اهتمت الصحف العراقية بتناول صعوبات الأوضاع السياسية والاقتصادية، ومواصلة السياسيين الفاسدين نهجهم، ووعود العبادي للقضاء على الفساد، ومستقبل العراق، وانحسار تأييد السنة لتنظيم «الدولة».
الفاسدون ودموع التماسيح
وتناولت صحيفة «المشرق» المستقلة في افتتاحيتها «أن بعض الفاسدين يتباكون على إعمار العراق وغايتهم ليس الإعمار بل سرقة أموال الإعمار.
يتلفت الفاسدون يميناً وشمالاً بحثاً عن مغنمة فإن لم يجدوا اخترعوا حرباً، وأضفوا عليها القداسة، واسترخصوا من أجلها الدماء لا لشيء سوى الظفر بالغنائم.
تراهم ينعقون كالغربان في خرائب من صنعهم، وينوحون كالثكالى، ولكن بدموع التماسيح، على فواجع العباد، ناسين أنهم سبب كل فجيعة ومأتم.
ما زالت صيحاتهم لـ (تحرير العراق) من الجبروت والطغيان والاستبداد عالقة في الأذهان والآذان، وهل تمحى من مداركنا صورتهم وهم يسطون على خزائن العراق، وعلى حقوله الخضر وكأنهم جراد جائع فلم يتركوا فيها إلا العصف المأكول؟
اليوم يتهامسون وهم يرمقون البلاد وقد أكلوا منها اللحم والجلد، كيف بإمكانهم أن يستولوا على صندوق إعمار العراق، والسطو على ما فيه من مال جادت به دول الإحسان على بلد ينز النفط من تحت أقدام فقرائه ومعوزيه؟
شحت موارد النفط، وتوقفت العقود الدسمة التي يتقاتل عليها الكواسج والحيتان فلم يبقَ أمامهم إلا صندوق إعمار العراق الذي لا يقل قداسة عن صناديق الزكاة ودعم الأيتام والأرامل، كونه، في محصلة عمله، سيعيد المشردين إلى ديارهم والنازحين إلى مدنهم!
لن تطمئن دول الدعم والمنظمات المعنية به إلا لإدارة مهنية لصندوق الإعمار، إدارة تحسن وضع الدينار في مكانه من غير تبذير ولا هدر ولا ضياع، وبعكسه فإنها لن تدع أموالها تذهب إلى جيوب الفاسدين واللصوص والأفاكين!
إنهم يلطمون على الهريسة وليس على فاجعة الطف، وينوحون على القيمة وليس على عاشوراء».
ونشرت وكالة براثا الإخبارية التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي مقالا أشار فيه كاتبه «ان تدخل العراق في أي ملف خارجي إقليمي يجب ان يكون نابعا من مصلحة العراق اولا؛ والعلاقة الإيجابية بين طرفي الخلاف ثانيا؛ حتى نضمن نجاحها وهو ما نراه غير متحقق مع السعودية التي لم تفتح سفارتها في العراق إلا بعد 25 عاما من سقوط النظام وعلى مضض.. فكيف نتوسط بينها وبين إيران التي تجمعنا علاقات إيجابية معها؟ وكيف نتحدث للإعلام عن هذه الوساطة قبل زيارة عاصمتي البلدين وأخذ الضوء الأخضر للتدخل بعد تلمس القبول والإيجابية لدى الطرفين؟ وألم يكن الأحرى بنا التركيز على المشكلة مع تركيا والعمل على إخراج قواتها المحتلة من بعشيقة بدلا من الانغماس في الخلافات الإقليمية؟
مما تقدم نستنتج ان السياسة الخارجية العراقية تعاني قصورا واضحا، لعدة أسباب منها ان السياسة الخارجية رهينة بمصالح ضيقة وليس لها علاقة بأهداف واستراتيجيات نابعة من مصالح البلد ورغبات ومصالح شعبه؛ وهو ما نجده مخالفا تماماً في العراق حيث انها بعيدة كل البعد عن رغبات الشعب وتوجهات مكوناته.
