أحداث المقدادية.. اتهامات باعتداءات طائفية مدبرة

أحداث المقدادية.. اتهامات باعتداءات طائفية مدبرة

المليشيات والعنف الطائفي
لم تكن الأحداث الأخيرة في مدينة المقدادية بمحافظةديالى غريبة عن السياق العام ليوميات العنف الطائفي في العراق منذ عام 2003، لكنها كانت الأشد دموية منذ فترة ليست بالقريبة.

فعقب انفجار سيارتين مفخختين بمقهى كان يرتاده شبان سنة وشيعة في الحي العصري بالمدينة، انطلقت أعمال عنف دامية قادتها مليشيات مسلحة استهدفت المساجد التابعة للوقف السني وكذلك مدنيين سنة.

فقد تم اقتحام البيوت وتنفيذ إعدامات جماعية على الهوية قتل فيها أكثر من 120 شابا، وتفجير وحرق 12 مسجدا، وقتل صحفيين يعملان في قناة الشرقية بسبب تغطيتهما المصورة للأحداث، لتعود إلى الأذهان سنوات الحرب الطائفية في العراق.

ووفقا لشهادة صحفي كان حاضرا للأحداث ثم تمكن من الهرب إلى مدينة السليمانية، فإنه بعد التفجيرين اللذين شهدهما الحي العصري بدأت مليشيات تابعة لمنظمة بدر وعصائب أهل الحق وحزب الله وآخرين تجوب شوارع القضاء، وبدأت عمليات القتل على الهوية وحرق المساجد والمحلات التي يملكها سنة.

وتابع أن أعمال العنف امتدت إلى خارج المدينة، حيث أضرمت النيران في بساتين 14 قرية سنية، لتبدأ بعدها المليشيات موجة قصف بقذائف الهاون على المناطق السكنية، ثم مطالبة سكان المدينة ذات الأغلبية السنية عبر مكبرات الصوت بالرحيل وإلا فسيلاقون القتل، ثم فرض حصار على هذه المناطق، لدرجة أن أغلب أهالي الضحايا لم يجدوا من يغسل ويكفن أبناءهم.

ويبدو أن قبضة المليشيات كانت من القوة بحيث منعت ابن المدينة رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري من دخولها للاطلاع على حقيقة ما جرى فيها.

وقال الجبوري في مؤتمر صحفي عقب عودته من المدينة إن على الدولة نزع سلاح المليشيات في ديالى، وحماية سكانها من أعمال العنف التي تقوم بها جهات “معروفة لدى الدولة”.

مليشيات عراقية وإيرانية
مواقع التواصل الاجتماعي بثت عقب الأحداث مقاطع فيديو لعمليات قتل جماعي وتفجير وحرق مساجد المدينة، ويظهر في بعضها مسلحون يتحدثون اللغة الفارسية، مما أعاد طرح تساؤلات عن هوية المليشيات وعلاقتها بطهران، ولماذا تسكت الدولة عن وجودهم رغم علمها بنفوذ هذه المليشيات وممارساتها؟ وعن حجم التغلغل الإيراني في المحافظة ذات الأغلبية السنية المجاورة لإيران.

عضو مجلس محافظة ديالى إيمان عبد الوهاب قالت للجزيرة نت إن من قام بهذه الأعمال هي مجموعات من الخارجين عن القانون ومليشيات مسلحة لأهداف طائفية بحتة، ولم تكن هذه الأعمال ردة فعل على تفجير المقهى الذي كان ضحاياه السنة أكثر من الشيعة، فما جرى بعد هذا التفجير كان مخططا له بغية زعزعة الأمن في المدينة واستهداف سكانها السنة لإجبارهم على الرحيل، على حد قولها.

وأضافت إيمان عبد الوهاب أنه لم يتخذ حتى اللحظة أي إجراء حكومي رادع لمواجهة أعمال العنف، بل ستسعى الحكومة إلى تهدئة الأوضاع ولملمتها “للتغطية على ما حدث”.

لكن النائب عن التحالف الشيعي مازن المازني استبعد أن تكون أعمال العنف هذه موجهة ضد السنة، مضيفا أن حجم الدمار الذي حل في المدينة أضر بالجميع، لكنه لم ينف وجود ما أسماها بالمليشيات السائبة والوقحة -دون أن يحدد هويتها- والتي تريد إحداث فتنة وشرخ اجتماعي بين مكونات المحافظة.

وقال المازني للجزيرة نت إن أغلب فصائل الحشد الشعبي “منضبطة” بتعاليم المرجعية التي تحرم وتجرم مثل هذه الأفعال، فمن قام بهذه الجرائم هم “عصابات مسلحة قائمة على السلب والنهب والترويع”، مشيرا إلى أن الحل الحقيقي لهذه الأزمة يكون بتفعيل الدور الاستخباراتي ومذكرات إلقاء القبض على الجناة، وتشكيل لجان تحقيق للوصول إلى حقيقة ما جرى في المدينة.

الجزيرة نت