل سعيهم بعدم عسكرة الانتفاضة وبالوقت نفسه سعيهم الدؤوب لاستغلال أي فرصة إعلامية لنبذ العنف والإرهاب واظهارهم في صف القوى المحاربة للإرهاب الدولي (الاشتراك في الحلف الإسلامي لمحاربة الارهاب الذي بدأ بدعم الشرعية اليمنية).
كل ما ذكر آنفا في واد وأنباء عن ثراء المافيا السورية من شراء الأطفال والرضع وبيعهم والاتجار بأعضائهم في كفة أخرى. المطلوب حاليا الدفاع عن الإسلام وسط تنامي ظاهرة الاسلاموفوبيا وحملات العنصرية المناهضة للأجانب والعرب والمسلمين على وجه الخصوص ومواجهة الإعلام الغربي والإسرائيلي واليهودي فلا يوجد ما نخشاه وأغلب الأعمال الإرهابية والاجرامية التي استهدفت الدول الغربية قام بها الغربيون أنفسهم وكان منها العرب والمسلمون براء والأمثلة لا تحصى.
د.منجد فريد القطب
صحيفة القدس العربي