ان سياسة العراق الخارجية لن ولن تنجح سواء كانت محايدة او منحازة لطرف إقليمي او دولي إذا لم تنبع وتعبر عن مصالح البلد وإذا لم تعرف موقعها الحقيقي والفعلي في المحيطين الإقليمي والدولي.. إنها دعوة للتحالف الوطني باعتباره من شكل الحكومة لإعادة النظر بسياسة العراق الخارجية على أسس علمية تحفظ وجه العراق وتحافظ على مصالحه وامواله من الهدر».
الساعون وراء المناصب
ونشرت جريدة «التآخي» المقربة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، مقالا لكفاح محمود جاء فيه « إن المتفحص لسيرة حياة معظم من تولوا مناصب في هذه الحقبة، وعلى مختلف المستويات في البرلمان والسلطة التنفيذية وملحقاتهما في المحافظات وحكوماتها المحلية ومجالسها الشعبية، يدرك فداحة الأمر وكارثية إدارة هذا البلد، لما اقترفوه من جرائم بحق الوطن والشعب، ونظرة ثاقبة لسيرة حياة معظم من تبوأ موقعا بالتعيين أو بالانتخاب في مفاصل الدولة، منذ إسقاط نظام البعث وصدام حسين وحتى يومنا هذا، يدرك حقيقة المأساة وما أصاب البلد على أيدي هؤلاء المصابين بشتى العقد النفسية وفي مقدمتها مركبات النقص والارتزاق والاستحواذ والتعويض، واستغلال المنصب لإغراض شخصية نفعية بعيدة عن أية علاقة بالوطن والدولة والشعب.
ونتيجة للتهالك والتنافس المقيت على المناصب وامتيازاتها بانت ظاهرتان، الأولى ( دلاليات أو بازار) من بقالي المناصب، الذين يبيعون ويشترون بالمواقع ولديهم قوائم بالأسعار والحصص والنسب، حتى وصل سعر موقع وزير لوزارة ( منتجة) إلى عدة ملايين من الدولارات، والثانية التي تبدو أكثر قبحا وهي مجاميع من فضلات النظام السابق أو مرتزقته المتهالكين على المناصب، وبدأوا بتسويق أنفسهم مناضلين أو محللين سياسيين أو خبراء عسكريين استراتيجيين أو إعلاميين مرتزقة، والغريب أنهم توزعوا على كل الكتل والأحزاب المعارضة السابقة، وحينما لم يجد البعض منهم موقعا أو منصبا تحول إلى معارض للنظام الجديد، أو بوق لإحدى دول الجوار لعله يعوض ما فاته.
حقا إنها أمراض نفسية وسلوكية واجتماعية تمتد إلى مرحلة الطفولة والبيئة والتربية، تركزت في دواخل معظم من يقودون البلاد إدارة أو مالا أو إعلاما، أنتجت لنا بعد عقد من الزمان ضياع ما يقرب من ألف مليار دولار وثلث البلاد إن لم يكن أكثرها مدمر بالكامل، وسيبقى عنوان الفشل والنجاح لتجربتنا في بناء دولة عصرية، تقوم على أسس المواطنة والكفاءة والنزاهة التي تكاد أن تختفي تماما من مسرح العمل الوطني».
مستقبل قلق ووطن مستباح
ونشرت صحيفة «الزمان» المستقلة مقالا عن مستقبل العراق، ذكر كاتبه « تزداد صورة الواقع العراقي قتامة يوما بعد يوم وهي في تصاعد وتأزم مستمر، ولكن تسارع الأحداث و التقاطعات الإقليمية والدولية جعلت الأحداث تسير بوتيرة أسرع جدا مما متوقع حتى أصبح من غير الممكن متابعتها وتوقع إحداثها بسهولة.
والصراع الإقليمي ليس جديدا على أرض العراق فهو امتداد تاريخي قائم منذ أقدم العصور كون أرض العراق حلقة رابطة بين القارات والحضارات.
وأزداد هذا الصراع خصوصا منذ احتلال العراق في سنة 2003 ونتيجة وجود فراغ في السلطة في فترة معينة او في السيادة في الفترة التالية او الفراغ الأمني في الفترة الحالية. ولكن ما يميز هذا الصراع في تلك الفترة انها كانت بالنيابة (أي وجود قوى محلية او إقليمية تابعة بصورة مباشرة او غير مباشرة). اما وبعد ان أصبح الصراع مباشرا (على المكشوف) ومن قبل اللاعبين الكبار أنفسهم سواء كانوا قوى إقليمية او دولية، فإن العراق يشهد الآن حالة من الشد والجذب نحو طرفين (قطبين) وهما اقليمياً (تركيا وإيران) ودولياً (أمريكا وحلفاؤها من جهة وروسيا وحلفاؤها من جهة أخرى). ان الصراع الإقليمي والدولي سيغير المنطقة و شكلها إلى الأبد هذا شيء أكيد وسيكون أكثر تأثيرا على العراق بسبب وجود حالة من التشرذم والنفور والتفكك في المشهد العراقي السياسي والاجتماعي والاقتصادي سيعجل بتفكيك البلد وتقسيمه ثم سقوطه نحو الهاوية لا سمح الله ما لم يتم تدارك الموقف والأزمة».
وتناول مقال افتتاحي في صحيفة «العدالة» المقربة من المجلس الأعلى الإسلامي خلافات النخبة السياسية، وجاء فيه « تسود حالة من الانقسامات السياسية ليس بين المكونات او بين القوى السياسية والاحزاب فقط، بل داخل المكونات ايضاً.. فهل هذه علامة جيدة، أم سيئة؟ وهل هو أمر مرعب أن تطفو الخلافات على السطح ليتداولها الناس والمواقع ووسائل الإعلام».
من يفتش عن الاطمئنان يمكنه القول أن الخلافات أمر طبيعي، ومسألة تلازم أجواء الحريات والديمقراطية.. وتكسب الأمم على المدى الطويل عندما تجري الخلافات على السطح.. فهي تشكل حالة تنفيس تخفف من الأفعال وردودها، وتسمح بالحكم والتمحيص على الكثير من الخلافات.. فتتقدم الآراء الناضجة والسليمة، وتتراجع الآراء الخادعة والخاطئة.
نعم هناك أخطار جدية.. وان بعضنا ـ لجهل او لغرض ـ يريد ان يخترق حتى السقوف المقبولة الضامنة لوحدة البلاد ومصالحها الأساسية، والتي يجب ان لا تسمح للخلافات ان تتجاوزها.. سواء أكانت داخل الأحزاب والقوى السياسية، او بين القوى والمكونات، او بين العراق ومحيطه. ونعتقد ان التجارب قد برهنت بأن البلاد ليست سائبة.. لا وطنياً ولا اقليمياً ولا دولياً.. وان القيادات والمتصدين والمسؤولين يجب ان لا يسمحوا بأن يكونوا أدوات لخلافات تخترق السقوف المقبولة وطنياً وإقليمياً ودولياً، وإلا سيدفعون هم، كما ستدفع البلاد الثمن. وان تجربة «داعش» في احتلال الموصل خير دليل على ذلك. فأي غرور او عناد هنا سيكون سلوكاً قاتلاً.. وأي خلاف لا يسمح بالوصول إلى حلول وتسويات، ولا يقود سوى إلى الفوضى والصراعات هو خلاف يتجاوز السقوف المقبولة، ويجب ان نتصدى له جميعاً لنعيده إلى نصاباته. فتحت سقف معين يسمح لكثير من الاختلافات.. أما خارجه فإن نمو حالات هجينة ومواقف متطرفة ومتفردة، ستقود بالضرورة إلى مآلات مدمرة وقاتلة.. والتاريخ شاهد على ذلك».
وعود محاربة الفساد
ونشرت صحيفة «طريق الشعب» الشيوعية مقالا جاء فيه، «رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، قطع عهدا بأن يكون 2016 عام القضاء على الفساد، وجاء هذا العهد بعد وفي خضم انتقادات سياسية وشعبية واسعة، لتراجع الحكومة عن الوعود بالإصلاحات التي اطلقتها غداة انطلاق الاحتجاجات الكبيرة في عموم العراق.
وإذ يستجيب تصريح رئيس الوزراء الجديد للمطالب الشعبية، فإنه يثير أيضا تساؤلات جدية حول إمكانية تنفيذ الوعد بالقضاء على الفساد في ظرف عام واحد، خاصة وان رئيس الوزراء كان قد أدرج الحد من الفساد ضمن أهدافه عند توليه المسؤولية، وها قد مضى اكثر من عام ولم يتحقق إلا القليل جدا.
والحصيلة الماثلة اليوم لهذا الفساد، الذي التهم الجانب الأكبر من أموال الدولة رغم ما تميزت به في السنوات الماضية من وفرة لا سابق لها، هي التدني المستمر في مستوى معيشة الجماهير الواسعة، وتدهور الخدمات، وغياب مشاريع الاعمار، وبقاء قطاعات الاقتصاد الحيوية (الزراعة والصناعة) متأخرة وشبه مشلولة.
ان الوعود التي لا تقوم على رؤية متسقة مع الواقع ومع الفعل الملموس، كانت حاضرة في شتى المجالات طيلة السنوات الماضية، وقد سبب ذلك فجوة كبيرة في الثقة بين الشعب والسلطة، لا يمكن ردمها إلا بالخروج عن سياق الشعارات الرنانة.
وإذا كان رئيس الوزراء قد عمد في الأشهر المنصرمة إلى اتخاذ إجراءات في هذا الصدد، مثل إبعاد بعض المسؤولين الذين تحوم حولهم شبهات فساد عن مواقعهم الوظيفية، فإنها تبقى إجراءات منقوصة».
استطلاع عن السنة و«داعش»
ونشرت صحيفة» المدى» المستقلة، نتائج دراسة أجرتها منظمة (فيلق الرحمة) مؤخراً على مدى ثلاث سنوات ـ 2013 و2014 و2015 – من استطلاعات رأي ومقابلات في العراق حول تصورات المواطنين عن الحكومة والمجاميع المسلحة. وكشفت المنظمة ان تهميش المالكي للسنّة ونقص الخدمات كانا من أهم أسباب استياء المواطنين من الحكومة ودعمهم للمجاميع المسلحة.
الأهم في تقرير المنظمة هو كيف تغيّر رأي السنّة تجاه التمرد قبل وبعد حكومة المالكي. الأمر الملفت للنظر هو ان دعم السنّة للمجاميع المسلحة انخفض من 49 ٪ في 2014 إلى 26 ٪ في 2015.
لم تكن للمالكي شعبية واسعة بين السنّة، كما ان اللوم يلقى أيضاً على القوات الأمنية بسبب الاعتقالات العشوائية بالجملة ومهاجمتها لموقعين للتظاهر في الرمادي والحويجة، ما يدعم طرح المنظمة بأن هناك تهميشا وإدارة سيئة وليس كما يشاع غالباً بأن الطائفية كانت السبب الرئيسي لظهور داعش وولادة التمرد.
لدى سؤالهم عما إذا كانت الحكومة تعامل طائفتهم بلا عدالة، أجابت أغلبية من السنّة والشيعة بنعم. ما يقرب من 80 ٪ من السنّة كانوا يعتقدون انهم لا يحظون بمعاملة عادلة أحياناً، وما يقرب من 2 ٪ قالوا غالباً. 40 ٪ من الشيعة ذكروا الأمر نفسه مع 10 ٪ أضافوا أنهم يشعرون غالباً بذلك.
شعور العراقيين من مختلف الطوائف بالشعور نفسه يوفر فرصةً للتعاون من أجل تجاوز الطائفية والعرقية، لكن للأسف لم تدرك الطبقة السياسية ذلك لأنها غير راغبة بالبدء بأية إصلاحات حقيقية خاصةً عند تعلّق الأمر بالفساد لأن ذلك يمكن ان يهدد شبكات محسوبيتها التي تعتمد عليها في البقاء بالسلطة.
مصطفى العبيدي
صحيفة القدس العربي